دلالات خطيرة تحملها عملية اغتيال القائدين العسكريين سليماني والمهندس

بقلم: جاك يوسف خزمو

جاك يوسف خزمو

قيام إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بعملية اغتيال للقائدين العسكريين الايراني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، والعراقي نائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، أثارت ردود فعل عديدة تدين وتشجب هذه العملية التي وضعت حالة الأمن في المنطقة على كف عفريت. هناك تبادل في اطلاق التهديدات ووعدت ايران ومؤيدوها بالانتقام من هذه العملية البشعة. وظهرت عبر شاشات التلفزة العديد من التحليلات حول الرد الايراني، وحول رد اميركا على الرد الايراني.. وقد غطت هذا الموضوع من جوانب عديدة، ولكن في هذا المقال سيتم التركيز على دلالات هذه العملية، وما هي الاجراءات الوقائية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار!

 

في البداية يجب القول أن ادارة الرئيس ترامب شرّعت قانون الغاب من خلال القيام بانتهاك حرمة وسيادة أرض العراق، وبالتالي من الممكن لأي دولة في العالم أن تغتال مسؤولين في دولة أخرى بأعذار متنوعة. كما انها أهانت الحكومة العراقية التي سمحت لتواجد جنود لها على الارض العراقية. وهذا يعني بشكل واضح أن اميركا مصلحتها وتصرفاتها لا تأخذ بالحسبان أي احترام لأي سيادة لاراضي الدول التي تحافظ على علاقات معها.. ويجب ألا ننسى أن الرئيس الليبي تعاون مع اميركا الى حد كبير، وكانت المكافأة له هو القضاء عليه وعلى حكمه، وادخال ليبيا في اتون حرب داخلية مؤلمة.

 

والأمر الثاني التي تشير اليه هذه العملية ومن سبقتها من عمليات قصف جوي لمواقع الحشد الشعبي العراقي، هو أن الادارة الاميركية انحدرت في أخلاقها من خلال القيام بهذه الجرائم، وهي بذلك تنحدر الى مستوى دنيء وسافل في تعامها مع الدول حتى تلك الحيادية معها. لم يكن أحد يتوقع أن تقود اميركا سياسة التصفية والاغتيال، لأن مثل هذه السياسة تعني أن اميركا ضعيفة في المنطقة، من خلال تهورها في التعامل مع دول أخرى.

 

قد تكون هذه العملية مفيدة لحليف ترامب، رئيس وزراء اسرائيل المتهم بالفساد بنيامين نتنياهو، ولكنها ستقود المنطقة الى وضع أمني سيء، والى غياب الأمن والاستقرار. وهناك من يقول أن هذه العملية جاءت تلبية لرغبة اسرائيل في الانزلاق نحو مواجهة عسكرية اميركية مباشرة مع ايران.

 

لقد ادعى الرئيس الاميركي انه من دعاة السلم، ومن دعاة عدم تورط اميركا في حروب في العديد من مناطق العالم، ولكن هذا الادعاء ليس صحيحا، وهو يقوم بعكس ادعائه، فهو يورط اميركا وجنودها في حروب، وهو ينشر الرعب بدلا من تحقيق الامن والسلم في العالم.

 

وهناك من يقول أن ترامب يحاول ابتزاز دول الخليج مالياً من خلال تصعيده للوضع الأمني في الخليج. وأي حرب قد تندلع ستضطر هذه الدول الى طلب حماية اميركا مقابل أموال ضخمة وإلا فإنها ستدمر.

 

وخلاصة الدلالات أن إدارة اميركا الحالية لا تبالي إلا بمصالحها، وان من يعتمد عليها ويصادقها قد يحصل على طعنة منها لأن مصالحها فوق الجميع. وهي لا تكافح الارهاب بل تعززه وتغذيه وتعرّض أمن العالم واستقراره للخطر.

 

بقلم: جاك خزمو

الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر

القدس 6/1/2020

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت