زيارة رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس إلى قطر ، كيف يمكن قراءتها ، وفي أي إطار يمكن وضعها . هل في إطار المشاورات والعلاقات الثنائية بين الطرفين ؟ ، أم أن هناك أمر ما استدعى هذه الزيارة ؟ . من الواضح وحسب ما سربته بعض وسائل الإعلام ، أن النقطة المركزية على جدول أعمال الزيارة ، هي الانتخابات المنوي إجرائها في أراضي السلطة والقدس ، من خلفية أن الدور القطري في التسوية ، وإن كان دوراً وظيفي ، غير أنه هام ، لما تمتلكه قطر من إمكانيات مادية هائلة أولاً ، ومن قدرة على الذهاب بعيداً في العلاقة مع الكيان الصهيوني ثانياً .
إذا ما صدقت وسائل الإعلام حول خلفية الزيارة فمنطق الأشياء ، أن السيد أبو مازن يريد من القطريين التدخل لدى حماس في أمرين ، الأول ، جدية حماس في تذليل العقبات أمام إجراء الانتخابات ، وهذا قد حصل وإن لم تتدخل قطر ، لما تتمتع به حماس من براغماتية عالية في التعاطي مع ملف على أهمية بالغة لديها كالانتخابات ، وهي تُدرك أن نجاحها سيعيد فتح الكثير من القنوات الدولية معها - ( وهي في الأصل لم تنقطع وإن عن طريق الوسطاء ، وقطر أهم هؤلاء ) - ، لذلك هي أسقطت مطالبها لصالح مطالب رئيس السلطة ، حتى لا يقال عنها أنها معرقلة ومعطلة لتلك الانتخابات . أما الثاني ، فقد يكون على علاقة في إقناع حركة حماس أن تخوض كل من فتح وحماس الانتخابات في لائحة واحدة . السؤال الذي يتبادر لدى الكثيرين ، لماذا يريد رئيس السلطة ومعه حركة فتح خوض الانتخابات بلائحة موحدة مع حركة حماس ، أو مع الفصائل الأخرى بما فيها حماس ؟ .
قبل البحث عن الإجابة ، نطرح سؤالاً على السلطة ، هل وضعت في حساباتها أن حماس تختلف معها على البرنامج السياسي ، وسقفه اتفاق " أوسلو " ؟ ، أم أن السلطة وحركة فتح يريدان الاستقواء بحماس والفصائل للخروج من مأزق " أوسلو " ومترتباته ، تنفيذاً لقرارات سابقة ؟ ، وهذه نكتة ثقيلة . إذاً هناك أسباب أخرى بتقديري أنها تندرج في سياقين ، الأول ، هي لمواجهة محمد دحلان وتياره في الانتخابات القادمة ، وهم بالمناسبة لهم حضور لا يستهان به سواء في قطاع غزة أو الضفة .
أما الثاني فهو افتراضي ، هل هناك من طلب من رئيس السلطة إجراء الانتخابات ، وهو ما استجاب له بالإعلان ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة عزمه إجراء الانتخابات العامة . وهذا الطلب بتقديري قد يكون من دول يعتقد أنها تعمل على قبول فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة ، لذا وتحضيراً للبدء بالإجراءات لابد من تجديد مؤسسات السلطة وفي مقدمتها الرئاسية والتشريعية . وهو من أجل تلبية تلك الشروط ، وتحقيق المطلوب وجد السيد أبو مازن ضرورة إيجاد البيئة التي تساعد على إنجاز هذا الأمر .
أياً تكن الخلفية ، لكن لا تزال هناك الكثير من العقبات أمام إجراء الانتخابات ، أو ما سينتج عنها ، وتحديداً ما يتعلق أولاً ، بالبرنامج السياسي والرؤى السياسية المتعارضة ، أو في توجهات الفصائل نفسها وقبولها المشاركة أصلاً في الانتخابات ، أو في قائمة إئتلافية موحدة ثانياً . أما ثالثاً ، فالبقية الباقية من قوى ونخب وأصحاب رأي ، وشخصيات وطنية ، وفعاليات اقتصادية واجتماعية ، ومؤسسات المجتمع الأهلي ، ومنظمات حقوقية وغيرهم ، الذين سيقرأون في خطوة التوجه لتشكيل لائحة موحدة من الفصائل إقصاءاً وتهميشاً متعمداً لهم .
الأمر الذي سيدفع هؤلاء إلى تشكيل اصطفافات ولوائح لخوض الانتخابات ، أملاً في إحداث التجديد في الطبقة السياسية المترهلة . ويبقى رابعاً ، الصراع بين مراكز القوى داخل السلطة وحركة فتح ، ذات التأثير المباشر في السير أصلاً بالانتخابات من عدمه . وتجربة انتخابات 2006 لا تزال ماثلة أمام أبناء الحركة ، الأمر الذي مكنّ حركة حماس من الفوز بأغلبية ساحقة لمقاعد المجلس التشريعي .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت