كنت أتمني أن أكون أكثر تفاؤلا من العام الماضي ....وأن أكتب عن العام الجديد من خلال خيال فكري وأحلام انسانية ....لأمنيات طالما انتظرناها .... وكنا نتمنى بإخلاص أن نشاهدها ونعيش فيها صغارا وشبابا ورجالا ..... وحتى ما كنا نتمنى لمن حولنا ولأمتنا العربية من المحيط الي الخليج ...ولأمتنا الاسلامية ولجميع دول وشعوب العالم من امن واستقرار وتطور .
نحن بحق لا نستطيع أن نستمر بمشوار حياتنا دون أمال متجددة..... برغم كافة الازمات والهفوات والانحرافات التي تعتري طريقنا ...لكننا وبصراحة لا نجد مجالا ولا مفرا من مواجهة أزماتنا وعيوبنا دون اصلاح وتجديد العام الذي مضى ... وقد تعرفنا على مجمل عناوينه ... واحداثه ... ومواقفه .. ولم يعد هناك من مفاجأت بالساعات الاخيرة ... لكننا نذكر بأن العام المنصرف عنا ... لم نصدم فيه بكافة نتائجه واحواله وظروفه ... لم نصدم بقرار الرئيس الامريكي ترامب حول القدس ... ولم نصدم بكل ما استمعنا اليه من شعارات كلامية حول فلسطين والقدس ... كما كافة التصريحات والمواقف الفصائلية حول ضرورة الوحده !!... وما يجب!! ... ولزاما !!...ومن الضروري!! ... ومن الواجب !!... مفردات مللنا الاستماع اليها ... واضيف اليها ... خطوط حمراء ازدادت بعددها بهذا العام !!!... الذي سيمضي ... ولعلها تتحول الى الوان اخرى مع مطلع العام القادم .
ليس هناك من جديد يمكن قوله حول العام الذي سيمضي بعد أيام قليلة ... لكننا سنحاول ان نأمل وان نصنع لانفسنا امال نجددها مع مطلع كل عام ... ونحاول ان نرسم معالمه وخطوطه العريضة لعل وعسى ان يمضي العام بكل ما فيه وعليه ... وما بداخله من مصائب وعثرات وكوارث وازمات ... وان نخرج من زلزال العام الذي سيمضى ... ونحن على وشك نهايته لندخل الى ترددات زلزال العام القادم ... لعل وعسى ان يكون بتردد الزلزال أقل مما شاهدنا ... وخسرنا ... وتكلفنا ... بحسب كافة المقاييس ودرجات القياس الفلسطيني التي تكون قد تعلمت الدرس ... واستخلصت العبر ... وفكرت بكل ما حدث بالعام الماضي ... وبالاعوام التي سبقها ... وان يكونوا اكثر استعدادا لعام قادم ... ولخطر داهم ... وهم ليسوا على ذات الحال ... وعلى نفس الواقع . وحتى لا اصدر المزيد من التشاؤم ... وحتى لا اتحدث عن جزءا من الحقيقة ... لعلي لا امتلك القدر الضئيل من النفاق السياسي ... والكذب الاعلامي الكلامي ... وحتى الطبطبة وسياستها .. وما نرجوه ... وما يجب علينا ... وعلى غيرنا ... وحول المسموح والممنوع .... الى اخره من مصطلحات الترديد المستمر والمتواصل ... سأكتب بما يشبه الاحلام ... وبما يعبر عن بعض الاوهام ... وسأستخدم حقي بالحلم ... كما حق غيري ان يحلم بألوان جديدة ... وان لا نكرر بمفرداتنا هذا اللون الاسود بمسمياته ومفرداته ... والتي اشبعت كلاما وبحثا وترديدا حول انقسام اسود ... وقرار ترامب الاسود ... وحول الكيان وممارساته ... وحول الاستيطان والمستوطنين ...
وحول الظلم ومنطلقاته ... وحول الشرعيه الدولية وعدم انصافها ... وحول مواقف الدول ومصالحها وحول الشعارات واكاذيبها ... حول المواقف الوهمية وتصديقها . مفردات بلغتنا السياسية ... وبخطابنا الاعلامي ... وبمفردات تصدر الينا ... ونصدقها بطيبتنا وعفويتنا ... ونعمل على تكرارها ومحاولة اقناع الناس بها ... وكأنها الحقيقة التي لا تغيب عنها الشمس ... وان كل من تعداها اكاذيب لا تصدق ولا يعمل بها ويجب شطبها من قاموسنا ومن مجمل خطابنا . مقدسات كلامية ... نحاول ان نغرر الناس بها ... لكنها ستبقى مجرد كلام دون فعل ملموس ... ودون نتائج عمليه في ظل معادلة داخليه اقليمية ودولية ... لا تساعد على تمرير ما يقال وما يتم تكراره .
كم صعب على أي كاتب ان لا يصدر للقراء الاعزاء المزيد من الامال ... وان يجدد ويعزز الثقة والايمان ... وان يصلب من الارادة والعزيمة ... وان يساعد على صناعة الامل ... وان يساهم بجعل الغد اكثر اشراقا ووضوحا . لكنها مصداقية الكتابة بكل مرارتها ... وامانة المهنة وعدم امكانية النفاق بها .. تفرض علينا وعلى غيرنا ... ان لا نخدع انفسنا وان لا نخدع القراء الاعزاء .. السياسيين لهم طريقتهم واسلوبهم ومفرداتهم ... وللكتاب والاعلاميين طريقه اخرى ومغايره . نحن اقرب الي الصورة ... لانها ليست غائبة عن الاذهان والواقع فالجميع يعيش التفاصيل بكافة عناوينها ومفرداتها ... وتحليلاتها .. باستثناء من انعم الله عليهم بالخير الكثير... وفتح لهم الابواب التي لا تغلق ... اللهم لا حسد .. فنحن لا نحسد احد .... ولا ننظر ما بيد احد ... ولا ننفر من رؤية أحد .. لاعتقاد جازم وحاسم اننا مع اختلاف الواننا ... مشاربنا وافكارنا .... وحتى اختلاف مواقفنا نعيش بذات المستنقع ... بكل ما فيه وعليه فلا أحد خارج الصندوق بل الجميع داخل هذا السجن الكبير... يتصارع ويتجادل ويا ليته يتنافس ... فالمنافسة شئ عظيم ومطلوب ... المنافسة من اجل مصالح الوطن والناس .... كما المنافسة من اجل الخير والفلاح والاصلاح .
سأحاول قدر جهدي ... ومن خلال احلامي وتمنياتي ان اطرح عليكم التالي :-
اولا :- ان نطوي صفحة الانقسام ولن اقول عنه اسود ... وان تتعزز الوحده الوطنية ... ويلتأم الشمل ... وان تتوحد الارض والسيادة وان يتعزز النظام السياسي بكافة مكوناته ومرجعياته ... وان نستنهض مؤسساتنا الشرعيه وبكافة شركاء الوطن .
ثانيا :- اتمنى ان لا اسمع عن ملف الموظفين الا كل خير كما اتمنى ان اسمع عن جيش العاطلين عن العمل كل خير .. اتمنى ان لا نختصر الوطن بمصالح هذا الفصيل او ذاك وان ولا تختزل الانقسام وملفاته بملفات الموظفين وان نترك ويلات وكوارث وازمات شعب بأكمله وقضية برمتها .. أمل ان لا اسمع عن اجراءات او استقطاعات وخصومات ... وان لا اسمع عن الخط المعطل .. وعن الوصل والقطع ... وان لا اسمع عن المياه وعن المناخ والمزاج وان لا اسمع عن الامراض والتحويلات والعلاجات .. اتمنى ان لا نسمع عن حقوق ضائعه ... بل نريد ان نسمع عن واجبات تؤدى وامنيات تتحقق واحلام اصبحت على ارض الواقع وان يأتي علينا العام 2020 وغزة قابلة للحياة على عكس ما جاء بتقرير الامم المتحدة بأنها غير صالحة للحياة بذات العام السابق .
ثالثا :- نأمل ان نسقط قرار ترامب حول القدس ومجمل صفقته .. سقوطا مدويا صاعقا مزلزلا ... وان تعود القدس الى احضان اهلها وشعبها وان لا يستمر سقوط الشهداء والجرحى على الحواجز وعبر الاسلاك وهم يقاومون بصدورهم العارية وحجارتهم المقدسة وبتدويناتهم وكتاباتهم التي يودعون فيها الحياة ... ويودعون امهاتهم بينما الاخرين يحملون نعوشهم ويعزون بهم ... ويتحدثون عن بطولاتهم يجب ان يتوقف هذا المسلسل الذي طال بحلقاته والذي يزيد من الالام ليس اكثر .
رابعا :- ان نقلل من لقاءات الاثارة والمخادعه ومجمل التصريحات التي نستهلك فيها من طاقاتنا ... باكثر مما فيها من عائد وفائدة ... وان نسقط من خطابنا الكثير من المفردات التي تكرر ... واشبعنا فيها الناس ... حتى ضاق بهم الحال واصبحوا لا يريدون الاستماع اليها ... ومحاولة انتاج مفردات جديدة تكون اكثر قبولا وقناعه للمستمعين اليها .
خامسا :- نامل ونتمنى ونحلم بأن لا نرى فقير وجائع ومريض .... ان لا نرى محتاج ومظلوم ... وان لا نرى اسرة مفككة بفعل ازمات طاحنة ان نرى شبابنا وقد عاشوا حياتهم وبناء مستقبلهم..... ان نرى الناس تعيش حتى بحد الكفاف بحسب حاجتهم ولنجعل الزياده والوفرة لمن هم اكثر طمعا ... نتمنى ان لا نسمع عن دواء غير موجود وعن سفر ممنوع ... وعن معابر مغلقة وان تسهل الطرق .. وان تعيش الناس ما تبقى من عمرهم كبشر وادميين لهم من الحقوق الكثير ... ولا يرون منها الا القليل الضئيل .
سادسا :- نأمل من العام القادم ان لا نسمع المتحدثين بتصريحاتهم وان يأخذوا اجازة سنوية لعل وعسى ان تكون اسرهم بحاجة اليهم وان يتوقفوا عن الكلام وان يحاولوا ان يقرأوا تاريخ الشعوب وثوراتها ... كما وعليهم ان يقرأوا ما يجب ان يفعلوه وليس ما سوف يقولون ويصرحون به ... وان يتعايشوا بين الناس ويستمعون اليهم .... لعل وعسى ان يحدث التغيير بالكثير من تصريحاتهم .
سابعا :- نأمل ان لا نخرب على انفسنا بأكثر مما نحن عليه ... وان تكون اجتماعاتنا بما فيه مصالحنا .. وليس الاضرار بنا وزيادة الاعباء علينا ... وان لا نفرح كثيرا بلقاءات بعض العواصم البعيدة التي تحسب علينا... ولا تحسب لنا ... فنحن بتجربتنا نعرف من معنا قلبا وقالبا .... ومن معنا كلاما وشعارا وحتى امكانية اخذنا الى منزلقات الهاوية لتحقيق مصالحهم وليس مصالحنا .
ثامنا :- نأمل ان تحقق الشعوب حريتها وسيادتها ... استقرارها ونموها وديمقراطيتها وان يزول الارهاب والى الابد ... وان تزال الدكتاتوريات والامبراطوريات التي خدعت شعوبها وباعت لهم الاوهام ... حتى اصبحوا يعيشون الجوع والفقر في ظل خيرات بلادهم التي لا يرون منها ... لاجل شعارات واوهام واطماع قديمة جديدة .
تاسعا :- نأمل ان تزول كافة اسباب الفتنة الطائفية والمذهبية التي حاولوا الوهم بها ... وخداع الناس باسبابها وان تعود المجتمعات الى وحدتها ووئامها ومصالحها المشتركة .
عاشرا :- نأمل ان يكون العام القادم ... عام نضئ فيه شمعة السنة الاولى لدولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس وان ننعم بالحرية والامن والامان وان نخرج من عباءة الزمن الذي طال بكافة كوارثه والممتد منذ قرن .
الحادي عشر :- نأمل من كل قلوبنا لمصر الحبيبة ولشعبها العظيم ولقيادتها الحكيمة ولاجهزة دولتها الامن والاستقرار والقوة والنماء وزيادة الضربات لقوى الارهاب التكفيري واجتثاثه من منابعه ... وانهاء وجوده من ارض الكنانة التي انعم الله عليها بالامن والسلام والرعاية .
الثاني عشر :- نأمل من العام القادم ان يتركنا المنافقين والكاذبين المخادعين والمزيفين .. وكل من تسول لهم نفسهم العبث بنا ... والضحك علينا واستغلال مشاعرنا وطيب قلوبنا .
الثالث عشر :- نأمل من العام القادم ان لا يبقى على فاسد ومن حاول ان يغش الناس ... ومن يكذب عليهم ... وان ينافقهم وان يعيش على حسابهم ... وان تتعزز بداخلنا قيم عظيمة وموروثا ثقافيا ووطنيا . عام قادم اتمنى من كل قلبي ان نشاهد الانتخابات الديمقراطية وان نرسل للعالم رسالة ذات معنى ومضمون ... اننا نتطلع كما كافة الشعوب الديمقراطية للحرية والاستقلال .
الآمال بكل مشاعري واحاسيسي ان نعيش حياة الانسانية ... حياة الكرماء والكبرياء .. وحياة الاطمئنان والاستقرار ... حياة السكينة بالقلوب ... كما حياة الحرية والعدل كباقي البشر ... وكل عام والجميع من الأخوة المسيحيين والمسلمين بألف خير وسلام
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت