سجل عام 2019 تصاعدا استيطانيا كبيرا في مدينة القدس، عبر الإعلان عن العديد من مشاريع الاستيطان في القدس وبلداتها المختلفة، كما شهد تصاعدا في وتيرة هدم منازل المقدسيين.
ولن يغيب عن ذاكرة الفلسطينيين ثلاثة مشاهد سجلت في القدس خلال عام 2019 أبرزها عدوان جنود الاحتلال على المصلين في عيد الأضحى المبارك، حيث أقدم أفراد ما يسمون حرس الحدود على الاعتداء على المحتفلين بالعيد إبان أداء صلاة العيد.
وكان المشهد الثاني، هدم مبان في وادي الحمص جنوب المحافظة بطريقة استعراضية تم خلالها تفجير أحد المباني وتسويته بالأرض في مشهد وصل العالم أجمع، وثالثها قيام الاحتلال بإغلاق مؤسسات مقدسية جديدة أبرزها مكتب التربية والتعليم في البلدة القديمة بالقدس.
وفي المقابل، سجل المقدسيون نجاحات يشار لها بالبنان بمقاومتهم الشعبية السلمية، أبرزها التصدي لمحاولات الاحتلال السيطرة على محيط باب الرحمة والمنطقة الشرقية من المسجد الأقصى وكسروا قرار الاحتلال بمنع الدخول إليه بعد إغلاقه بالسلاسل، وشهد مطلع العام تثبيت قرية الخان الاحمر شرق القدس التي اضطر الاحتلال للتراجع عن قرار سابق بهدمها.
رغم تلك النجاحات، إلا أن العام المنصرم كان الأصعب على المقدسيين منذ عام 1967، وشهد عمليات تطهير واستشهاد عدد من المقدسيين، وهدم لمنازل وإغلاق مؤسسات فلسطينية، وتواصل ملاحقة المؤسسة الرسمية الفلسطينية باستهداف محافظ القدس عدنان غيث والحد من حركته، وشهد العام أيضا اعتداء على حرية الصحافة بمنع تلفزيون فلسطين من العمل في القدس.
وقال مدير مركز معلومات عين الحلوة بالقدس المحتلة جواد صيام، إن المركز سجل خلال العام 2019 سبع حالات إطلاق نار، واستشهد خلالها قاصر أمام باب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى، وطفلة على حاجز الزعيم شرق القدس.
وأضاف صيام لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أن الباحثين سجلوا أكثر من 1950 حالة اعتقال، بينها 500 حالة اعتقال لأطفال، وتركزت هذه الاعتقالات في بلدة العيسوية، كما سجل هدم أكثر من 170 منشأة سكنية وتجارية وزراعية أدت لتشريد 400 مقدسي، كما اقتحم أكثر من 29 ألف مستوطن متطرف الأقصى.
وأوضح أن الاحتلال واصل احتجاز جثامين 3 شهداء مقدسيين وهم: مصباح أبو صبيح منذ العام 2016، وفادي القنبر من العام 2017 وشهيد الحركة الأسيرة عزيز عويسات منذ أيار 2018، لافتا إلى أن محكمة الاحتلال العليا أصدرت قرارا يسمح لجيش الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء.
2019 العام الأقسى على المقدسيين
وسجل العام مساعي من الاحتلال لاستهداف هوية القدس، باستهداف التعليم وباستهداف المقدسين، ورأى المحامي خالد زبارقة المتابع للشأن الفلسطيني، أن عام 2019 كان الأقسى على مدينة القدس منذ الاحتلال البريطاني، وتمثل ذلك في تجرؤ الاحتلال على الاعتداء بشكل مباشر على الوجود المقدسي، وعمليات هدم البيوت ومصادرة الأراضي والاستيلاء على العقارات وحفر الانفاق وملاحقة الوجود الفلسطيني في مدينة القدس والتضيق على مصادر الرزق والاقامات.
وبين زبارقة أن إجراءات الاحتلال تؤشر إلى مساعيه للسيطرة على كل شيء مقدسي، وتجرؤ الاحتلال أكثر على استهداف الطابع العام في مدينة القدس ليحوله إلى طابع يهودي.
وأشار إلى أن الاحتلال صعد من وتيرة استهداف البلدة القديمة عبر تغيير أسماء الشوارع والتشديد من إجراءاته وتواجد وحداته القمعية خصوصا داخل الأحياء العربية، ومحاولة تغيير الطابع الإسلامي للمسجد الأقصى.
وبيّن زبارقة أن الاحتلال تجرأ أيضا على إغلاق مزيد من المؤسسات المقدسية الوطنية وأبرزها مكتب التربية والتعليم لتهويد التعليم في المدينة ومحاولة السيطرة عليه.
وفي مقابل كل هذه الجرائم والممارسات التي ترقى إلى جرائم حرب من الاحتلال، قال المحامي زبارقة: إن حجم الصمود والثبات المقدسي الأسطوري ازداد في وجه كل هذه السياسات والممارسات، رغم كل القمع الذي مورس بحق المقدسيين، إلا أن منسوب التحدي المقدسي زاد، ومستوى الثبات ارتفع أيضا فالمقدسيون يواجهون بصدورهم آلة الاحتلال.
استيطان متصاعد
وشهد العام الجاري إعلانا عن العديد من مشاريع الاستيطان في القدس أبرزها في أول العام، وأعلن عن البدء ببناء 459 وحدة استيطانية، بمنطقة "كيكار كيدم" بمستوطنة معاليه أدوميم جنوب شرق القدس، كما أعلن الاحتلال عن خطته لبناء قطار هوائي يعزز سيطرة الاحتلال على القدس الشرقية كجزء من مشروع تهويد المدينة، وتنفيذ مشاريع تهويدية في جنوب البلدة القيمة بقيمة 55 مليون دولار.
ودشن الاحتلال بمعاول أميركية مشروعا تهويديا يتمثل في افتتاح نفق أسماه "درب الحجاج" الاستيطاني في القدس المحتلة بمشاركة السفير الأميركي لديها دافيد فريدمان، والمبعوث الأميركي السابق للشرق الأوسط جيسون غرينبلات.
ويمتد الطريق من البؤرة الاستيطانية من سلوان إلى حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى في البلدة القديمة من القدس المحتلة بطول 700 متر.
وجنوب المسجد الأقصى، صادقت محكمة الاحتلال المركزية على هدم 60 منزلا في حي وادي ياصول ببلدة سلوان، سيشرد في حال تنفيذه 500 مقدسي، وفي شهر رمضان الماضي شن الاحتلال اعتداءات متواصلة على المعتكفين في المسجد وإخراجهم بالقوة ومنعهم من الاعتكاف.
وفي منتصف العام الجاري، أقرت محكمة الاحتلال تحويل 4 مبان تاريخية في شارع يافا إلى المستوطنين بعد نزاع قضائي استمر 14 عاما، بالتزامن مع إقرار بناء 2000 وحدة استيطانية جديدة على أراضي بيت إكسا غرب القدس.
وقال خبير الخرائط في بيت الشرق خليل التفجكي: إن عمليات التهويد لها عدة اتجاهات، منها ما تم فتحه من أنفاق تحت الارض، ومشروع القدس 2020.
وأضاف التفكجي، لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية ان الاحتلال يقيم بنية تحتية للمستوطنات لربطها مع بعضها البعض كما يجري حول "معالي أدوميم"، ومشاريع شارع الطوق وما يسمى الشارع الاميركي في صور باهر.
وتطرق، إلى إغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس وعلى رأسها التعليمية لأسرلة التعليم في القدس.