الاعلام الحزبي المنتشر بربوع الوطن بوسائله المرئية المسموعة والمقروءة .... وبتواضع امكانياته وضيق مساحة عمله .... يعمل منذ تأسيسه على ترسيخ رؤية تنظيمية اساسها ومبادئها لخدمة التنظيم واهدافه في سياق خدمة الوطن وتطلعاته . برؤية تحليلية وشاملة حول كافة قضايا الوطن والمواطن نؤكد على عدم وصول الاعلام الحزبي الى درجة يمكن من خلالها الوصول الى حيثيات الواقع ومشاهداته وعدم قدرة التحليل الموضوعي للقضايا والازمات المجتمعية ... الاقتصادية ... الانسانية اذا ما تم اضافة حقيقة الازمة السياسية والعلاقات الوطنية ... وعدم القدرة على ترسيخ ثقافة ديمقراطية .. ووعي سياسي قادر على الفصل ما بين الخطاب الموضوعي ... والشعارات التي تأتي ضمن التمنيات .
الاعلام الحزبي كان مؤثرا بالمجال النقدي والتعبوي وما نشاهد على مدار سنوات طويلة من حالة الخلط ما بين العام الوطني والخاص التنظيمي ... مما احدث فجوة ومساحة فارغة .. مفرغة لم يستطع فيها الاعلام الحزبي من التأثير المطلوب الا في جوانب محددة واستثنائية . وكما الاعلام الحزبي وتعثره في معالجة قضايا المجتمع وتسليط الضوء عليها الا من خلال النقد الذي يخدم الموقف التنظيمي وحالة التجاذب والمناكفة لإظهار قصور هنا او هناك .
وكما كان الاعلام الحزبي على هذه الحالة التي يعيشها والتي تحتاج الى الكثير من استنهاض طاقاته وتنمية قدرات الكوادر المهنية والفنية وسلامة الخطاب ... كان الاعلام الرسمي بحالة سكون ورضى حتى لا يخطئ التقدير والحساب ... بما يمكن ان يفعل ويخرج عنه من كلمة او تحليل قد تؤثر بطريقة او باخرى في العلاقة مع دول الاقليم .... او حتى بما يتعارض مع الاتفاقيات الموقعة وما جرت عليه العادة من دعاية اسرائيلية تتهمنا بالتحريض والعنف والعنصرية وهذا لم يكن صحيحا بالمطلق في ظل اعلام اسرائيلي كان محرضا ودافعا لقطعان المستوطنين واليمين المتطرف للقتل والحرق وقطع الطرق . الاعلام الرسمي كان ولا زال فيه الكثير من الايجابيات كما الاعلام الحزبي ... لكنه لا زال يعيش حالة قصور معرفي وفكري وتعبوي في ظل حالة التوهان وعدم الثبات على ركائز الخطاب ومكوناته واهدافه ... كما يعاني من عجز التغطية الشاملة لكافة قضايا المجتمع وازماته لأسباب عديدة قد يكون التحرك وحريته سببا فيها .... وقد يكون بقلة الموارد سببا اخر لكننا بالمجمل يجب ان نسلط الضوء على ما نعاني وما ينتاب اداءنا من قصور يصل ببعض المراحل لحالة من التخبط والارتباك وكأننا نضل الطريق ... ونهاب الاقدام !!!!!
هذه المقدمة المتواضعة حول الاعلام الحزبي والرسمي ندفعنا ونحن مقبلين على عملية انتخابية ديمقراطية تشريعية ورئاسية نسعى اليها ليس من باب الترف الفكري وليس بمحاولة اظهار مدى الديمقراطية التي نعيشها .. لكنها انتخابات المخرج من حالة كارثية وازمات طاحنة لا زالت فصولها قائمة ومدمرة لبنية المجتمع واجياله المتعاقبة . ونحن عندما نتحدث عن الاعلام بوسائله المرئية والمسموعة والمقروءة وبمجمل شبكات التواصل والمواقع الاخبارية فان هناك كتلة بشرية تمثل الاغلبية الصامتة داخل المجتمع الفلسطيني يأتي صمتها من ظروفها وحياتها ومتطلباتها العديدة ... كما يأتي صمتها من فقدان الثقة بالقوى السياسية واعلامهم والمتحدثين باسمهم .
اغلبية صامتة تزداد باتساع قاعدتها ... لكنها ليست مجمدة وخارج سياق ما يجري بل تعيش كافة التفاصيل وتطلع على كافة حيثيات الواقع وعلى كل ما يقال ويجري وما وصلت اليه الامور .... لكنها الاغلبية الصامتة التي ترى في صمتها وعدم توضيح موقفها وانحيازها حتى يأتي الموعد الانتخابي للذهاب الى صناديق الاقتراع واعطاء صوتهم لمن يستحقون وحتى يعاقبوا من لم يشعر بهم . الاغلبية الصامتة تمارس العملية الديمقراطية بكافة اركانها واساليبها وحتى نتائجها المنتظرة والتي ستدفع بها الى قول كلمة الحق والفصل بكل شجاعة وقدرة وحكمة لمعرفتهم بمصالحهم الوطنية والتي تخدم تاريخهم الوطني ومسيرتهم الكفاحية والنضالية وثورتهم المعاصرة والممتدة وشرعيتهم المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .
الاغلبية الصامتة لا يعتقد احد انها تجهل الحقيقة وان بالإمكان ان تؤخذ الى طريق اخر غير محسوب العواقب والنتائج .... لانها اغلبية تكونت واصبحت صامتة بفعل ازمات طاحنة وقصور واضح وانقسام اسود لا زلنا نعيش فصوله الاخيرة . من هنا تكمن قوة الاغلبية الصامتة ومدى قدرة الاعلام المطلوب لمخاطبتها والتعاطي والتعامل معها بحكمة وقدرة موضوعية وبنزاهة مهنية وبشفافية عالية ووضوح لا لبس فيه .
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت