دولة فلسطين قادمة بالرغم من كل ما نحن عليه وما يتداخل واقعنا وما يظهر من افعالنا ... وبما نحن عليه من ضيق احوالنا .. وبؤس علاقاتنا ... وسوء تقدير مواقفنا ... وكيفية ادارتنا لعلاقاتنا الداخلية ... وسوء اداء اعلامنا وخروجه عن مضمون مهامه ليدخل بمنزلق الخلافات والانقسام وتعزيز ثقافة الخلاف بديلا عن دوره المناط به ومهامه الاساسية بتعزيز الوعي وثقافة الوحدة والتسامح والتكافل الذي يجب السعي لتحقيقها .... وبما تتطلبه مصالحنا الوطنية العليا بعيدا عن كافة الاجندات الخاصة التي لم ينتج عنها الا كل سوء ونتائج . المشهد الفلسطيني بحقيقة الواقع ودون مجاملة يغضب ولا يفرح ... ولا يجيب على العديد من الاسئلة التي تطرح على الدوام واهمها الى اين نحن ذاهبون من خلال هذا الواقع بكل معطياته وتفاصيله ؟!!!!
سيقول البعض ... وربما الكل وبجملة واحدة صامدون مرابطون الى فلسطين من شمالها الى جنوبها ومن نهرها الى بحرها ... ومنا من يقول الى فلسطين الدولة بعاصمتها القدس الشرقية انسجاما وتوافقا مع الشرعية الدولية وقراراتها وبما يمكن ان ينتج من خلال مفاوضات سياسية . واقع المشهد يتحدث ان فلسطين المسلوبة والمنهوبة والمغتصبة لم يتبقى منها ما نتحدث عنه ... كما ان السياسة اليمينية الاسرائيلية ومشاريعها الاستيطانية والامنية والسياسية لا تتحدث عن امكانية دولة فلسطينية وبأحسن الاحوال عن جزء لا يتعدى 12% . استيطان سرطاني نهب الارض وغير معالمها واحدث التغيرات بديمغرافيتها وفي ظل القدس التي تهود بأحيائها وازقتها وجبالها ولم يتبقى الا المسجد الاقصى وضواحي القدس وما يجري التلاعب بارضها من تهويد واستيطان . فصائلنا العتيدة لا زالت تصارع نفسها ومع غيرها حول العديد من الشعارات والمواقف الوهمية بمعظمها والمصلحية بشخوصها ... يتصارعون تحت شعار من يقود .. ومن يقاد .. يتنافسون والحقيقة انهم يتصارعون حيث لم يتبقى بين ايديهم ما يمكن ان يتصارعوا عليه . ما نحن عليه وبصراحة باسوأ مرحلة تاريخية منذ النكبة الكبرى ... وحتى وصلنا الى نكبة الانقسام . النكبة الكبري بالعام 48 شردنا وهجرنا وما اصابنا من جوع وفقدان للمأوى لكننا لم نفقد معنويات عالية وأمال متعاظمة .... تمسك كل منا بمفاتيح بيته وكواشين ارضه كنا نعيش الامل بالعودة حتى وان كانت لم تحدث بعد عقود طويلة ....
الا ان الامال لا زالت مغروسة بالقلوب ومتجسدة بالعقول وذاكرة الاجيال ... أما هذا الانقسام الاسود التي جاء بحكم اهداف خبيثة ومؤامرة اسرائيلية امريكية هدفها الرئيسي انهاء المشروع الوطني واسقاط منظمة التحرير وادخال اليأس والاحباط بداخلنا وابعادنا عن امكانية قيام دولتنا بعاصمتها القدس الشرقية حتى اصبحت نكبة اكبر من النكبة الكبرى وربما سيسأل سائل لماذا ؟!!!! النكبة الكبرى شردت ... هجرت ... قتلت... من خلال جرائم و مجازر صهيونية لكن المعنويات عالية ... والآمال متعاظمة بالعودة . كنا نعيش الامل بالعودة وأبقينا على مفاتيح بيوتنا وكواشين ارضنا ولم يدخل اليأس بداخلنا من امكانية العودة الى ارضنا وبيوتنا ومزارعنا . لكننا بالانقسام الاسود الملعون بأسبابه ونتائجه الكارثية قتل المعنويات ... وهجر الشباب ... وافقر العائلات ... واحدث الجوع والمرض وقتل كل الآمال .... واسقط الكثير من المنظومات ....
وصنع العديد من الازمات التي تحتاج لسنوات لإمكانية علاجها الانقسام الذي ليس له مبرر وطني ... كما ليس له سبب يمكن البناء عليه وطنيا ... ولكنه بأسبابه ونتائجه خدمة اسرائيلية أمريكية لشطب قضيتنا والعالم اجمع يقف معها ويدعمها الا هاتين الدولتين اسرائيل وامريكا ... برغم قرار الكونغرس الامريكي الداعم لنا . سوء حالنا ... وتقديرنا لما يجب عمله وفعله ... الا ان الصحوة الوطنية ما بعد الغفلة جاءت من خلال عنوان شرعي وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ... وانطلاق الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ... والتي صنعت لنا بصيص أمل في ظل بؤس وحرمان وانقطاع . اليوم وما بعد عقود طويلة نجد ان منظمة التحرير الفلسطينية اصبحت عنوان الشرعية الوطنية والمدخل الحقيقي والوحيد للاعتراف بدولة فلسطين بالأمم المتحدة وبكافة المؤسسات العربية والاسلامية والافريقية . اليوم مجلس التعاون الخليجي يدعم دولة فلسطين .. ويرفض الاستيطان والاحتلال في اطار موقف عربي داعم ومساند ومبادرة سلام عربية لا زالت قائمة ويتجاهلها المحتل الاسرائيلي ووزير خارجية لوكسمبورغ الذي يعمل من خلال مبادرته لاعتراف الاتحاد الاوروبي بقيام دولة فلسطين ...
والجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية اعضاءها يؤيدون قيام دولة فلسطين وفلسطين التي تشارك بعشرات المؤسسات الدولية وتترأس مجموعة 77 + الصين والتي تمثل ما يقارب 140 دولة ... كما ان فلسطين اليوم دولة مراقب بالأمم المتحدة على طريق ان تصبح دولة كاملة العضوية وعشرات السفارات والقنصليات بمعظم دول العالم والرئيس محمود عباس يستقبل استقبال رؤساء الدول بكافة العواصم العربية والعالمية .. وفلسطين تشارك بكافة المؤتمرات والمؤسسات الدولية . أي ان هناك تقدم ملموس وواضح لمن يحب ان يرى ويسمع بالسياسة والدبلوماسية والعلاقات الدولية .... ولا زال البعض القليل يرجعنا الى حالة النقاش حول منظمة التحرير الفلسطينية وهل هي عنوان وممثل شرعي ووحيد ؟؟؟؟!!...
برغم كل ما سبق واكثر منه من انجازات لا يستطيع احد التنكر لها او تجاهلها ... او القفز عنها . فهل المطلوب ان نهدم المعبد ؟!!!!! ام المطلوب الوطني ان نلتف جميعا حولها وان ندعم تطويرها وان نتحدث باسمها وان نراكم على انجازاتها . حالنا لا يحتمل الاجتهاد خارج النصوص .. ولا حتى خارج الواقع وما تم انجازه . بل المطلوب من الجميع المشاركة والدخول والنضال من داخلها بحسب برنامجها ومؤسساتها المعتمدة . سياسة الهدم والبناء من جديد سياسة غير مقبولة ... وغير مضمونة النتائج في ظل معادلة دولية متغيرة قد لا ينتج عنها ما نحن عليه اليوم . فلسطين قائمة ... وقادمة ... قناعة الملايين والتي لا جدال فيها ولا حولها ... فالشعب الفلسطيني حتى عندما ينتفض يرسم جغرافية دولته وعاصمته القدس وحتى بديمغرافيته وصمود ورباط شعبه يرسم معالم الدولة ولن تستطيع اسرائيل وامريكا ان يشطبوا جغرافية وديمغرافية فلسطين . الا ان هذه القناعة والثبات عليها وتجديد قولها ... لا يعني ان الدولة بين ايدينا .... لكننا نحتاج الى تكاتف الايادي وتألف القلوب وبإرادة واحدة حتى نجعل منها حقيقة ... وان ننهي هذه الحالة الفصائلية وغلبة مصالحها واختلاط حساباتها .
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت