تحليل تأهب فلسطيني إزاء مخاطر حدوث تصعيد خطير عقب اغتيال سليماني

أظهرت ردود الفعل الفلسطينية على عملية الاغتيال الأمريكية لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، تأهبا إزاء مخاطر حدوث تصعيد خطير على مستوى المنطقة.

ولدى فصائل فلسطينية علاقات قوية مع إيران التي توعدت برد قوي على اغتيال سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في غارة أمريكية قرب مطار بغداد في العراق يوم أمس الجمعة.

ويرى مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري أن "اغتيال سليماني ومن معه تصعيد نوعي وبداية ساخنة لعام سيشهد تغييرات محتملة على نطاق واسع في المنطقة والإقليم والعالم".

ويؤكد المصري الحاجة إلى شروع كافة الأطراف الفلسطينية في دراسة السيناريوهات المختلفة والاستعداد لها بكل احتمالاتها في ظل المخاوف الجدية إقليميا ودوليا من تصعيد خطير محتمل.

وأصدر رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية تعميما داخليا جاء فيه أن اغتيال سليماني "سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة وفلسطين".

وذكر هنية "أن قيادة حماس يتابعون ويقيمون التطورات والتداعيات وسيتخذون المواقف اللازمة"، طالبا من الهيئات ذات الصلة في الحركة التزام المواقف الصادرة عن قيادة الحركة بهذا الخصوص.

من جهتها نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل بعثت رسالة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، عبر جهاز المخابرات المصرية.

وقال موقع "والا" العبري، إن إسرائيل حذرت حماس والجهاد من محاولة الرد على اغتيال قاسم سليماني من قطاع غزة.

ويرى أستاذ علوم سياسية في جامعة "الأمة" في غزة عدنان أبو عامر أن اغتيال سليماني يفتح الباب على احتمالات خطيرة للانزلاق لتصعيد خطير.

ويقول أبو عامر إن اغتيال سليماني "كان متوقعا إيرانيا على أن يكون التنفيذ إسرائيليا مما قد يسهل الرد عليها، لكن حين تعلن واشنطن مسؤوليتها فهذا يصعب المهمة على توجيه أي ردود مباشرة تجاه العمق الإسرائيلي من طهران وحلفائها".

ويضيف أن "سليماني شكل هدفا معلنا لإسرائيل مما قد يمنح مشروعية ما لاستهداف إيران لها عبر عدة جبهات ليس بينها بالضرورة الأراضي الفلسطينية في ضوء أن طهران ترد دائما على طبق بارد ليس نحو الأمريكان مباشرة؛ بل ضد حلفائهم في المنطقة".

ويرى أبو عامر أن "التصعيد المحتمل بعد اغتيال سليماني سيخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل شخصي لأنه يوفر البيئة لدفن الجدل حول أهليته للحكم في ظل قضايا الفساد، وهذا الأمر ينطبق على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يواجه حملة عزل في الكونغرس الأمريكي".

وامتنعت السلطة الفلسطينية عن إصدار أي تعقيب على عملية اغتيال سليماني.

في المقابل نعت فصائل وأجنحة عسكرية فلسطينية في قطاع غزة سليماني وأشادت به ودعمه لها.

وصرحت حركة حماس بأن "الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسؤولية عن الدماء التي تسيل في المنطقة العربية، خاصة أنها بسلوكها العدواني تؤجج الصراعات دون أي اعتبار لمصالح الشعوب وحريتها واستقرارها".

وأصدرت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس بيانا أكدت "أننا كمقاومة في فلسطين سنواصل طريقنا في مواجهة العدو الإسرائيلي منبع الشرور في المنطقة بأسرها، ونحن على يقين بأن دماء سليماني ستكون لعنة على القتلة وعلى الاحتلال".

وفي السياق أكدت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها أن "حركة المقاومة في المنطقة لن ترتبك (باغتيال سليماني) ولا محورها في المواجهة، ولن تتردد في مسيرتها نحو أهدافها الكبرى في تحرير فلسطين".

كما أكدت سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد أن "‎محور المقاومة لن يهزم ولن ينكسر وسيزداد تماسكاً وقوة في مواجهة المشروع الإسرائيلي الأمريكي".

من جهتها قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن اغتيال سليماني "يشكل نقلة نوعية في العدوانية الأمريكية وفي الحرب التي تخوضها بأشكال مختلفة مع الكيان الإسرائيلي ضد شعوب المنطقة وقوى المقاومة فيها".

ويرى المحلل السياسي من غزة حسن عبدو أن "رد الدولة الإيرانية وحلفائها على جريمة اغتيال سليماني حتميا، والسؤال الآن هو: أين؟ وكيف؟ ومتى؟".

ويعتبر عبدو أن "حادثة اغتيال سليماني يفتح باب جهنم على القوى الاستعمارية المهيمنة على المنطقة، ويضع محور المقاومة أمام فرص لردع وتصفية الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في الخليج والمشرق العربي".

وبحسب عبدو، فإن تبعات التوتر الحاصل في الشرق الأوسط "قد يهدد باندلاع حرب ستفرز محورا منتصرا وقويا ومتحديا ويعزز مكانته الإقليمية".

وكانت وزارة الخارجية وأجهزة الأمن الإسرائيلية أعلنت رفع حالة التأهب الأمنية، وتعزيز الحراسة في كافة سفاراتها وممثلياتها حول العالم خشية أعمال انتقامية إثر اغتيال سليماني.

ولم تشر إسرائيل إلى تهديدات محددة، لكنهم ألمحت بعد عمليات اغتيال مشابهة لعملية اغتيال سليماني إلى إمكانية شن هجمات من الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا من قبل حزب الله اللبناني ومجموعات إيرانية.

وبهذا الصدد يرى الكاتب محمد ياغي من الضفة الغربية أن إيران "تملك احتياطيا استراتيجيا للدفاع عنها" يتوزع بين غزة وسوريا ولبنان والعراق.

ويقول ياغي في مقال نشرته صحيفة "الأيام" المحلية، إن ما يسمى محور المقاومة المدعوم من طهران "سيتم تفعيله فقط إذا ما تعرضت إيران لهجوم عليها، إذ عندها فقط ستطلب إيران من جميع حلفائها أن يقوموا بإسنادها ولن يتأخر أحد عن القيام بذلك".

ويضيف أن "إسرائيل وأمريكا تعلمان قدرات ايران جيداً، ولذلك لا تقوم الدولتان باستهداف طهران بشكل مباشر داخل حدودها، ولكنهما يستهدفان حلفاءها فرادى: الحشد الشعبي لوحده، وسوريا لوحدها وغزة لوحدها، وحزب الله لوحده".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - شينخوا