تحقيق مصير معلق للسكان الفلسطينيين في الأغوار بسبب "أطماع" إسرائيل

بدوي فلسطيني يرعى غنمًا بالقرب من بلدة طوباس بالضفة الغربية

يخشى الفلسطيني يوسف أسمر من قادم الأيام إزاء مصيره وعائلته التي تقطن في منطقة نائية في الأغوار في الضفة الغربية وتواجه تهديدات متزايدة بفرض اسرائيل السيادة عليها.

ويعمل أسمر (42 عاما) من خربة مكحول في الأغوار - كحال أغلب السكان في الزراعة وتربية المواشي - لإعالة عائلته المكونة من ستة أفراد.

ويشعر أسمر بقلق بالغ لتكرار إعلان إسرائيل عزمها فرض سيادتها على منطقة الأغوار لما يحمله ذلك من مخاطر على مستقبل عائلته وما قد تؤول اليه أوضاعهم نتيجة ذلك.

وكان اسمر شاهد عيان على هجرة نحو 20 عائلة من الخربة في الأعوام الأخيرة.

وقال الكثير من السكان هربوا من إجراءات إسرائيل والمضايقات التي تعرضوا لها.

وأضاف أسمر لوكالة أنباء "شينخوا"، إن فرض إسرائيل سيادتها الكاملة على منطقة الأغوار "يعني تدميرنا كليا وتهجيرنا بشكل قسري".

ويبدي الرجل تمسكه بأرضه التي اعتاد زراعتها بالقمح أو الشعير لماشيته وتبلغ مساحتها ما بين 600 إلى 700 دونم.

ويبقي يعمل فيها طوال نهار كل يوم.

ويقول "اعمل في ارضي طوال اليوم، ليس لدي أية مهنة أخرى اعتاش منها، وأرضي هي كل ما املك ومصدر رزق عائلتي، إذا رحلونا من أرضنا ومنعونا من زراعتها سنواجه التشريد".

ويشتكى أسمر من حرمان إسرائيل السكان الفلسطينيين في منطقة الأغوار من كميات اللازمة لري أراضيهم ما يضيق عليهم عملهم ويقلص ما يزرعونه، معتبرا أن ذلك يندرج في إطار مخطط لتهجيرهم.

وتمثل منطقة الأغوار نحو ثلث المساحة الإجمالي للضفة الغربية، وتعرف بأنها المنطقة الزراعية الأهم، ويقطنها نحو 65 ألف فلسطيني مع نحو 9 آلاف مستوطن إسرائيلي.

وأعلنت إسرائيل مرارا أنها لن تتخلي عن سيطرتها على منطقة الأغوار الواقعة على طول الجانب الشرقي من الأراضي القريبة من الحدود الأردنية لأسباب أمنية.

وبحسب المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بتسيلم"، أغلقت إسرائيل حوالي 20 في المائة من الأراضي في المنطقة على اعتبار أنها محميات طبيعية، واستولت على مناطق في شمال الأغوار لغرض بناء الجدار الفاصل، فيما تستخدم 56 في المائة من الأغوار لأغراض عسكرية.

ويقول المسئولون الفلسطينيون إن "أطماع" إسرائيل في منطقة الأغوار "استعمارية ولأهداف اقتصادية ضمن سعيها للسيطرة على المناطق المصنفة (ج) التي تزيد عن 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية".

وبحسب الخبير في شؤون الاستيطان خليل تفكجي فإن احتمال فرض سيادة إسرائيل على منطقة الأغوار "يعني سيطرة كاملة على المناطق الشرقية للضفة الغربية ومنع أي تواصل جغرافي فيها".

ويقول تفكجي لـ"شينخوا"، إن إسرائيل سوف تخنق وتحاصر القرى والبلدات الفلسطينية الموجودة في مناطق الأغوار ولن تسمح لها بالتوسع، بينما سيتم تجميع البدو والسكان في الخرب والتجمعات السكانية في مكان واحد والاستيلاء على أراضيهم الواسعة في "عملية تطهير عرقي" لسكان المنطقة.

ويضيف أن "الهدف من الضم فعليا هو الاستغلال للمساحات الزراعية الواسعة واستثمارها لصالح إسرائيل بينما يتم بناء مستوطنات جديدة وشرعنة بؤر استيطانية في الاغوار وليس لأهداف أمنية كما تقول إسرائيل لأن الجانب الأردني لديه اتفاقية سلام مع إسرائيل".

وصرح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في الرابع من الشهر الجاري، بأن إسرائيل سيطرت على أكثر من 90 في المائة من مساحة الأغوار، وتحقق أرباحا منها تبلغ 450 مليون دولار سنويا.

ويقول مسئول ملف الأغوار بمحافظة طوباس في السلطة الفلسطينية معتز بشارات إن 19 تجمعا سكانيا بهم أكثر من 3700 نسمة في منطقة الأغوار مهددون بالترحيل بفعل اجراءات اسرائيل المستمرة ضدهم.

وتقام على مناطق الأغوار الفلسطينية 31 مستوطنة إسرائيلية غالبيتها زراعية ويسكنها أكثر من 8 الاف مستوطن، بينما أنشأت إسرائيل في تلك المناطق 90 موقعا عسكريا منذ احتلال العام 1967 وهجرت أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ ذلك الوقت، بحسب بشارات .

ويعتبر الفلسطينيون، أن منطقة الأغوار تمثل جزءً حيويا من الدولة الفلسطينية المستقبلية باعتباره سلة غذاء الضفة الغربية وحدودها الخارجية مع الأردن.

وتقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي إن القيادة الفلسطينية تعمل على خطط متعددة لمواجهة "أطماع" إسرائيل في منطقة الأغوار على رأسها التوجه إلى الهيئات الدولية سواء كانت محاكم أو مجلس الأمن الدولي.

وذكرت عشراوي في تصريحات لـ"شينخوا"، أن المحكمة الجنائية الدولية تتعرض لضغوط مضادة من الولايات المتحدة تعيق فتحها لتحقيق فعلي في عمليات الاستيطان وباقي الملفات المرفوعة لها من قبل فلسطين ضد إسرائيل".

وتعتبر عشراوي أن تهديد إسرائيل بضم منطقة الأغوار جاء نتيجة لدعم الإدارة الأمريكية لها خاصة بعد قرار واشنطن الأخير باعتبار المستوطنات لا تخالف القانون الدولي".

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أعلن مساء الاثنين، أن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات في الضفة الغربية التي احتلها إسرائيل العام 1967 "غير متسقة مع القانون الدولي" في تراجع عن رأي قانوني صدر عن الخارجية الأمريكية في العام 1978، يقضي بأن المستوطنات في الأراضي المحتلة "لا تتوافق مع القانون الدولي".

وقال بومبيو "بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة... على أن (إقامة) مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي".

ويقيم نحو نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرعية فيما أكدت عدة قرارات دولية أحدها صدر عن مجلس الأمن في نهاية ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تدين الاستيطان وتطالب بإنهائه.

ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014 الماضي.

المصدر: شينخوا - وكالة قدس نت للأنباء