تقرير في غزة.. حكايات للأطفال أبطالها دُمى "الماريونت"

الماريونت

اقتربت الطفلة "ياسمين" من "العفريت"، أخضر اللون، وأخبرته أنها لن تذهب معه إلى "عالم الشرّ" حيث يعيش، فهي تريد أن تواصل نشر المحبة والتسامح، وتوزيع الورود في عالم الخير، خاصّتها.

"ياسمين" هي دمية ماريونت، مصنوعة من الخشب وتتحرك عبر خيطان نايلون شفافة، على مسرح متواضع، جهّزه فريق مكوّن من 12 شابا وشابة، داخل قطاع غزة.

و"خيوط"، هو اسم ذلك الفريق، الذي قرر أن يكون رائدا في تبّني هذه الدُمى التي يتم الاستعانة بها للمرة الأولى داخل قطاع غزة، في سرد حكايات الأطفال.

**نادر الوجود بغزة

مهدي كريرة، مسؤول فريق "خيوط"، يقول إنه تم اختيار هذا النوع من الدُمى كونها نادرة الإطلالة على مسارح قطاع غزة.

وقال لوكالة "الأناضول":" هي من الفنون الصعبة، لكنّ تم اختيارها لأنها غير موجودة بغزة".

وتقدّم هذه الدُمى، بحسب كريرة، رسالة توعية للطفل والأسرة في قضايا التعليم والصحة والدعم النفسي.

وبيّن أن فريقه سيقدّم عدة عروض مسرحية بدُمى "الماريونت"، ضمن افتتاح منحة "عبد المحسن القطان" للفنون الأدائية، والتي فاز بها بشكل فردي منتصف عام 2019.

وضمن هذه المنحة، درّب كريرة فريق خيوط، والذي يضم أشخاص لهم علاقة مباشرة بالفنون بأشكالها المختلفة كالنحت، والتصميم والديكور، والموسيقى، والكتابة.

هذا الفريق، خضع لعدة تدريبات إما في مجال تصنيع دُمى "الماريونت"، أو تركيب الخيوط بالدُمى؛ المهمة الصعبة والتي تتطلب أن يكون كل خيط مسؤول عن جزء من أعضاء الجسم.

إلى جانب ذلك، قدّم كريرة تدريبات فيما يتعلق بتحريك هذه الدُمى على المسرح الخاص بها.

وذكر أن العروض المسرحية سيتم تقديمها في مناطق مختلفة من قطاع غزة، خاصة المناطق الحدودية المهمّشة.

وأشار إلى أن التركيز سيكون على المناطق المهمّشة، بسبب ندرة تنظيم المعارض المسرحية فيها.

وبيّن أن الأطفال في تلك المناطق هم "الأكثر حاجة للترفيه ورسم البسمة على وجوههم".

وفي بداية عمله، واجه كريرة عدد من الصعوبات في توفير المواد الخام اللازمة لصناعة هذه الدُمى، وذلك بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الـ13 على التوالي.

لكن عدم توفر هذه المواد لم يوقف عجلة الطموح في تطوير العمل إلى أن يصل إلى تقديم العروض المسرحية، فاستعان كريرة بالبدائل من أجل صناعة هذه الدمى.

واستكمل قائلاً:" أوجدنا بدائل مثل عجينة الورق والكرتون ونشارة الخشب، والقطع الخشبية".

**عمل مشترك ومتكامل

ويعمل فريق "خيوط" بشكل مشترك ومتكامل من أجل إنجاح العروض المسرحية باستخدام دُمى "الماريونت".

في إحدى زوايا المكان، تجلس الشابة جمانة البياري (24 عاما)، وراء طاولة خشبية صغيرة، تنثر عليها معدات خاصة بالتصنيع كالشاكوش، والمفاصل الحديدية، والقطع الخشبية.

وتنشغل العشرينية بتركيب إحدى دُمى "الماريونت"، كي تصبح جاهزة للمشاركة في العرض المسرحي الذي تتجهز له.

بشكل محكم، تُعلّق البيّاري المفاصل الخشبية بعضها مع بعض كي لا تنزلق لاحقا.

تلك الخطوات، كانت بعد أن جهّز "كريرة"، رأس الدُمية من عجينة الورق والكرتون، ولوّنها بلون بني فاتح.

إلى جانبه، تقف ياسمين رصاص (33 عاما)، وراء جدار المسرح، حيث كانت تعرض تجربة مسرحية باستخدام إحدى دُمى "الماريونت".

كما تتخصص رصاص، ضمن عملها مع الفريق، في تصميم ورسم ملامح شخصيات الدُمى بما يتوافق مع السيناريو المعدّ مسبقا لكل دمية.

وتقول:" رسم الملامح، وتداخل الألوان، ولون البشرة، والتفاصيل التي ترافق شخصية هذه الدُمية، يتم تحديدها من خلال الدور الذي ستمارسه في المسرحية".

**تربوي تعليمي

الشابة آلاء سلامة، واحدة من أعضاء فريق "خيوط"، تقول إن دُمى المسرح لها دور مهم في تزويد الأطفال بالدروس التعليمية.

وتبيّن أن "خيوط" تستغل طابع الدُمى الجاذب للأطفال من أجل نشر القيم الأخلاقية والمجتمعية المهذّبة للنفس، والتي تؤثر بشكل إيجابي على المجتمع.

ورغم أهمية دور دُمى "الماريونت"، في تقديم الدروس التربوية للأطفال بشكل أسهل من سردها النظري، إلا أن هذا الفن يعتبر غير منتشر في قطاع غزة، على حدّ قولها.

ويحاول فريق "خيوط"، وفق سلامة، تعزيز وجود دُمى المسرح في غزة.

إلى جانب ذلك، فإن الفريق حريص على طبيعة النص المسرحي الذي ستؤديه هذه الدُمى، كي يكون هادفا وذا رسالة مفيدة للأطفال، بحسب سلامة.

وتشارك سلامة في كتابة النصوص المسرحية التي دائما ما تحمل مجموعة من القيم الإنسانية والأخلاقية والمجتمعية لدى الأطفال، كما تقول.

المصدر: غزة - نور أبو عيشة -