لم يدر في خلدي ، أو يخطر على بالي أن أكتب مقالة مضمونها الرد على أحد . فكيف إذا كان من اضطررت في الرد عليه كاتب وروائي مثقف ، وتعاقب في حياته على الكثير من المواقع السياسية والثقافية في الساحة الفلسطينية . فكان أميناً عاماً لاتحاد الكتاب والصحفيين ، ووزيراً للثقافة في حكومة سلطة الحكم الإداري الذاتي . إنه الأستاذ يحيى يخلف الذي وإن كنت لا أعرفه بالمباشر ، ولكن عرفته من خلال موقعه وعمله وكتاباته ورواياته ، والذي استميحه عذراً في أنني اقتبست من عنوان روايته " نجران تحت الصفر " ، عنواناً لمقالتي في الرد على ما ورد في حديثه خلال استضافته من قبل " مختبر السرديات الأردني في مؤسسة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنية عمان " ، والذي نشرته صحيفة الأيام يوم الثلاثاء في السابع عشر من كانون الأول الجاري .
في معرض كلمة الروائي يخلف أمام الحضور في مختبر السرديات ، تحدث في فقرة عن محطاته الجغرافية ، والمتعلقة بالتهجير بين العديد من الدول العربية ، اعترف أنه كتب ضد اتفاق " أوسلو " ، وذلك قبل أن يلتقي بالراحل أبو عمار الذي برر له أسباب في حينه قبوله للاتفاق . مضيفاً في قوله :- " لم يكن أمامنا إلاّ أن نبقى عالة على المجتمع التونسي ، أو نذهب إلى مزابل أحمد جبريل في دمشق ، فكان خيارنا أن نعود إلى فلسطين " .
استغرب أنّ شخصاً مثل الروائي يخلف يتلفظ بهكذا كلمات غير مهذبة ، وتنم عن مستوى لا يليق به ، ولا بموقعه ، ويدفعنا للتراجع عن تقيمننا له ، وإن اختلفنا معه في السياسة . وهو الذي كان إلى ما قبل حديثه السيء والمسيء في تعرضه لدمشق وتاريخها ودورها ومواقفها ، من خلال نعته فصائل أو قوى أو شخصيات ونخب بأنها مزابل أحمد جبريل ، الذي يكفيه شرفاً هو ومن وصفتهم بالمزابل أنهم لم يبيعوا ويفرطوا ويراهنوا على سراب تسويات أو مفاوضات عبثية مع حكومات العدو الصهيوني .
روايتك " نجران تحت الصفر " ، مع ما تضمنته من تشخيص ووصف دقيق لحالها وأحوالها التي عايشت ، شبيهةً لحال وأحوال ما تعانيه أراضينا الفلسطينية المحتلة بأهلها ومقدساتها . وعلى وجه التحديد والتخصيص في الضفة الغربية واقدس وقطاع غزة ، حيث السلطة التي كنت فيها يوماً وزيراً ولم تقوى على رد الظلم عن أهلنا ، أو أن توقف شهوة المحتل عن استمراره في القتل والاعتقال ومصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد والحصار ... الخ .
بل في خروجك ودخولك لأراضي السلطة التي اقنعت نفسك أنها ستعفيك من العيش عالة في تونس ، أو العيش في كنف المزابل في دمشق ، وإن استخدمت اسم رمزٍ من رموز ثورتنا المعاصرة للنيل منها ومن فصائل لا زالت رغم شح إمكانياتها ، وجوع مناضليها تأبى الاستسلام لعدو يهينك صبح مساء على حواجزه ومعابره ونقاط الحدود ، لأن من يهن يسهل الهوان عليه .
هينئاً لك اتفاقات مذلة جعلت منك وزيراً تابعاً ورهينةّ لا يملك من قراره شيء ، بل أسيراً لمصالحه التي أمنتها لك ولغيرك اتفاقات ما جلبت لشعبنا إلاّ المزيد من تبديد حقوقنا وثوابتنا بعد تنازلت عن 78 بالمائة من أرضنا الفلسطينية . وهنيئاً لك أنك ونجران تحت الصفر .
رامز مصطفى
كااتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت