هيمن الملف اللبناني على أغلب المنابر الإعلامية حول العالم إثر اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي عصفت بحكومة الحريري، نظراً لمحورية لبنان واستقرارها السياسي على أمن المنطقة ككل. لا يمكن فهم الوضع في لبنان دون إحاطة كاملة بالمحيط الجيوستراتيجي لهذه الدولة، فإلى جانب انعدام الاستقرار السياسي وانتشار الفساد في كل مفاصل الدولة، يحمل اللبنانيون عبئاً إضافياً ألا و هو اللاجئون الفلسطينيون الذين يقارب عددهم 200 ألف نسمة.
اللافت في هذه التحركات الشعبية المساندة القوية التي أبداها اللاجئون الفلسطينيون الذين عانوا من الحرمان والقمع والعنصرية والتمييز ضدهم طيلة سنوات، فعلاقة الفلسطينيين المقيمين بلبنان بالحكومات المتعاقبة لم تكن في أي فترة على ما يرام، ما راكم عضبهم وجعلهم يساندون أي موقف ضد الحكومة وإن لم يخدم مصالحهم بشكل خاص.
السلطة الفلسطينية أشارت غير مرة إلى ضرورة تحسين أوضاع منظوريها على الأراضي اللبنانية عبر الوسائل الدبلوماسية المتاحة، إلا أن تعامل حماس مع هذا الملف أثار جدلاً واسعاً. إذ كشفت تقارير إعلامية عديدة عن محاولات حركة حماس الحثيثة للضغط على الحكومة اللبنانية ووضعها في موقف محرج سواء بتحريك الفلسطينيين وتشجيعهم على التظاهر أو بالتواصل مع طهران حليفة حزب الله الأولى لتنزل بثقلها.
حركة حماس والتي تعتبر نفسها راعية حصرية لمصالح الشعب الفلسطيني، ترغب بشدة في كسب تعاطف الفلسطينيين خارج غزة ما يفسر حدة نقدها للحكومة اللبنانية واتهامها لها في بيانات عديدة بتهديد حياة ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين، عبر سن قوانين عشوائية تهدف لمنعهم من العمل والارتزاق. بعيداً عن معركة المصالح والتجاذبات السياسية، فإن وضع الفلسطينيين في لبنان يحتاج إعادة تقييم عاجلة فلا يعقل أن يعامل شعب مهجر من التمييز والعنصرية في بلد شقيق كلبنان.
رامي عبدالله
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت