قبول حماس بالمشفى الأمريكي خطوة مرفوضة

بقلم: رامز مصطفى

رامز مصطفى

ما أن انتهت الجولة الأخيرة من المواجهة مع العدو الصهيوني وآلة قتله ضد قطاع غزة ، وسلمت قيادة حماس بشخص رئيسها السيد اسماعيل هنية رسالة الأجوبة المتعلقة بإجراء الانتخابات إلى الدكتور حنا ناصر ، حتى نبشت قضية المشفى الأمريكي الذي بدأ إقامته في شمال القطاع ، كجزء من التفاهمات بين حماس والكيان عبر الوسيطين المصري والقطري . واستعرت نيران السجال حول هذا المشفى ووظيفته وأهدافه ... الخ .
من دون رتوش أو تدوير للزوايا ، المشفى الأمريكي موضع شبهة أسأت وتسيء لحماس ، ولا مبرر لقبولها على أرض القطاع تحت أي مبرر وخصوصاً الإنساني . من خلفية أن هذه المنظمات الدولية على مختلف مسمياتها أو عملها ، هي ليست جمعيات خيرية تقدم الخدمات بالمجان ، بل هناك أثمان مطلوبة . ناهينا عن أن المشفى جاء نتيجة لتفاهمات حول التهدئة ، وهذا لا تنكره حماس ، بمعنى أنها أتت من رحم اتفاق ولنسميه ما شئنا أمني أو عسكري أم سياسي ، أو الثلاثة مجتمعين . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لماذا حصراً من الولايات المتحدة ؟ ، التي يُقتل شعبنا ومُقاومينا بطائراتها وأسلحتها ، وتمد الكيان بكل أسباب القوة ، وتمنع عنه المساءلة القانونية والأخلاقية على جرائمه ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا ، وهي التي اعترف رئيسها بالقدس عاصمة للكيان ونقل سفارة بلاده إليها ، وعملت ولا زالت على تصفية قضية اللاجئين عبر إنهاء وظيفة الانروا .
وليس أخر فصول تأمر هذه الإدارة على قضيتنا ، ما صرحّ به وزير خارجيتها بومبيو ، عن أنّ الاستيطان لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ، وفق خطة خارطة طريق لتنفيذ ما يسمى ب" صفقة القرن " من دون الإعلان عنها حتى الآن . حماس المعنية بمواجهة مؤامرة " صفقة القرن " الصهيو أمريكية ، والهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية ، بما تم ذكره في السياق ، شأنها في ذلك كما باقي الفصائل ونخب الشعب الفلسطيني أينما تواجد داخل الوطن المحتل وخارجه .
 كيف سيستقيم رفضها لصفقة ترامب – نتنياهو ، في الوقت الذي يتم الشروع وتشريع هذا المشفى في قطاع غزة مع كل ما ذكرته حماس عن الضوابط الصارمة في عدم التهاون مع أية مخالفات أو انتهاكات تقدم عليها إدارة المشفى القادمة إلينا بعد انتهاء مهمة معالجتها لجرحى الإرهابيين الذين عاثوا خراباً ودماراً في سورية . مضافاً لذلك ، هل نحن أصبحنا أمام ترسيخ وترسيم واقع الانقسام الجغرافي بعد السياسي ؟ .
وفي المقلب الآخر المتعلق بانتقادات السلطة لإقامة المشفى الأمريكي في قطاع غزة ، لا أرى أن هناك أحقية في الانتقاد ليس دفاعاً عن خطوة حماس المرفوضة ، بل لسبب بسيط أن السلطة بإجراءاتها العقابية ضد أبناء القطاع قد أسهم في تأزيم الأوضاع الاقتصادية هناك ، والسلطة بهذا المعنى لا يحق لها التباكي ، وهي تتحمل المسؤولية . وانتقادها يأتي من خلفية مناكفة حماس على حساب وجع الناس ومعاناتهم . هذا أولاً ، وأما ثانياً ، فالانتقادات لا محل لها ، على اعتبار إذا كانت حماس تريد فتح بوابات للحوار مع الولايات المتحدة ، بحسب ما دعا إليه الكاتب ابراهيم المدهون عبر تغريدة قال فيها : " ما المانع أن يكون لحماس علاقة وتواصل بأمريكا ؟ ، ولماذا تخشى السلطة من انفتاح المقاومة على العالم وتريد حصرها وعزلها ، لأنها تدرك أن العقل السياسي المتحجر الضيق يزول ، والعقل الواعي المنفتح يدوم ويتمدد ويبقى " . فإن السلطة التي تنتقد هي نفسها غارقة في علاقاتها ليس مع الأمريكي وحسب بل والإسرائيلي .
 رامز مصطفى كاتب فلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت