في العام 1996 لم أتردد في الادلاء بصوتي في إحدى القاعات الواقعة في أبو ديس لانتخاب مجلس تشريعي، مع اني كنت وما زلت أسكن قرب مركز الاقتراع في قدسنا العربية، وهو مركز البريد في شارع صلاح الدين. وأديت واجبي دون الاكتراث بموقع صندوق الاقتراع لأني وما زلت اعتبر ابو ديس جزءاً من مدينة القدس، ولم تكن هناك أي عوائق للوصول الى تلك المنطقة.
أما في عام 2006، وبعد اقامة الجدار العنصري فقد رفضت الادلاء بصوتي في الانتخابات الثانية للمجلس التشريعي مع ان العديد من الأصدقاء سواءً أكانوا مسؤولين في السلطة أو في القطاع الخاص حاولوا تشجيعي على أداء دوري الديمقراطي. وكان سبب الرفض لأني اعتبر اني مقدسي انتمي الى القدس، ولدت فيها، واعيش فيها، ولم أعطِ فرصة لسلطات الاحتلال في اعتبار التصويت في مركز اقتراع خارج حدود المدينة في منطقة الرام تنازلاً مني عنها، واعترضت على وضع اسمي ضمن أصحاب حق الاقتراع في الرام، وليس في مكتب البريد في شارع صلاح الدين الذي يبعد عن منزلي سوى عشرات الأمتار!
وجاء الرفض من منطلق اني أؤمن بأن القدس عاصمة دولة فلسطين، ويجب التمسك بهذه القناعة مهما كلف الثمن. ومؤخراً، وبعد مرور أكثر من 13 عاماً على انتخابات عام 2006 سررت حينما بدأ المسؤولون الفلسطينيون القول والاصرار على ان ابن القدس يجب أن يدلي بصوته في مراكز داخل حدود القدس. واني اتمنى من كل قلبي أن يتم التمسك بهذه المقولة، لأنه ليس من المعقول ان أدلي بصوتي لانتخاب من يمثلني خارج مدينتي وعاصمتي. ويجب اجبار اسرائيل على الاعتراف بأن القدس مدينة محتلة، وهي ستبقى العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية اذا ارادت تحقيق سلام شامل وعادل ودائم!
وأمنيتي الكبيرة في أن الذين يجمعون الاسماء اعدادا لسجلات أصحاب الاقتراع ان يكونوا واعين في اختيار الاشخاص، إذ أنهم في عام 2006 سجلوا مئات الاسماء لأشخاص يعملون في دوائر رسمية اسرائيلية، ولذلك فان هؤلاء لم يدلوا بأصواتهم حفاظاً على مصدر رزقهم ورواتبهم لانهم خشوا ان تصويتهم سيؤدي الى فصلهم عن العمل، والقول لهم اذهبوا واعملوا في مناطق السلطة وليس هنا في القدس، وبالتالي كانت نسبة الاقتراع للمقدسيين قليلة!
إن موضوع الادلاء بالصوت المقدسي في القدس هو مهم، ويجب التمسك به، ورفض أي حلول أخرى وسطية. وكلي ثقة في ان لجنة الانتخابات المركزية ستهتم اكثر من الماضي في اسماء اصحاب الاقتراع بالقدس، وألا يكون أي مقدسي خارج هذه السجلات، وألا يكون صندوق اقتراعه خارج القدس.
جاك يوسف خزمو/الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر
القدس 11/12/2019
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت