مقتل سليماني، بُشرى للفرح، أم فاجعة كبيرة؟

بقلم: لارا أحمد

لارا أحمد

لا زالت ارتدادات حادثة اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قبل عدة أيام من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، تزداد وتيرة وحدّة على مستويات سياسية وداخلية في عديد من البلدان في المنطقة، حيث الترقب سيد الموقف، والانتظار بما ستحمله الأيام القادمة من تغيرات أو ردود قد تؤدي لمواجهة أكبر مما هي عليه الآن، بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية. طهران وبعد مقتل سليماني أطلقت تهديدات جمة من كافة جهاتها الدبلوماسية والعسكرية والرسمية، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم يدّخر جهداً في إظهار مدى الاستعداد الأميركي للرد على أي عمل قد تقوم به ايران ضد القوات الأمريكية في المنطقة، فانقسمت الشعوب العربية بين مناصر لإيران وبين شامت فيها، فهناك من اعتبر الحادثة نهاية طبيعية لطاغية وقاتل، وهناك من رآها غدراً لقائد عظيم وهُمام.

على الصعيد الفلسطيني فقد شهد الموقف الداخلي اختلافاً في كيفية التعاطي مع حادثة الاغتيال، فيما لم يصدر أي موقف رسمي من السلطة الفلسطينية تجاه الحادثة. وفي قطاع غزة قامت حركة حماس وبعض الفصائل بإقامة بيت عزاء في مقتل سليماني، في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، مما أثار حفيظة جموع كبيرة من النشطاء من كافة الانتماءات الحزبية، حتى من حركة حماس نفسها، فقد كتب الناشط والقيادي الحمساوي أدهم أبو سلمية تغريدة عبر حسابه الشخصي في تويتر يدين فيها وصف حركة حماس لسليماني بشهيد القدس، موضّحاً بأنه يرى ويعلم بأن سليماني لم يقم بإلقاء طلقة من أجل القدس، وبالمقابل هناك عشرات الآلاف من الضحايا العرب في سوريا والعراق الذين قتلهم سليماني وقواته "على حد تعبيره، كما وشهدت جنازة قاسم سليماني حضور عدد من قادة المكتب السياسي لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وقد قام إسماعيل هنية بإلقاء خطاب مؤبّناً فيه سليماني وموضّحاً دوره في دعم المقاومة حركة حماس، معزيّاً الشعب الإيراني بفقدان أحد أهم قادته العسكريين والسياسيين، الأمر الذي رآه البعض ضرباً بعرض الحائط لكافة الالتزامات الأخلاقية والانسانية تجاه شعوب المنطقة التي تعرضت للقتل والتشريد والاضطهاد.

وفي البحث عن آراء فلسطينية أكثر، يقول الدكتور عز الدين المصري، دكتور العلوم السياسية من قطاع غزة،  : "من اصطف مع محور الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية لن يأسف على مقتل سليماني، والآخرين الذين اصطفوا مع الرجعية والظلم والإرهاب، سيحزنون لمقتل حليفهم"، ويتابع: "أتفهم اختلاط مشاعر بعض الفلسطينيين تجاه مقتل سليماني ولكن من المهم جداً لأي شخص أن يمتلك القدرة على تحليل الواقع وأن يصطف بشكل مباشر مع من نتفق معهم في الهوية والمصالح". ويُضيف معقباً على الموقف الحمساوي تجاه ما يجري: "حماس صنيعة الإخوان ولم يتبقَ لها داعم غير نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، المنبوذ والمحاصر دولياً لتبنيه منذ منتصف الثمانينات فكرة تصدير الثورة الإسلامية للدول العربية ودعم الإرهاب". ويتابع المصري : "حماس والجهاد الإسلامي يستلمون مخصصات تعادل 60 مليون دولار أميركي بشكل شهري من طهران، وسلاح وعتاد، ولذلك حماس والجهاد ملتزمين في محور إيران ضد أعدائها بمل يشمل إسرائيل والولايات المتحدة، وقريباً السعودية والإمارات والأردن والسلطة الفلسطينية". ومن جهته يقول الناشط محمد بشير: "نحن كفلسطيين لا أرانا نتفق إطلاقاً مع المشروع الإيراني في المنطقة، كما لم نعرف ولم نشعر بأي مساعدة قامت بها إيران تجاه الشعب الفلسطيني، فهي حين تدعم، فلا تدعم شعبنا، بل تدعم بعض التنظيمات التي تعطي لها الولاء، في عملية إضافة مكوّنات جديدة قدر الإمكان لحلفها ومحورها". ويضيف: "نحن غير آسفون على سليماني بقدر أسفنا على أطفال ونساء وشيوخ سوريا والعراق الذين حوّلهم سليماني ومن معه إلى أشلاء". كما كتب الناشط إبراهيم جابر عبر صفحته على فيس بوك في تعقيبه على الأحداث الجارية: "فقط لو نعرف ما الذي فعله سليماني للعرب غير تقتيل وسحل وسجن واغتصاب مئات الآلاف من رجلاً ونساء ومدن وأطفال سوريا والعراق ولبنان واليمن، لماذا كل هذا الإستهبال والاستغفال للشعوب، وكيف تجرؤ ليلى خالد "قيادية في الجبهة الشعبية" وكيف يجرؤ "هنية"؟ ويضيف: "هل لمجرد أن القاتل أمريكا يصير القتيل بطلاً، أليست إيران تشكّل خطراً على العرب أكثر من أمريكا؟".

لارا أحمد

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت