في كل الدول والقوى والمؤسسات وحتى على مستوى الافراد، يكون هناك خطط تكتيكية وخطط استراتيجية بعيدة المدى، فلا يمكن ان ينجح الانسان او تنجح الدول والقوى دون عملية تفكير عميقة تقود لاعداد الخطط المستقبلية كي يتطور الفرد والدولة وتتقدم القوى وتزيد رصيدها من الجماهير.
ما يوجع القلب، الشعب الفلسطيني وقياداته يغادروا عام 2019، ليدخلوا عام 2020 مع تصاعد كبير في التحديات الداخلية والخارجية، دون وجود خطط وبرامج تكتيكية وإستراتيجية يسعى كلٌّ لتحقيقها، ودون استقاء كاف للعبر من الأحداث من حولنا، والتي لا بد من دراستها وتحليلها واستثمار الجيد منها.
الانتظار يكون احيانا قاتل ان لم توجد روح المبادرة، ولا يصح أن ينتظر شعب واقع تحت احتلال أن تأتي جيوش جرارة لتحرره؛ من ينتظر الأحداث أن تدهمه وتكون في مصلحته دون أن يخطط ويشمر عن ذراعيه، ويضع البرامج الدقيقة لخطواته المستقبلية، ويصنع الحدث باقتدار؛ فسيسقط سقوطًا مدويًّا.
وحدة الكلمة والصف؛ بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي واستنهاضه من جديد هو المطلب الملح في عام 2020، والذهاب فلسطينيا لانتخابات تشريعية في كل الاحوال ورغم مخاطرها وارتداداتها ، الا انها تبقى اقل الخيارات سوء.
وجود برنامجين على الساحة الفلسطينية يضعف الخطط والبرامج والنظرة الاستشرافية للمستقبل، فلا يصح لشعب واقع تحت احتلال ان يكون له برنامجين مختلفين، ومتصارعين بدل توجيه البوصلة نحو التاقض الرئيس.
الاصل ان يكون هناك برنامج موحد لشعب واقع تحت احتلال، وهو التخلص من الاحتلال، وعدم بعثرة الجهود وتشتت وهدر الطاقات.
مقلق جدا ومؤرق وخطر كبير، فكيف لشعب واقع تحت أشرس وأطغى احتلال عرفه العالم؛ أن ينقسم أفراده ويختلفوا فيما بينهم، في الوقت الذي هم فيه بأشد الحاجة فيه لوحدة الصف، وتجميع الطاقات على قلتها، وعدم حرف البوصلة عن وجهتها الحقيقية، وهي الاحتلال؟!
معلوم فلسطينيا؛ انه لا يجوز ترك السفينة؛ فيقوم أفراد يركبون فيها بخرق من ناحيتهم؛ بحجة أنها من جهتهم وتخصهم لوحدهم، وتترك السفينة تغرق، ومن هنا وجب وقفهم عند حدهم، وثبت انه لا يمكن تحقيق انجازات كبيرة في ظل الفرقة والانقسام.
لن يرحم التاريخ؛ ولن يغفر الله؛ لكل من أجج الوضع وساهم في إطالة حالة الانقسام والتشرذم الفلسطينية، ولن يغفر لكل من تفوه بعبارات وجمل ومواقف ساهمت في إضعاف الحالة الفلسطينية، وزيادة الهوة بين حماس وفتح .
أليس مقلقا، مقارنة حالة الأحزاب والقوى في كيان الاحتلال مع حالة الأحزاب والقوى الفلسطينية؛ نخرج ونجد أن النتيجة غير مرضية؛ فمع أن كيان الاحتلال خليط من جنسيات ودول مختلفة، بينهم فوارق طبقية مذهلة؛ هناك ضوابط وقواعد عامة تحكم الجميع حتى لا يضعف وينهزم من داخله؛ بينما في الحالة الفلسطينية لا يوجد ما يوحدها بفعل ضغوط إقليمية ودولية، واصرار على قديم ثبت عدم جدواه.
أكثر ما يضغط ويوجع القلب، هو عدم تجنب بعض الأخطاء التي حصلت سابقا وعدم تكرارها، وهذه مسئولية قادة السفينة ليقودوها إلى بر الأمان وعدم تركها وسط أمواج عاتية من كل حدب وصوب كما هو حال القضية الفلسطينية.
حان الوقت في عام 2020؛ لتتوحد كل أطياف وقوى الشعب الفلسطيني، وتطوي صفحة الماضي والانقسام والتشرذم والخلاف، فلا يصح ان يبقى الوضع الفلسطيني كما هو سابقا ولا يتم استقاء العبر والتعلم من الاخطاء.
لن يفلح أي فرد أو شعب او اي فصيل وقوة مهما كانت، ما لم يتعلم من أخطائه ويطور نفسه؛ ونأمل من قادة الشعب الفلسطيني؛ أن لا يخيبوا ظننا في عام 2020؛ فيتحدوا ويرتبوا البيت الفلسطيني من جديد، ويعملوا ضمن خطط مدروسة بعناية ضمن اطار برنامج وطني مقاوم موحد يرفع الرأس عاليا، "ويسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا".
د.خالد معالي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت