كلاكيت لمشاهدِ حُلْمٍ

عطا الله شاهين


 كلّ ليلةٍ يرى رجلٌ تعلو التّجاعيدُ وجهه امرأةً في حُلْمِه.. مشاهد الحُلْمِ مرتبكة، فحين يقفُ أمام المرأةِ المتشحة بألوانٍ زاهية يتلعثمُ لسانه، فيعيد بنفسِه كلاكيت المشهدِ لحُلْمٍ تغلبُ عليه النّظرات والصّمت.. تحاول المرأةُ أن تذكيره بأيّامِ طفولته، حينما كان يلتقي بها في طريقِ عودتهما من المدرسةِ.. كان يسمع كلام أُمّه عندما أوصته بأن يحمي تلك الطفلة من الأطفال المتحرشين بها.. ينظر صوبها، لكنه لم يتذكّرها.. يعيد كلاكيت المشهد من البداية.. رقم اللقطة تجاوز العشرين.. يتمعن مرة أخرى في المرأة، فيدنو أكثر منها، ويقول: عذرا من أنتِ؟ فأنا لا أتذكر وجهكِ! تحاول المرأة في كل مشهدٍ النّطق، لكنها كانت تتراجع.. أرادت أن يتذكّرها هو..
 تتناول في أحد المشاهد رسالةَ حبٍّ مكتوبة بقلم الرصاص، وبالكاد يمكن قراءة النّصّ فيها.. تعطيه الرسالة ليقرأها.. يرتبك، ويعيد كلاكيت المشهد من البداية.. الحلمُ بدا له رائعا.. جوّ الصمت يخيّم على المشاهد، التي تصخب فيها النظرات.. تقترب المرأة في كل مشهد منه، وتحاول الكلام، لكنه كان يقول لها: انتظري.. ففي كل ليلة يعيد كلاكيت لمشاهد حلْمٍ يرى فيها امرأةً بوجهها الهرمِ ترتدي ملابس زاهية اللون.. يحاول في كل مشاهد تذكّرها لكنه لم يتمكن من معرفة تلك المرأة..
يسأل ذاته هل هي تلك المرأة التي كنتُ أكتب لها رسائلَ حُبٍّ بقلمِ رصاص خلسة في غرفتي، وكان القلمُ يتكسّر، وأبريه بهدوء لتكملةِ كتابة الرسالة، لكنها لا تشبهها؟ هل التي أراها في الحلمِ هي روح امرأة تأتي على هيئة شبح، ربما، يصحو من حُلْمِه متوترا، لأنه يريد معرفة من هي تلك المرأة، التي تذبحه في نظراتها كل ليلة رغم إعادة كلاكيت مشاهد الحُلْمِ، إلا أنه يحاول تذكّرها لكن عبثا.. فيبدو أن سيناريو الحلم صعبا أو أنّ الخرفَ بدأ يحتلّ عقله.. فهل سيتذكّرها ذات حُلْمٍ؟..

عطا الله شاهين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت