بتسليم السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رسالة موافقة حركته بخصوص إجراء الانتخابات إلى الدكتور حنا ناصر ، تكون الحركة قد حسمت موقفها من إجراء تلك الانتخابات ، بشروط رئيس السلطة السيد محمود عباس ، مسقطة بذلك شروطاً كانت لوقت قريب تمثل عقبة أمام إنجاز الاستحقاق الانتخابي ، الذي تأخر عن موعده عشر سنوات . أول تلك الشروط ، إسقاط التلازم لصالح التزامن بما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية . وثانيها ، إسقاط الحوار الوطني ، لصالح المرسوم الرئاسي أولاً ، الأمر الذي يؤكد أن سقف العمل السياسي محكوماً باتفاقية " أوسلو " .
ومن ثم عقد اللقاء الوطني . وثالثها ، عدم إلزامية رئيس السلطة بإجراء انتخابات المجلس الوطني بالتلازم مع الرئاسية والتشريعية ، على أن تكون خطوة على طريق انتخابات المجلس في أقرب وقت . رسالة حماس بما حملته من تطمينات وتعهدات لن تكون نهاية المطاف على طريق استكمال خطوات إنجاز هذا الاستحقاق ، بل سيبقى الهاجس والتوجس يطبع العلاقة بين الحركتين . فلا حركة فتح تركن إلى الإطمئنان لحماس ، وكذا حركة حماس التي تبادلها نفس الشيء ، طالما أن الانقسام سيد المشهد والموقف في الساحة الفلسطينية ، بعد سيل من الاتفاقات التي انتهت في العودة إلى مربع الانقسام وتحميل وإلقاء المسؤوليات على بعضهما البعض . هذا لا يعني أننا سعداء بذلك ، ولكن الوقائع ، والمسيرة الطويلة لتلك العلاقة السيئة بين حماس وفتح ، هي ما تدفعنا للتقليل من حماستنا وتشككنا بإجراء تلك الانتخابات ، أو بنتائجها بالبناء على انتخابات العام 2006 . ولنا أسبابنا :-
- الانتخابات إذا ما جرت كما هو مفترض حتى الآن ، على اعتبار أنّ المرسوم الرئاسي لم يصدر بعد . فمن هي الجهة الضامنة لنزاهتها ، أهي السلطة ، أم حماس ، حيث الثقة بينهما معدومة ، والانتخابات بالنسبة إليهما أم المعارك ، إذا ما حصلت - كيف ستجري الانتخابات والانقسام السياسي والجغرافي لا يزال قائم ، وكلا الطرفين يتمترس عند شروطه ، على الرغم أن حماس قد وافقت على رؤية الفصائل الثمانية لإنهاء الانقسام - تحت أي سقف سياسي ستجري تلك الانتخابات ، سقف اتفاقات " أوسلو " ، أم برنامج حماس ، الذي أطاح بحكومتها في انتخابات 2006 . إلاّ إذا كانت حماس قد وضعت في حساباتها أن تتعاطى مع مترتبات " أوسلو " - لنفترض أن فتح وحماس قد سهلا حملاتهما الانتخابية لبعضهما البعض ، هل في مقدور السلطة اتخاذ الخطوات التي تفرض على الاحتلال الصهيوني في الضفة بعدم التعرض لأنصار ومحازبي ومرشحي حماس
، وتركهم يتحركون بحرية ؟ - من الجهة الضامنة على تنفيذ نتائج الانتخابات ، حتى لو وقع الطرفان على وثيقة الشرف المُلزمة التسليم بنتائج الانتخابات . وهل ستسلم حماس قطاع غزة لفتح في حال فوزها ؟ . والعكس هو الصحيح تماماً - من خارج مشيئة حماس وفتح ، هل الاحتلال سيوافق على إجراء الانتخابات في القدس ؟ ، خصوصاً أن وضعية القدس في العام 2019 مختلفة عن العام 2006 . اليوم هناك اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة موحدة للكيان ، والتهويد وصل مستويات غير مسبوقة للمدينة وأحيائها . إلاّ إذا مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف الذي رحبّ بقرار رئيس السلطة إجراء الانتخابات ، قد حصل على الضمانات اللازمة من الكيان الصهيوني في الموافقة على إجرائها في القدس ، وهذا مشكوك فيه - هل تعي الحركتان مدى خطورة فشل التسليم بنتائج الانتخابات أياً تكن ؟ .
وهي ستكون كارثية أكثر مما عليه اليوم - هل البيئة الفلسطينية في كل من القطاع والضفة مؤهلة للانخراط في تلك الانتخابات ؟ ، من خلفية أنها استحقاق وطني حقيقي ، أم من خلفية كمن يريد حج خلاصه . فالقطاع يئن تحت وطأة الحصار والفقر والتهميش ، والضفة التي تئن من وطأة الاحتلال وسياساته الإجرامية تحت سمع وبصر السلطة التي لا تحرك ساكناً وأخيراً ماذا ستغير الانتخابات ، هل ستنهي الانقسام وهناك من فرضّ مشيئته برفض عقد اللقاء الوطني قبل صدور المرسوم الخاص بالانتخابات ؟ .
وهل ستعيد للقضية الفلسطينية حضورها ، كقضية مركزية لأمة أصبحت أنظمتها في أغلبيتها حليفة للكيان الصهيوني ؟ . وهل ستوقف إجراءات العدو في تهويد القدس ، واقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى ؟ . وهل ستوقف استفحال الاستيطان ، وتراجع بومبيو عن اعتبار الاستيطان لا يتناقض مع القانون الدولي ؟ . وهل ستضع قرارات المجلس المركزي والوطني موضع التنفيذ ، في سحب الاعتراف بالكيان ، والخروج من اتفاقات " أوسلو " ، وإنهاء العمل بمندرجاته الأمنية والاقتصادية ؟ . وهل سترفع الحصار عن قطاع غزة ، لينعم أهله الفقراء بالحياة الحرة الكريمة ، توقف التسول باسمهم من دول تريد الاستثمار السياسي لصالح مشاريعها المشبوهة ... الخ
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت