الخطوة الناقصة في قرار المدعية العامة فاتو بسنودا

بقلم: رامز مصطفى

رامز مصطفى

قررت المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية فاتو بسنودا ، وبعد طول انتظار فتح تحقيق في جرائم الكيان الصهيوني . خطوة فتح التحقيق تعد بالغة الأهمية والجرأة و في ذات الوقت ينطوي على كثير من الخطورة ، في ظل علاقات دولية بالغة التعقيد ، إن لم نقل بالغة الخطورة .
 أهمية القرار أنه جاء في لحظة ، ظنّ فيها الكيان الصهيوني وقادته ، وبفضل الحماية الأمريكية اللامحدودة ، ومحاباة المجتمع الدولي لهم ، ظنوا أنهم بمنأى عن أية مساءلة قانونية أو أخلاقية عما ارتكبوه ولا زالوا من جرائم بحق فلسطين ، الأرض والشعب والمقدسات . وجرأة بسنودا تجلت في إدراكها ، أن قرار فتح التحقيق ، قد يضعها أمام مسؤولية إثبات إدعائها ، في حال رفض المحكمة لقرار فتح التحقيق . وبهذا المعنى ، فالمدعية فاتو مطالبة من قبل المحكمة بتقديم المزيد من الأدلة والبراهين .
وهي التي كانت قد عبرت عن قناعتها : " أنّ جرائم حرب قد ارتكبت بالفعل ، أو ما زالت ترتكب في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة " ، ومضيفة " أنّ جميع المعايير القانونية التي ينص عليها ميثاق روما قد توافرت ، وتسمح بفتح تحقيق في مزاعم إرتكاب جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية " .
وهي أي المدعية بسنودا ، لم تكن لتجرأ على إتخاذ هكذا قرار لو لم يكن لديها ما يكفي من الأدلة على قيام الكيان بارتكاب جراائم حرب . أما خطورة القرار ، فتكمن في أنّ القرار لا يقتصر في التحقيق بجرائم حرب ارتكبها الكيان الصهيوني وقادته وجنرالاته فقط ، بل قد يطال فلسطينيين يشتبه في ارتكابهم جرائم ضد مستوطنين صهاينة . وهذا لا ينسجم مع ما أقرته شرعة الأمم المتحدة من قانون يجيز للشعوب تحت الاحتلال أن تقاومه بشتى الطرق والوسائل ، من موقع الدفاع عن أوطانها . والقرار بهذا المضمون قد وضعّ الضحية والجلاد في كفة واحدة ، مما يمثل الخطوة الناقصة في قرار المدعية العامة بسنودا .
حتى بدء التحقيق الذي لن يبدأ قبل أربعة أشهر ، وقد يصل إلى ستة أشهر حسب المدة القانونية التي أجازت للمحكمة النظر في قرار المدعية العامة بسنودا ، مع الوضع في الحسبان رفض المحكمة القرار .
 ستمارس الولايات المتحدة شتى ضغوط التأثير للتراجع عن القرار ، ومعها الكيان وقادته الذين جنّ جنونهم ، وعلت نبرات تنديدهم وتهديدهم ووعيدهم ، ليس ضد المحكمة الجنائية الدولية ، بل ضد الفلسطينيين . حيث طالب ما يسمى بوزير المواصلات الصهيوني " بتسلئيل سموتريتش " إلى ضرورة إعطاء إنذار للسلطة الفلسطينية بسحب شكواها إلى المحكمة الجنائية ، وإذا رفضت علينا فرض السيادة في غور الأردن ، ومن ثم العمل على تفكيك السلطة ، المُطالبة بدورها عدم الخضوع للابتزاز والتهديد من قبل الإدارة الأمريكية أو الكيان الصهيوني ، وأدواتهم الوظيفية من نظم وممالك عربية تربطها علاقات تجاوزت التطبيع إلى إقامة التحالفات معه .
 رامز مصطفى
 كاتب فلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت