ما خلفية الجدل حول القرار 194؟ محاولة تعمق لفهم الظروف

بقلم: فؤاد بكر

القرار 194

 

ما قبل القرار 181

سبقت أربعة قرارات صادرةعن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار 181 الذي ينص على تقسيم فلسطين، الا وهي:

  • قرار رقم104[1]: منح هذا القرار وكالة اليهود فرصة الادلاء بشهادتها امام الجمعية العامة، وقد عارض هذا القرار كل من مصر، العراق، لبنان، السعودية، سورية، تركيا، أفغانستان، بينما امتنعت ايران، الهند، والسيام. 
  • قرار رقم105[2]: منح الهيئة العربية العليا لفلسطين فرصة الادلاء بشهادتها.
  • قرار رقم 106[3]: يقضي هذا القرار بتأليف لجنة خاصة لفلسطين (UNSCOP)، لإعداد تقارير بشأن المسألة الفلسطينية والنظر فيها.
  • قرار رقم 107[4]:الطلب من سكان فلسطين الامتناع عن التهديد بالقوة او استعمالها.

اللافت في هذا الموضوع انه منذ ابراز القضية الفلسطينية على المحافل الدولية، كانت القرارات مدبرة من الحركة الصهيونية على الصعيد القانوني والدولي، ويظهر ذلك ان القضية الفلسطينية وضعت لأول مرة في 5 أيار 1947 في المحافل الدولية التي حاولت تصفية القضية الفلسطينية من المرة الأولى بيد ان تشكيل لجنة (UNSCOP) والتي استغرقت ثمانية أيام لتشكيلها بينما استغرق قرار التقسيم شهرين، فقد درست اللجنة الوضع الفلسطيني في أربعة أشهر فقط منذ تشكيلها في 15 ايار 1947 الى 1 أيلول 1947[5]، وقد صدر قرار181 الذي ينص على التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947، أي ان الجمعية العامة اطلعت على التقرير الذي لم يتوفر فيه الوقت اللازم لتبيين الحقائق في شهرين فقط. 

ان الجدير للانتباه انه من القرار الأول الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان باسم الوكالة اليهودية بينما من الجانب الفلسطيني في القرار الثاني لم يتمثل الفلسطينيون بل تمثلوا بهيئة عربية عليا. ففي 11/6/1946 أعلن بتشكيل الهيئة العربية العليا لفلسطين من جمال الحسيني وأحمد حلمي عبد الباقي وحسين فخري الخالدي واميل الغوري. واحتفظ بمركز رئاسة الهيئة للحاج محمد أمين الحسيني وأسندت نيابة الرئاسة إلى جمال الحسيني.

واعترفت جميع الأحزاب والهيئات والفئات الفلسطينية بالهيئة العربية العليا لفلسطين واعتبرتها الممثلة الوحيدة للشعب الفلسطيني والناطقة باسمه. وحلت كل من اللجنة العربية العليا والجبهة العربية العليا نفسها، وأوقفت الأحزاب والهيئات السياسية نشاطها، والتف الشعب حول هيئته الجديدة، واعترفت الدول العربية وجامعاتها بالهيئة وأعلنت اعتمادها وتأييده لها.

 للتعبير والنطق باسم الفلسطينيين، على الرغم من ان الوكالة اليهودية لم تكن دولة معترف بها بعد، فلم تكن سوى جماعات قليلة.

القرار 181[6]: التوصية بخطة تقسيم فلسطين

  1. لجنة التحقيق: عقدت الجمعية العامة دورتها الاستثنائية بطلب من بريطانيا لتأليف لجنة خاصة. كلفت هذه اللجنة بالتحقيق في القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وقد اعتبرت اللجنة ان الوضع في فلسطين يهدد المصلحة العامة والعلاقات الودية بين الأمم، كما أقدمت سلطة الانتداب بأنها تسعى لإتمام الجلاء في 1 اب 1948، عندما تبنت مشروع التقسيم والاتحاد الاقتصادي لإنشاء حكومة فلسطين.

عبرت الجمعية العامة بوضوح عن أهمية المصالح بين الدول كما ذكرت لجنة التحقيق، لذلك أقدمت بريطانيا على قرار التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي، لم يكن ذلك الا للمصالح التجارية والاقتصادية على حساب الشعب الفلسطيني غافلة عن وعد بلفور الذي صرح به وزير الخارجية البريطانية آنذاك عام 1917، وأنها كانت سبب الانتقال من الانتداب الى الاحتلال.

طلبت بريطانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة من مجلس الامن، اتخاذ إجراءات امن ضرورية واعتبار أي تغيير للتسوية هو تهديد للسلم الأهلي وعمل عدواني. كما دعت سكان فلسطين تحقيق هذه الخطة، وناشدت الحكومات بتحجيم تأخير تنفيذ هذه التوصيات.

رغم تبني بريطانيا مشروع التقسيم الى دولتين عربية ويهودية يمكن الملاحظة انه لم تستخدم الشعب الفلسطيني، بل استخدمت سكان فلسطين، للتمويه انه لم يكن على ارض فلسطين شعب آنذاك، ولإنكار حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية.

  1. خطة التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي:
  • انهاء الانتداب: التقسيم والاستقلال: ينتهي الانتداب البريطاني على فلسطين في 1 اب 1948، مع جلاء القوات المسلحة البريطانية، وتنشأ دولتان، الدولة العربية والدولة اليهودية، وحكم دولي خاص لمدينة القدس، بعد شهرين من الجلاء الكامل شرط ان لا يتأخر عن 1 تشرين الأول 1948، وتكون فترة ما بين توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة وتوطيد استقلال الدولتين العربية واليهودية.

شرطت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدم تأخير الجلاء العسكري عن 1 تشرين الأول 1948، وهنا بدأت مصالح استعمارية أكبر بطريقة مشروعة مستندة على القرارات الدولية، لأنه من البديهي ان صيغة الانتداب كانت لفترة محددة اما بعد نشوء الجسم اليهودي الغريب في فلسطين باتت المصالح دائمة بنظر الدول الاستعمارية والامبريالية.

هنا للمرة الأولى لم "تخطئ " الجمعية العامة باللغة العربية، فقد شددت على قيام الدولة العربية وليس دولة عربية، لأن الفارق بينهما شاسع جداً، كان ذلك أهمية لفلسطين كي لا تدخل في صراع بين الدول العربية نفسها لتأويل هذا القرار، وبما ان القرارات الى الان كانت لصالح اليهود، فمن الطبيعي ان تسمى بالدولة اليهودية وليس دولة لليهود، ان الدولة اليهودية هي دولة فيها يهود ومسلمين ومسيحيين، وتختلف عن دولة لليهود التي لا يكون بها الا يهود، وهذا كان خدعة من اليهود لإقناع الجمعية العامة والبريطانيين بذلك بعد ان اصدر الكنيست قانوناً ولكنه يخالف الواقع.

خطوات تمهيد الاستقلال: في بادئ الامر تتشكل لجنة من خمس دول أعضاء من كل دولة ممثل واحد، بينما تنسحب في الوقت نفسه بريطانيا، بعد ذلك تسلم إدارة فلسطين الى هذه اللجنة التي ستطبق توصيات الجمعية العامة تحت اشراف مجلس الامن، تقوم هذه اللجنة بتحديد حدود الدولتين العربية واليهودية والقدس، تنشأ هذه اللجنة في كل من الجزأين بالتشاور مع الأحزاب الديمقراطية والمنظمات الأخرى، للعمل على تأسيس مجلس حكومة مؤقت بتوجيه من اللجنة العامة بعد تشكيل حكومة في كل من البلدين. إذا لم تستطع اللجنة اختيار مجلس حكومة في 1 نيسان 1948 تقوم اللجنة بإبلاغ مجلس الامن، حيث يعمل كل من المجلس العربي واليهودي كعمل السلطة التامة والكاملة في القضايا المتعلقة بالهجرة والأرض.

لقد تم اختيار عمل المجلسين كسلطة تامة في امرين وهما أخطرأنواع العمل التي فوضت الجمعية العامة بها عبر لجنة المجلس الحكومي اليهودي الذي كان هدفه الأول هجرة اليهود الى ارض فلسطين، فإن اللجنة شرعت ذلك بطريقة غير مباشرة، لزيادة اعداد اليهود، وعندما يزيد عددهم فلابد من شراء الأراضي للسكن، وهذا ما قد كان اليهود قد خططوه منذ انشاء الصندوق القومي اليهودي لابل منذ نشوء الصهيونية العالمية.

يقوم كل مجلس من الحكومة بتجنيد ميليشيا مسلحة للحفاظ على الامن الداخلي دون اشتباك على الحدود وان تكون الميليشيا المسلحة في كل دولة تحت اشراف ضباط يهود او عرب، بينما تكون السيطرة السياسية تحت ممارسة اللجنة.

اللافت في هذا الموضوع كيفية تعاطي الجمعية العامة مع القضية الفلسطينية ببساطة تامة وكأنها قضية ارض شركة معينة من شركات الدول الاستعمارية، فمنذ البداية أعلنت عن اشراف ضباط يهود على الميليشيا المسلحة التي تهدف للحفاظ على الامن داخل فلسطين، وخصوصاً في الأرض العربية. 

يضم كل مجلس حكومة أنظمة الانتخابات في كل دولة، فمن شروط الانتخاب ان ينتخب من هو فوق الثامنة عشر من عمره، وان يكونوا مواطنين فلسطينيين مقيمين في تلك الدولة، عرباً ويهوداً مقيمين في الدولة الواحدة، وان لم يكونوا مواطنين فلسطينيين ولكن وقعوا قبل الاقتراع بياناً أعربوا فيه عن نيتهم ان يصبحوا مواطنين، والعرب في الدولة العربية واليهود في الدولة اليهودية ان يقترعوا في الدولتين العربية واليهودية بالترتيب المذكور.

كان نظام الانتخاب يتطلع لصالح اليهود، فمتى كانت القوانين والقرارات الدولية تعبر عن النوايا والقصد؟ فلا جريمة دون وقوع الجريمة، ولا أحد يستطيع ان يحاسب أحد عما يحلم او ما يفكر به، او ما يطمح له... الا هذا القرار الذي يعطي الحق بطموح بعض الأشخاص بأن يصبحوا مواطنين في الدولة اليهودية بعد توقيع بيان قبل الاقتراع.

في الفترة الانتقالية لا يسمح ليهودي بأن يجعل اقامته في المنطقة العربية وبالعكس، الا بإذن خاص من اللجنة.

تضع الجمعية التأسيسية لكل دولة مسودة دستور ديمقراطي، وتختار حكومة مؤقتة لتخلف مجلس الحكومة ويضم دستورا الدولتين ما يلي:

  • تأسيس هيئة تشريعية في كل دولة وتنتخب على أساس التمثيل النسبي، ولا تعرض السلام الأمني للخطر.
  • تسوية الخلافات الدولية التي قد تصبح الدولة طرفاً فيها.
  • قبول التزام الدولة بالامتناع في علاقتها الدولية من التهديد بالقوة ضد الوحدة الإقليمية والاستقلال السياسي لأية دولة.
  • ان تكفل الدولة لكل شخص وبغير تمييز حقوقاً متساوية في الشؤون الدينية والسياسية والمدنية والاقتصادية.
  • الحفاظ على حرية المرور والزيارة لجميع السكان والدول الأخرى لمدينة القدس وفلسطين.
  • تعين لجنة اقتصادية تحضيرية بثلاثة أعضاء، لإنشاء مجلس اقتصادي متحد في أسرع وقت.

بدءاً بشروط الدستور من مواده وبنوده، فإن تسوية النزاعات بين بريطانيا وفرنسا مع الشعب الفلسطيني لابدّ منه لأنهما كانا السبب في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ووعد بلفور من الجهة البريطانية والصهيونية عام 1917 من جهة ثانية، وذلك ليس الا للمزيد من الاطماع الاقتصادية والسياسية بالدولة العربية و"الدولة اليهودية"،ويظهر ذلك في البند المذكور فيه انشاء مجلس اقتصادي متحد بين الدولة العربية واليهودية في أسرع وقت. من كلمة في أسرع وقت دليل على أهمية الاقتصاد في الأرض الفلسطينية وموقعها الاستراتيجي التي تريد الدول الاستعمارية بسط سلطتها عليها والتي تهدف الى نهب خيراتها.

ما بعد قرار التقسيم 181 وما قبل قرار العودة 194

بعد قرار التقسيم تبعه عدة قرارات لحين قرار العودة رقم 194 الا وهي:

قرار 185[7]: ينص هذا القرار الطلب من مجلس الوصاية دراسة إجراءات لحماية مدينة القدس وسكانها.

قرار 186[8]: تعيين وسيط دولي من ممثلي الصين وفرنسا والاتحاد السوفياتي الاشتراكي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

قرار 187[9]: توصية لتعيين مفوض بلدي خاص للقدس.

قرار 189[10]: اعراب عن التقدير لعمل لجنة فلسطين التابعة للأمم المتحدة.

 

القرار 194[11]: انشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقريرحق اللاجئين في العودةالى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي الى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل.

يلاحظ في هذا القرار انه أكد على العودة ولكن لم يذكر كلمة "حق" العودة للاجئين. ان هدف هذا القرار هو لإنشاء لجنة توفيق دولية لإعطاء الصهاينة المزيد من الاراضي الفلسطينية عن القرار 181.

بعد قرارالتقسيم البغيض،جاءقرار 194 يؤكد ظاهره على حق العودة،وتجدرالإشارة ان هذا القرار جاء خلال حرب 1948 التي خاضتها الجيوش العربية الستة ضد الكيان الصهيوني والتي دامت من أيار 1948 الى اذار 1949. وقد اقدم هذا القرار على نص توسيع المفاوضات المنصوص عليها[12]، لذلك اقدم العرب على رفض هذا القرار متكلين على نهاية الحرب رافضين التفاوض مع الكيان الصهيوني بطريقة مباشرة او غير مباشرة والتي هي مع لجنة التوفيق، فقد اعتبر العرب آنذاك ان مجرد التفاوض هو الاعتراف بالدولة اليهودية التي عارضوها في قرار 181.

ان الهدف الأساسي للجنة التقييم هو توسيع المفاوضات وإيجاد تسوية تستند الى ما تم فرضه من الاستيلاء على الأراضي. فقد رفض العرب آنذاك المادة 7,8,9 لاعتبارهم ان الاحتلال امر غير قابل للتفاوض.

ان العرب يرفضون قيام نظام خاص للقدس في ذلك الوقت لمكانته الدينية والرمزية عند المسلمين وهذا ما جاء في البند السابع بشأن النظام الدولي الدائم لمنطقة القدس، فمجرد وجود كلمة الدائم هو خسارة للمسلمين العرب، اما فيما يتعلق بنزع السلاح من مدينة القدس فاعتبروه تنازل عن الأرض لاعتبار انه ما اخذ بالقوة لا يرد الا بالقوة، وعندما يتم التنازل عن السلاح فهو التخلي عن القضية الوطنية والرمزية الدينية للقدس.

أصر القرار 194 بالبند 11 على ان مسألة اللاجئين تتعلق بالحل السياسي بينما وضع اللاجئين يتطلب حلاً سريعاً وعاجلاً، فإن حق الفرد للرجوع الى منزله ليس بحاجة الى قرار من الأمم المتحدة لأن ذلك يستند الى القانون الدولي، مع رهن العودة بالحل السياسي.

ان كلمة اللاجئين الراغبين بالعودة الى ديارهم دون تحديد هويتهم او جنسيتهم ودون رفق كلمة فلسطينيين، فهو يعني جميع اللاجئين من جميع الخلفيات المقيمين في دول العالم.

كما ان جملة وجوب السماح بالعودة تختلف عن وجوب العودة، فقد نص القرار بوجوب السماح بالعودة وذلك يتناقض مع الحق الطبيعي بالعودة، كما ان وجوب ليس معناه حق غير قابل للتصرف، فارتبطت عودة اللاجئين بمن يسمح لهم بالعودة وليس كل اللاجئين.

لقد اشترط هذا القرار على عودة الذين يرغبون بالعودة شرط العيش بسلام مع من قام باحتلال ارضهم، كما انهم سيكونون مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة في بلدهم وليسوا كاملي المواطنة كما ورد في الفصل الثالث من قرار التقسيم.

لن يرضى الفلسطينيون بالعودة بمواطنة من الدرجة الثانية والثالثة، لذلك قرروا بدفع التعويض، ولكن التعويض هو عند الاثبات بالدليل وجود ممتلكات اللاجئين، وقد قدمت لجنة التوفيق تقريراً من 1948 الى 1952 عن مساحة الأراضي الممتلكة من قبل الفلسطينيين وصل الى منظمة التحرير الفلسطينية مؤخرا، فهناك معلومات ولكنها غير مؤكدة بوثائق ان تقرير لجنة التوفيق تقر بأن التعويض لا يناله الا 20% من الفلسطينيين لأن 80% من الأراضي هي مشاع. اذا سلمنا جدلاً ان الاراضي كانت مشاعاً فهي بالتالي ملك للخلافة العثمانية انذاك وهي التي منحتها للفلسطينيين، ويبرز ذلك من مواقف السلطان عبد الحميد الثاني ضد الحركة الصهيونية.

اما البند الرابع عشر فإننا نفهم من خلاله ان التعويض سيكون خاضعاً لمحاكم وقضاة ومحامين وفقاً للقانون الدولي، والتي تتطلب مصاريف يعجز 90% من اللاجئين من تسديدها. فقد طالبت الحركة الصهيونية التعويض عن ممتلكاتهم في البلاد العربية او دفع تعويض للفلسطينيين من العرب بدلا من التعويض الذي سيدفع لليهود من العرب، لكن هذا الفكر لن يولد نتيجة لأن اليهود الذين كانوا في الأماكن العربية لم يطردوا منها ولم ترتكب بهم المجازر بل هم خرجوا منها طوعاً وإرادة وبالتالي فلا يحق لهم بالتعويض.

اعتبر الصهاينة ان التعويضات عليها ان تدفع للحكومات والجهات من اجل توطين الفلسطينيين وليس للفلسطينيين أنفسهم، فالفقرة الثانية من بند 11 من قرار 194 ينص على تقديم تسهيلات لإعادة اللاجئين دون تحديد صفة اللاجئ وتركز بشكل دقيق بشقها الثاني على ضرورة دمجهم اقتصاديا واجتماعيا مع شروط القبول بالتسوية، وهذا يعني توطين بشكل مخبأ وبغير صيغة معتادة. وإذا ربطنا الفقرتين الأولى بالثانية فترجح فكرة التعويض عن العودة.

أخيرا ان الوساطة في القانون الدولي تأتي بالتوافق مع الفريقين، فقد جاءت الوساطة بقرار 194 بلجنة التوفيق من الوسيط الدولي وليس من طرفي النزاع فمن هنا لابد من الفشل، ان صعوبة التوفيق بين الخصمين لا تحول لمفاوضات ولا لوساطات، كما ان القرار لم يشر الى حق اللجنة بتقديم اقتراحات مناسبة للصراع، وان تقدمت اللجنة بحل كان مرهوناً بالجمعية العامة ومجلس الامن.

مع الإشارة لم يذكر حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره بهذا القرار.

 

 

مقارنة القرار 181 مع القرار 194

القرار 181

القرار 194

امتلاك الدولة اليهودية 54% من ارض فلسطين

شرع رسميا امتلاك اليهود 78 % من ارض فلسطين

حرم بالفصل الثاني بند 8 نزع الملكية عن أي فلسطيني

تغاضى عن عملية نزع الملكية وتعاطى معها كأمر واقع

عدم موافقة الأمم المتحدة على إقامة دولة يهودية دون إقامة دولة عربية

إعطاء اليهود الحق في ان يكون لهم دولة خلافاً عن 181.

اعطى الحق للفلسطينيين بالبقاء على ارضهم مع تمتعهم بالحقوق المدنية والسياسية والدينية

سلب منهم الحقوق وجعل عودتهم مرهونة بموافقة إسرائيل وشرطها من يرغب بالعيش بسلام مع العدو.

 

 

لهذه الأسباب صوت العرب ضد القرار 194 ولكن الملفت في الموضوع ان القرارات اللاحقة التي اكدت على القرار 194، أعاد العرب التصويت مع القرار [13]194 باستثناء قرار 1604 الذي يذكر ويؤكد على القرار 194 من قبل الجمعية العامة في 21 نيسان 1961، فقد امتنع العرب عن التصويت.

وبهذا يكون العرب في بادئ الامر رفضوا رفضاً تاماً التفاوض ولكن يمكن القول ان بعد 21 نيسان 1961 بل وبعد اتفاقيات الهدنة في رودس ورفض اسرائيل تطبيق القرار 194، تمسك العرب عملياً في الامم المتحدة بالقرار 194 لعودة اللاجئين مدعومين من الجمعية العامة.

 

 

القاضي فؤاد بكر

المحكمة الدولية لتسوية المنازعات –لندن

 

[1]قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 5 أيار 1947

[2] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 7 أيار 1947

[3]قرار الجمعية العامةللأمم المتحدة بتاريخ 15 أيار 1947

[4]قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 أيار 1947

[5]البند السابع من قرار 106 للأمم المتحدة في 15 أيار 1947

[6]قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 92 تشرين الثاني 1947.

[7]الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الاستثنائية، في 26 نيسان 1948

[8]الدورة الاستثنائية في 14 أيار 1948الجمعية العامة للأمم المتحدة

[9]الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الاستثنائية، في 6ايار 1948

[10]الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة الاستثنائية في 14 أيار 1948

[11]الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة الثالثة بتاريخ 11 كانون الأول 1948

[12]قرار مجلس الامن 62 الصادر في 16 تشرين الثاني 1948

[13]القرارات هي: 2052(15 كانون الأول 1965)، 2154(17 تشرين الثاني 1966)، 2535(10 كانون الأول 1969) ....

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت