ليس من باب ارضاء انفسنا .. ولا تمجيد لذاتنا ... ولا حتى محاولة لرفع المعنويات وزيادة الهمم ... فلسنا بحاجة لتكرار القول واثبات محطات التاريخ الذي لا زال شاهدا علينا ... على اننا لم ننكسر ... ولن نهزم ... ولم نشطب ..... وبالتأكيد لن نرفع الراية البيضاء في أي مرحلة من المراحل ... وليس امام أي ازمة من الازمات . وقد يقول قائل .... لكننا لم ننتصر !!!! نعم بمفهوم الانتصارات وحسم الصراعات وتحقيق المكتسبات العملية لم نحقق .... ولم نحسم . لكننا يجب ان لا ننسى ... او يتناسى البعض منا ان هناك الكثير مما يمكن قوله والتفاخر به ... والتأكيد عليه حتى بزحمة ما يقال ... وما يشن علينا من هجوم مبرمج يستهدف اضعاف المعنويات ... وتشتيت الجهود وخلخلة الصف .
على صعيد النقاط المتراكمة والتي لا زالت تزداد بعددها ونوعيتها ليس بالامر اليسير تحقيقها ... ولكنها وقد تحققت بفعل تضحيات وجهد كبير بالميدان والسياسة . صحيح اننا لم نصل لمرحلة انجاز الانتصار الكامل والحاسم وتحقيق الاهداف الوطنية الثابتة التي طالما نرددها ... الا اننا لا زلنا على اصرارنا صمودنا ورباطنا ببقاءنا على ارضنا ... مهما اشتدت قسوة ومرارة الاحتلال وظروف الحياة ومصاعبها والتي ليس بالامر السهل يمكن التعايش معها ونحن نشاهد الكثير ممن فقدوا الصبر ولم يتحملوا العذاب وهاجروا او هجروا تحت ضغط الظروف القاسية والخراب والدمار داخل بلدانهم وما جاء اليهم من ارهاب اسود .... وما تم صناعته بداخلهم من افكار خبيثة ومريضة وانحراف وشذوذ عكر صفو العلاقات واضاع الكثير من الامن والاستقرار .
ليس بهذا القول مساس بكرامة ومشاعر احد ... بل حقيقة تقال لا يجب ان نخجل من قولها طالما انها قد تمت مشاهدتها ... وتحققت على ارض الواقع من خلال الملايين الذين هجروا عن اوطانهم ومساكنهم وممتلكاتهم بفعل ارهاب اسود شيطاني مخطط له بعناية فائقة من قبل قوى وانظمة دول واجهزة مخابرات عملت على قاعدة ان الحصون لا تسقط الا من داخلها !!!! وطالما اننا قرأنا وشاهدنا بأم اعيننا ... وامتلكنا من التحليل والبحث ما يؤهلنا للاستنتاج والاطلاع على دروس التجربة هذا يعطينا مزيدا من القوة والتماسك والاصرار وعدم تقديم مصالح ذاتية على حساب مصالح وطنية .
نتعرض منذ المؤتمر الصهيوني الاول بالقرن الماضي وحتى وعد بلفور بالثاني من نوفمبر 1917 وما سبق بعام من اتفاقية سايكس بيكو والتي قسمت المنطقة الى دويلات وطوائف ما بين القوى الاستعمارية ولا زلنا نعيش مأسي وكوارث هذا التقسيم الملعون وما زرعه بداخلنا من نباتات شيطانية طائفية لا زالت تتفاعل لاجل الخراب وزيادة مساحة التدمير . فلسطين بحكم قدم تاريخها ومن عاش على ارضها ... وما بداخل باطنها من جذور تاريخية اصيلة يصعب على المستعمرين ان يزيفوا الحقيقة ... او يشطبوا التاريخ ويتلاعبوا به لكنهم أي الصهاينة استمروا بمحاولاتهم بأن يجعلوا لهم جذور بداخل هذه الارض المقدسة من خلال التزييف والانقلاب على حقائق التاريخ ... واستخدام القوة الغاشمة والتحالف الشيطاني مع قوى الاستعمار القديم والجديد ... حتى يحدثوا ما يمكن ان يثبت لهم حق ... وهم بذلك بكذبون ويمارسون الاعيبهم التي عملوا عليها منذ القدم ولم يحفظوا لنا حسن التعامل وكرم الضيافة والقبول بهم بسلام منذ التاريخ القديم بالجزيرة العربية واليمن والعراق ومصر وسوريا وحتى في فلسطين ... عاشوا بكامل الحقوق حتى وان كانت بدايات التكوين دون انظمة وقوانين لنظام الدولة ... الا انهم عاشوا واكلوا وتحركوا وادوا صلواتهم بكل يسر ولم يتدخل بهم أحد . تاريخ قديم وطويل ويحتاج الى الاف الصفحات والبحث بالكثير من المحطات والتي لا يتسع المجال لها ... لكنها محاولة للإشارة حتى ندرك ان التاريخ قائم ولا يشطب ولا يمكن له ان يزيف .
نحن ابناء هذا الزمن وجدنا على ارضنا ونشأنا وتربينا على ما نحن عليه ولم يحدث لدينا أي تغير في رؤيتنا وفكرنا اتجاه شعوب الدنيا ... بل تعززت لدينا الكثير من مقومات الحياة والقبول بالأخر ... حتى اننا ومع كل هذا التطور الحادث لم نغير من مفاهيمنا ومبادئنا من خلال هذا التطور الهائل بشبكات التواصل والتي جعلت منا جزءا من عالم صغير مترابط لا يفصل بينه كراهية او احقاد بل علاقات انسانية ومعرفية ثقافية يتم تبادلها بكل سلاسة وامان .
اليوم وبما يمتلك اصحاب القوة من قدرات وقوة مادية واقتصاديات لا حصر لها واسلحة دمار تصل الى اخر الدنيا ... وبما يمتلكون من علاقات ومصالح يحددون فيها السياسة وطبيعة المواقف ولا يعطون الحرية للأضعف منهم في تحديد سياساتهم ومواقفهم .. وكأن من يمتلكون القوة يريدون ان يعيدوا تجربة التاريخ القديم بمن يمتلك الجيوش الاكبر وما يستطيع التحرك للغزو والاحتلال والسيطرة . يخالفون التاريخ بتجربته الطويلة والتي لم تبقي على استعمار قائم ... ولا حتى على قوة كاملة ومسيطرة .... لقد خرجت الصين لتصبح قوة عظمى يهابها الجميع كما خرجت كوريا الشمالية ولم تستطع امريكا تهديدها بقوة السلاح ... كما اليابان وقوتها الاقتصادية .... ولا زالت روسيا بكل مقومات قوتها رغم تفكك الاتحاد السوفيتي ولا زالت الهند تمتلك قوة نووية كما باكستان ... أي ان العالم قد انقلب بموازين قوته ... ولم تصبح امريكا صاحبة القوة المنفردة . الا نحن العرب لا زلنا نواجه بعضنا حول الحدود ... ولا زلنا نواجه بعضنا بقبول تدخل الاخرين فينا واقامة القواعد لهم ... لا زلنا غير قادرين على قراءة التاريخ واستخلاصاته ...
ولا على امتلاك الوعي المطلوب لتعزيز مقومات المواجهة من خلال البناء والتطور ولا نستطيع بناء العلاقات المتوازنة القائمة على المصالح والتوازن . من استمع بإمعان وبدراية كاملة لاحاديث الرئيس عبد الفتاح السيسي يستخلص الكثير ... ويتعرف على الاكثر مما يجب معرفته ان هذه الامة وهذا الوطن العربي الكبير بإمكانياته البشرية ومقوماته الاقتصادية وبما يمتلك من علوم وتراث وموروث باستطاعته ان يشكل قوة اقتصادية قادرة على التعاون وبناء العلاقات بصورة متوازنة تحفظ للشعوب مصالحها وتحافظ على خيراتها وتعزز من امنها واستقرارها .
ما استمعت اليه من احاديث الرئيس عبد الفتاح السيسي يزيدني اطمئنان وثقة ان مصر تسير على هذا الطريق برغم المصاعب والتحديات وان كلمة السر في تحقيق النجاح والانجاز هو ثقافة الوعي والقدرة على العمل وعدم القبول بقوى الشر وتدخل الاخرين عندها ستكون الطريق سالكة والاهداف واضحة والنتائج ملموسة .
الكاتب :/ وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت