وقف رجلٌ وفي عينيه حزن على جسرٍ ونظر صوب النهر الهادئ.. كان المنظر بديعا، لكنه كان يشعر بألمٍ في غربةٍ لا يرغبها، يظلّ مشتاقا لوطنه المسلوب.. يحنّ إلى قريته وأزقتها.. تناول سيجارةً ودخّنها بينما ظل ناظرا لدقائق معدودة إلى منظر خلابٍ لمدينة أوروبية صاخبة بالحياة.. قال في ذاته: الحياة هنا حلوة، لكن في الوطن أراها أحلى، هنا أشعر بألم من بعدي عن الوطن.. أشتاق دائما إلى مكان ترعرعي.. أتمنى العودة يوما ما إلى المكان، الذي أنتمي إايه.. هناك أشعر بأنني في وطني..
فهنا أنا مغترب، ولا أشعر بأنني أنتمي لهذه البلد الساحرة بطبيعتها.. في الغربة ألم يلازمني منذ زمنٍ، عندما شعرت بأن لا بديل للإنسان عن وطنه، فلا يمكن للألم أن يزول ما دام الإنسان بعيدا عن وطنه، فمن على هذا الجسر أراني حزينا، لأنني بت مشتاقا للوطن.. الغربة ألم، فما دمت أعيش بعيدا عن بلدي سيظل ألم الغربة جاثما على قلبي..
دخن سيجارته ورمى قمع السيجارة في سلة للنفايات وذهب إلى بيته، ونظر إلى صور الوطن، وبكى، وقال في ذاته ما أروع بلدي رغم ما يعانوه أبناء جلدتي من احتلال لا يرحم، فهناك الحياة رغم آلمها، إلا أنها أسهل من ألم الغربة، ولكنني أتمنى أن يزول الاحتلال ذات يومٍ، فعندها ستحلو الحياة في وطني، الذي تسلب أراضيه كل يومٍ من الاحتلال لصالح مستعمرين.. ألم الغربة أراه صعبا، لأنه يجعلني أتألم كل لحظة من بعدي القسري عنه..
عطا الله شاهين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت