حقيبة مدرسية أخف

بقلم: المنتصر هنية

مدارس غزة

عاد ابني ذات يوم من مدرسته بعد أن قطع مسافة واحد كيلو متر سيرًا على الأقدام، وتصادفت عودته مع انقطاع التيار الكهربائي وتعطل المصعد، وعندما صعد إلى شقتنا الواقعة في الطابق الرابع، كان أول ما فعله هو إلقاء الحقيبة المدرسية في مدخل البيت ليدخل بعدها متعبًا ويشكو من آلام في كتفيه وظهره من جرّاء حمل الحقيبة والصعود بها إلى البيت.

ابني طالب في الصف الرابع الابتدائي يضطر أن يحمل يوميًا حقيبة متوسط وزنها من 6.5 – 7 كيلو غرام والذهاب بها سيرًا على الأقدام للمدرسة ومن ثم الصعود بها للطابق الثالث بُغية الوصول للغرفة الصفية.

وإذا ما قمنا بتحليل بسيط لهذه الحالة، فيمكننا القول بأن طفلًا ذكرًا في التاسعة من عمره، متوسط وزنه من 19-22 كجم، أما الإناث من نفس العمر فمتوسط أوزانهم من 20-24 كجم يحمل ما يعادل 25% من وزنه صعودًا ونزولاً من وإلى الغرفة الصفية بشكل يومي بالإضافة إلى المسافة التي يقطعها ذهابًا و إيابًا إلى المدرسة، ولو أسقطنا هذا الوضع على طفل يدرس في الضفة الغربية فسنزيد على ما سبق الطرقات الجبلية الوعرة وطلاب القرى النائية التي يقطع الطلبة ما متوسطه 3 كيلومتر للوصول إلى مدارسهم ناهيك عن حواجز الاحتلال المقيتة.

إن مشكلة هذا الوزن للحقيبة المدرسية له تأثيرات ورواسب سلبية تم تناولها في الكثير والعديد من المقالات والأبحاث والرسائل العلمية كالتأثير على نمو العظام وفقرات الرقبة عوضًا عن التشوهات التي ممكن أن تصيب العمود الفقري من تحدب الأكتاف وعدم تساوي مستوى الكتفين والخصرين والصداع والآم الرقبة وضعف التركيز وقد يصل للعزوف عن المدرسة بشكل كلي من قبل الطفل.

وهنا بدأت بالتفكير بإيجاد حل جذري لمشكلة ابني الصغير بشكل يتلاءم مع سياسة المدرسة التدريسية التي تعتمد كتب المناهج الورقية في العملية التدريسية أسوةً بأغلب المدارس في القطاع.. فكانت فكرة " كتاب الشهر".

قمت بشراء نسخة أخرى من كتب المنهاج الدراسي وإعادة تقسيمها بالآلية التالي:

تقسيم كتب المنهاج الدراسي المكونة من 6 كتب دراسية وزارية حسب خطة التدريس الشهرية ، بمعنى أنني قسمت كتاب اللغة العربية إلى أربعة أقسام لنقل مثلاً ( سبتمبر- نوفمبر- أكتوبر- ديسمبر) وهكذا مع باقي المواد ومن ثم تجميع أقسام جميع الكتب حسب الشهر وليس حسب المادة.

مثال: دروس شهر سبتمبر لجميع المواد يتم تجميعها في كتاب واحد يُسمى كتاب " شهر سبتمبر"، وجميع دروس المواد المقرر تدريسها في شهر أكتوبر يتم تجميعها في " كتاب أكتوبر" وهكذا مع باقي الأشهر؛ وبالتالي يقوم الطفل

بحمل كتاب واحد يحتوي على جميع المواد الدروس الخاصة بهذا الشهر لمدة شهر كامل بدلاً من 6 أو 7 كتب مُضاف لها الدفاتر المخصصة للمواد.

وكانت النتائج؛

أن مشروع فكرة " كتاب الشهر" من شانه أن يخفض وزن الحقيبة المدرسية إلى النصف دون التأثير أو المساس بالمادة المقررة، إضافة إلى تخفيض عدد الكتب المطبوعة إلى 4 كتب بدلاً من 7 أو 8 كتب، وبذلك نكون قد شاركنا أبننا في حمل جزء كبير من وزن حقيبته المدرسة ورفعنا عن كاهله المشكلات الصحية والنفسية التي كان من الممكن أن يتعرض لها في مستقبله القريب والبعيد.

ومن هنا، أُقدم فكرة مشروعي للمسئولين والقائمين على قسم المناهج في الوزارة باعتماد هذه الفكرة ولو بشكل تجريبي ودراسة آثارها القريبة والبعيدة على الأطفال وصحتهم النمائية وعلى الموازنة المخصصة لطباعة الكتب المدرسية.

بقلم/ المنتصر هنية

مشرف تربوي بجامعة الأقصى- غزة

بكالوريوس تكنولوجيا التعليم والعلوم التطبيقية

ماجستير مناهج وطرق تدريس العلوم

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت