الشرق الاوسط امام متغيرات استراتيجية

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد

قد لا يكون من باب الصدفة توقيت اغتيال قاسم سليماني مع بدء الحملة العسكرية التركية علي ليبيا والدفع باتجاه دعم قوات السراج تحت مزاعم حماية الشرعية ودعمها ,وليس حبا في السراج  ولا حفاظا علي الشرعية وانما لان تركيا تريد موقع استراتيجي في شرق البحر المتوسط ووسط افريقيا  يمكنها من البحث عن الثروات والطاقة في البحر المتوسط وحتي علي الارض الليبية بحرية وقد لا يفكر احد ان هناك بعض العلاقة الزمانية بين الحدثين وان سبق احدهما الاخر لكن الحقيقة تبدوا صعبة امام بعض الشواهد وهي ان الشرق الاوسط بات امام متغيرات استراتيجية سيكون لها اثار كارثية لسنوات ,كل القوي تحاول ان  يكون لها موطئ قدم ونفوذ  وبالتالي يكون لها الحق في انشاء  مواقع استراتيجية علي حساب الشعب العربي ليس للدفاع عن الهوية العربية والوجود العربي بين المحيط والخليج لكن  من اجل الثروات والنفظ والطاقة  , وهذا ما يفسر  حفاظ تلك القوي علي بقاء المنطقة في حالة توتر مستمرة كمبرر لبقائها وتمركزها استراتيجيا في عمق العالم العربي , مرة بدعوي مقاومة الارهاب الذي تم تشكيله ومنحه صلاحيات العمل بتغطية امريكية وتركية ودعم مالي من بعض الدول الاقليمية فيما يسمي ( داعش ) وعندما انتهي دورها وساهمت هذه المنظمات في تحقيق بعض الاهداف الاستراتيجية لهذه القوي انتهي دورها واتخذ قرار من تلك القوي بانهائها علي اعتبار انها الارهاب المخيف وبالفعل هذا ما حدث في كثير من الدول التي تحيط بالخليج العربي .

اليوم وصلت حالة التوتر في الخليج العربي الي مرحلة السخونه وباتت المنطقة تغلي علي جمر بعد قيام الولايات المتحدة بتسخين الاجواء واغتيال قاسم سليماني في العراق ليس لانه يهدد الولايات المتحدة وجيشها هناك وليس لانه يتهدد اسرائيل بحرب تحرر القدس لكن لان امريكا تعرف طبيعة التوقيت  لتستفيد من هذا التوقيت حتي لو نشبت حرب علي خلفية ذلك ولعلها تحاول ان تكون تلك الحرب  محدود لا   تستمر طويلا وتخرج كثيرا عن الحد المرسوم لها لذلك ستحاول حصرها في ساحة العراق بقدر الامكان ...!!. لكن قد تكون هناك  متغيرات استراتيجية كبيرة تاخذ مجراها علي صعيد المنطقة  وخاصة بالخليج العربي والسعودية والعراق والكويت واليمن لان حصر الحرب بالعراق مسالة مستبعده لوجود امريكا في مناطق اخري . امريكا تعيد نشر قواتها في العراق وتعزز تواجدها في شمال وغرب العراق واخذت ترسل عشرات الالاف من الجنود الي مناطق التوتر هناك وعززت سفاراتها بعدد اخر في كل من مصر وبيروت والكويت والسعودية والعراق وقطر والامارات العربية  . الولايات المتحدة بدأت باغراق المنطقة بالجنود الامريكين وانشاء قواعد جديدة في كل مكان بالسعودية والخليج العربي في صورة احتلال بالتفاهم والرغبة العربية ومع ذلك وهنا ارتفعت فاتورة شراء السلاح الامريكي والفرنسي والبريطاني واصبح الشرق الاوسط السوق رقم واحد بالعالم لكافة انواع واشكال السلاح وخاصة الصواريخ الاعتراضية وتكنولوجيا الرادار المتطور.

خارطة جديدة للشرق الاوسط  بدأت تتشكل حسب نفوذ القوي الكبري واللاعبين الاساسين بالمنطقة امريكا وايران وتركيا وروسيا وحتي بريطانيا وفرنسا كل له ملعبه ومساحته التي يعمل فيها بحدود يعرفها الاخر ويحترمها الاخر , امريكا الان تتولي ادارة الصراع في تلك المنطقة اليوم تحت زريعة توقع حرب تشنها ايران علي الوجود الامريكي ردا علي اغتيال سليماني , وبات الجميع يخاف من تداعياتها حتي تلك الدول التي لها نفوز محدود كروسيا  في مناطق قريبة من مسرح الصراع, امريكا  تجهز احدث ما تمتلك من طائرات F35   والغواصات النوووية وحاملات الطائرات وقاذفات الصوارخ الدقيقة وباتت تتحدث عن عدد الاهداف التي ستضربها مع اي رد ايراني وسوف تستمر الولايات المتحدة في التجهيز لاي حرب الي ما بعد انتخابات الرئاسة الامريكية نوفمبر 2020 ولعلي اعتبر ان هذا احتلال عسكري بامتياز قد لا ينتهي بعد سنوات وانما سيمتد الي ابعد من عشر سنوات وخاصة اذا ما بقيت الحرب الباردة بين ايران وامريكا وبقي المشهد يعتليه تهديدات بحرب ساحقة وقتل جنود امريكين في كل مكان وتهديدات بضرب كافة المواقع الاستراتيجية في ايران بالمقابل  , اما اذا نشبت حرب حقيقية بين امريكا وايران فان الحرب لن تستمر طويلا وسرعان ما سيتم حسمها وبالتالي توقفها واعادة انتشار للقوات الامريكية وكأن شيئا ما يجري بتنسيق عالي بين اللاعبين الكبار. اسرائيل ليس لاعبا اساسيا ولا حتي الفلسطينين لكن تبقي اسرائيل المحرض الاساسي لنشوب حرب كبيرة في المنطقة هي تريدها وتخطط لها منذ اكثر من عشر سنوات بين امريكا وحلفائها وايران علي اعتبار ان قوة ايران العسكرية لابد من تخفيضها الي ما تحت مستوي القوة العسكرية الاسرائيلية واسرائيل تحرض ايضا ليبقي لها مخلب في الخليج العربي تبدي من خلاله حسن النية لتتطوع بتقديم التكنولوجيا المطلوبة لجمع المعلومات  الاستخبارية التي ستغير طبيعة الحرب في المنطقة , والعلي اتوقع ان اي حرب تنشب في المنطقة  بين امريكا وايران ستطال دول عربية اخري مجاورة ضمن الحلف الامريكي وستطال اسرائيل ايضا  وسيتم استهداف كل محطات تكرير البترول وتحلية المياة في السعودية ومحطات الطاقة وتوليد الكهرباء والكويت والامارات وكل القواعد العسكرية علي ارض تلك البلدان وسوف تشتعل معها كل مواني الخليج العربي وستحول مياة الخليج الي كتلة نار. مهما حاولنا التنبؤ بطبيعة الحرب اذا ما تفجرت فاننا قد لا نوفق لان الارض هي التي تحكم ذلك فكلما كان الرد الايراني قاسيا اذا ما حدث كانت طبيعة الحرب اكبر واعتقد ان الجميع يفهم ان اي حرب شاملة ستكون مدمرة لان ما يتوفر لدي الجميع من سلاح وقدرات صاروخية كبيرة سواء ايران او امريكا وحلفائها .

د.هاني العقاد  

[email protected]

 

   

 

 

المصدر: فلسطين اليوم -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت