حدث اغتيال القائد الجهادي الكبير الحاج قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ، ليس حدثاً عابراً يمكن تجاوزه بسهولة كسائر عمليات الاغتيال التي وقعت في الكثير من البلدان . ليس فقط للشخصية الإستثنائية والفريدة التي مثلها القائد الشهيد سليماني وحسب في تفانيه وإقدامه وشجاعته وإيمانه وتواضعه ، فهو بطل قومي في نظر الإيرانيين ، من خلال عمله المقاوم الذي امتد لعقود من الزمن ، في ساحات المواجهة المباشرة ، في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق ، الذي قضى على أرضه شهيداً ومعه رفيق دربه في المقاومة القائد أبو مهدي المهندس .
بل لأنه ينتمي إلى بلد هو في الأصل قد مثلّ حالة فريدة لا مثيل لها في منطقتنا على كل الصعد والمستويات منذ انتصار ثورته الإسلامية بقيادة الإمام الراحل الخميني رحمه الله ، مما جعل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التحدي الأكبر للمشروع الصهيوأمريكي والرجعي في المنطقة .
حدث الاغتيال الجبان الذي نفذه الرئيس الأمريكي ترامب بشكل فاضح ومكشوف ، لن يكون عابراً لما سيتركه من تداعيات ستؤدي بنتائجها إلى تحولات إستراتيجية غير مسبوقة ، ليس على مستوى المنطقة ، بل على المستوى الدولي ، والأيام ولربما الأسابيع القادمة ستشهد على تلك التحولات .
وإنّ ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس قبل 13 عام ، أي خلال العدوان الصهيوني على لبنان في العالم 2006 : " إن ما يشهده لبنان هو مخاض لشرق أوسط جديد " ، فإنّ اغتيال القائدان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ، تمثل الحقيقة الساطعة بأننا أمام مرحلة ستشهد على شرق أوسط لا مكان للأمريكي فيه ، أو لا تأثير مادي وعملي للأمريكي فيه . والاغتيال حدثٌ ليس عابر ، لجهة أن تلك الدماء المباركة للشهيدين قد شكلت الحافز القوي لدى محور المقاومة بكل دوله وأطرافه الإنخراط في المعركة الكبرى التي بدأتها الولايات المتحدة وكيانها الصهيوني بعملية الاغتيال الموصوفة في الإجرام والقتل العمد والبائن . معركة لن تقرر فيها إدارة الرئيس ترامب كيف ستنتهي ، أو إلى ماذا ستنتهي ، خصوصاً أن قرار الرد على عملية الاغتيال قد اتخذ ولا رجعة عنه ، وأول الرد ما اتخذه مجلس النواب العراقي من قرار يُلزم فيه الحكومة العراقية إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق .
ومواقف المرجع الديني في العراق السيد السستاني ، وتلك الفصائل المقاومة في العراق بما فيهم السيد مقتدى الصدر ، التي أعلنت بوضوح وصراحة أنها ستقاوم الوجود الأمريكي في العراق ، لتلقين الأمريكيين الدرس الذي لا ينسوه . وببركة هذه الدماء الطاهرة تحتضن طهران اليوم كل قادة حركات المقاومة ، ليس لوداع سيد شهداء محور المقاومة وحسب ، بل للتأكيد على أن دماء الشهيد وسائر رفاقه الشهداء أمانة في أعناق قوى المقاومة .
ولا يقل في الأهمية لهذا الحدث ، أنَّ الرهان الأمريكي الصهيوني والرجعي في بث الفتنة بين أبناء الشعب الإيراني قد سقط إلى غير رجعة ، خصوصاً بعد التبجح الأمريكي في القول : أن الشعب الإيراني سيشكرهم على اغتيال القائد سليماني .
ومشاهد التشييع المليونية في الأهواز أولاً ، قد مثلت الرد الأوضح على سقوط تلك الرهانات البائسة ، ومن ثم التشييع في مدن مشهد ، وطهران ، في استفتاء غير مسبوق على صحة وصوابية ما تنتهجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقيادتها وفي مقدمتهم سماحة مرشد الثورة السيد علي الخامنئي . لتحط مواكب التشييع رحالها في مدينة كرمان مسقط رأس الشهيد الكبير الحاج قاسم سليماني ، الذي أوصى أن يكون مثواه الأخير متواضع وعادي ، وباسم الشهيد الجندي قاسم سليماني .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت