ما إن صدرت تلك اللائحة المشؤمة الجبانة من أولئك البرلمانيين، الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على شؤون الجزائر السيدة، من تلك القوى الأجنبية المعادية للجزائر التي لم تعجبها ولم ترتاح لسلمية الحراك الشعبي، وما حققه من إنجازات على مختلف الأصعدة، حتى توالت بيانات ومسيرات التنديد والاستنكار، من مؤسسات الدولة السيادية الى الشرفاء من حكومات وبرلمانات الدول الشقيقة والصديقة، الى مختلف أطياف المجتمع المدني وفواعله الثورية والسياسية والنقابية والرياضية والإعلامية، في صوت وشعار واحد "لا للتدخل الاجنبي ..
نعم للرئاسيات والمسار الديمقراطي". كيف لا يعرف أولئك الحمقى ...؟ أن في الجزائر مجتمع قوي يرفض المهانة والذل، كيف لا يعرف هؤلاء أن في الجزائر شعب لا يقبل أي طريقة من طرق التدخل، لا من بعيد ولا من قريب شعب واع مدرك، الادراك التام والمطلق بما يحاك من سيناريوهات ضده، للزج به في فوهة البركان وزرع الفوضى في صفوفه وبين أبنائه، شعب أنتج مؤسسة عريقة عراقة تاريخه المجيد، وهي مؤسسة جيشه التي برزت في أشد الأوقات، لتصحِّح المسار حتى تحمي خيارات الشعب وترافق حَراكه نحو استعادة ثروته وتطهير مؤسساته من العبث، شعب مجاهد فجّر الثورة التحريرية المباركة، وانتصر على الاستعمار الغاشم بفضل وحدته وتمسكه القوي بسيادته، شعب لازال يواصل الكفاح من أجل جزائر حرة مستقلة بأولادها وشبابها، نساءها ورجالها وشيوخها، لاسيما وأنها تعيش تحولا ديمقراطيا عميقا لكونها مقبلة على استحقاق رئاسي هام سيفضي إلى اختيار رئيس للبلاد بطريقة شفافة ونزيهة بعد أيام، ستكون أفضل رد على أذناب أوروبا، حينها سيكون الرد بليغا وحضاريا وبمثابة صفعة مدوية أخرى في وجه هؤلاء المتطاولين على شمس العرب وقمر ليله الدامس، ستكون الصفعة قوية تضاهي -على حد وصف قائد جيشنا الباسل - قوتها تلك التي تلقوها من طرف أسلافنا الميامين منذ بداية الاحتلال الفرنسي سنة 1830، خلال المقاومات الشعبية الباسلة المتواصلة، مرورا بالثورة التحريرية المجيدة وإلى غاية الاستقلال، حيث لقنوا المحتل الغاشم أبلغ الدروس في حب الوطن والتمسك بالأرض ورفض الاستعباد مهما كانت التضحيات، وأكدوا للخونة والعملاء أن مصيرهم الحتمي هو الخزي والعار، فالوطن غال ونفيس، لا يباع ولا يشترى مهما كان الثمن.
إنّ ورقة التدخل الخارجي مستهجَنة بصفة جماعية، لكونها تدخل سافر في الشأن الجزائري الداخلي من قبل بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، الذي تجاهل كل الأعراف الدبلوماسية، في الوقت الذي غض فيه الطرف عما يحدث من انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان في العالم، وفي مقدمتها حقوق الطفل والمرأة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وفي فلسطين خاصة، حينها عرف شعبنا ولايزال يقدم أروع صور التضامن والتآزر والتلاحم، رافضا وبشكل قطعي محاولة البرلمان الأوروبي، التدخل في شؤون بلاده الداخلية، ملقنا العالم أجمع درسا في الوطنية الحقة، ومثبتا أن للجزائر رجال ونساء قادرون على الدفاع عنها، لأنهم وبكل بساطة ينتمون لشعب المعجزات الذي يدرك معنى السيادة الوطنية، ويقدرها حق قدرها، لأنها تحققت بفضل تضحيات الملايين من الشهداء الأبرار. بكل موضوعية واحترام، لا مشكلة في بناء العلاقات الدولية، على أسس الاستفادة والإفادة والمصلحة المشتركة، أما أن يريد بعض خرفان المجموعة الأوروبية، التعامل مع الجزائر وفق مبدأ استكبار واستعلاء، فهذا سيجعلنا نثور ونثور ... وثورة "خايبة " ونارنا "لاهبة" لا يقاوم عجائز أوربا جحيمها ولا يقدرون على إخمادها، حينها ستأتي على الأخضر واليابس، ويكفرون بعدها بلعنة اسمها "الجزائر "... سلامتك يا وطن !!!
بقلم: عماره بن عبد الله كاتب جزائري
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت