الصورة المرفقة، نادرة، لإحدى دورات المجلس الوطني الفلسطيني، والتي عقدت في القاهرة عام 1974، ويظهر عدد من الشخصيات الفاعلة سنتذاك، وعلى رأسهم المرحوم خالد الحسن وهو يتحدث في أعمال المجلس.
حقيقة، شكّلت الدورة 12 للمجلس الوطني الفلسطيني، والتي عقدت بالقاهرة مابين 1 ـــ 8 حزيران/يونيو 1974، أول انعطافة سياسية ذات بعدٍ تكتيكي في مسار العملية الوطنية الفلسطينية. فقد قررتّ الدورة، وعلى ضوء النتائج السياسية التي تمخضت عن حرب عام 1973 مابات يعرف بــ "برنامج النقاط العشر"، لـ منظمة التحرير الفلسطينية، وهو البرنامج الذي يدعو إلى "إقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها". وتمت صياغة نقاط البرنامج، في بيروت بعد حواراتٍ فلسطينية استغرقت وقتاً طويلاً، وفي منزل الدكتور جورج حبش، قبل الذهاب للقاهرة، باجتماع عمل ضم الرئيس الراحل ياسر عرفات، والشهيد زهير محسن، والمرحوم الدكتور جورج حبش، الذي عاد واجرى تعديلات على المسودة الأساسية للبرنامج (هذا ماسمعته شخصياً من الرئيس الراحل ياسر عرفات في لقاء شاركت به).
أثار برنامج النقاط العشرة، الأجواء الفلسطينية الداخلية، على مستواها السياسي، وقد تحوّلت تلك الأجواء في اوقاتٍ معينة الى تطاحن داخلي، واشتباكاتٍ مُسلحة وقعت في العديد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية والسورية. ولنا أن نستذكر واقعة ماحدث في مخيم اليرموك يوم 17/5/1974، عند الهجوم على امين عام فصيل فلسطيني.
علماً أن الجميع، وبالتصويت، وافق على البرنامج المذكور، بما في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. والملفت للإنتباه أن من عارضه كان اثنين من اعضاء جبهة القبول، وهما : الشاعر يوسف الخطيب من منظمة الصاعقة، وناجي علوش من حركة فتح. إلاّ أن المزاج العام عند فصائل جبهة الرفض كان رافضاً أو متحفظاً على الأقل على البرنامج ككل، وعلى مبدأ المفاوضات، واقامة دولة فوق الأرض المحتلة عام 1967. وفي مجرى النقاشات التي دارت في اعمال المجلس، حاول أحد منظري حركة فتح وعضو اللجنة المركزية خالد الحسن استيعاب الكثير من الملاحظات، وحدت به الأمور للرد "بطريقة المزاح" على من طالب بوضع كلمة مقاتلة لتصبح الجملة "سلطة وطنية مقاتلة" باضافة كلمة "نفاثة". لتصبح العبارة : "سلطة وطنية مقاتلة ونفاثة".
بقيت منظمة التحرير الفلسطينية، واحدة موحدة، وحافظت على أدائها ودورها، رغم التباين في البيت الفلسطيني، وبقيت جميع الفصائل ودون استثناء تعمل تحت رايتها ولم يتم خلق بدائل، او الحديث عن أطر موازية، بالرغم من قيام الجبهة الشعبية بتجميد مشاركتها بأعمال اللجنة التنفيذية، وغياب المرحوم أحمد اليماني عن الإجتماعات بين 1974 ـــ 1979. علماً أن الإنقسام السياسي، ونقول السياسي، في الساحة الفلسطينية، ترسّخ في حينها بين جبهة القبول : (حركة فتح + منظمة الصاعقة + ج د). جبهة الرفض : (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين + الجبهة الشعبية/القيادة العامة + جبهة التحرير العربية + جبهة النضال الشعبي الفلسطيني). وهي مجموع الفصائل العاملة في الساحة الفلسطينية، والمنضوية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت. وعملياً انفرط عقد جبهة الرفض في دورة المجلس الوطني الــ 13، التي عقدت في القاهرة، بين 12 ــ 22 آذار/مارس 1977.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت