لن يتوقف الاستعمار والإمبريالية العالمية والذي تناسي البعض الحديث عنها ... او حتى الاشارة لها على انها قديما وحديثا أحد الاسباب التي أدت الى ما ادت اليه من مشهد عربي نتيجة لمخططات ومؤامرات ضد امتنا من المحيط الى الخليج . خططوا ونفذوا الكثير من خلال السياسة والعدوان المباشر وغير المباشر ... وبكل ما تم تخطيطه حتى يغلبوا القسمة على الوحدة على حساب قومية عربية لا بد من استنهاض طاقاتها وتعزيز مقومات قوتها في اطار المحافظة على حسابات قطرية في اطار مفاهيم قومية وليس خارجها .
ما تم التخطيط له منذ البداية بالمؤتمر الصهيوني الاول بالعام 1897 م ومنذ ثم اتفاقية سايكس بيكو بالعام 1916 م والتي قسمت المنطقة ما بين بريطانيا وفرنسا وايطاليا ... وما قبل هذا التاريخ كانت التقسيمات والطوائف والتناحر في ظل الامبراطورية العثمانية التي زرعت بداخل المنطقة ما يتفاعل مع كل حدث او رياح اتية من أي اتجاه .
حتى جاء الدور المكمل للاستعمار القديم ومحطاته وعد بلفور بالعام 1917 م وما نتج عنه من قيام كيان على حساب شعب هجر وشرد وسلبت ارضه . أي ان المخططات والمؤامرات قد جاءت بفعل خارجي وبتأمر من البعض القليل وبكافة الوسائل السياسية الاقتصادية وحتى العسكرية . مقدمة تاريخية موجزة ومختصرة لن نتحدث فيها عن حرب 48 والعدوان الثلاثي بالعام 56 وعدوان الخامس من حزيران 67 وما تم من نتيجته من احتلال لا زال قائما للأراضي الفلسطينية ولهضبة الجولان السورية .... ما بعد تحرير سيناء ما بعد حرب اكتوبر 73 واتفاقية كامب ديفيد . لم يترك العرب بعد ان وقعوا على ثلاثة اتفاقيات كامب ديفيد , اوسلوا , وادي عربة ... وحتى ما بعد اطلاق مبادرتهم العربية ما بعد قمة بيروت 2002 والتي اساسها الارض مقابل السلام وحق جميع دول المنطقة بالعيش ضمن حدود امنة ومعترف بها ... هذه المبادرة التي انسجمت وتلائمت مع قرارين من مجلس الامن 242 , 338 والذي جاء بهم حول عدم جواز الاستيلاء على ارض الغير بالقوة والانسحاب من الاراضي العربية التي تم احتلالها بالعام 67 . أي ان المبادرات والقرارات العربية قد جاءت منسجمة مع قرارات الشرعية الدولية ومؤسساتها الناظمة للعلاقات الدولية وللقانون الدولي الانساني .
حتى لحظة كتابة هذه السطور وما بعد تأسيس اول سلطة وطنية فلسطينية وحتى مع عدم الالتزام الاسرائيلي بها ... وحتى مع الدور الامريكي المنحاز للاحتلال والمتأمر بصفقته لانهاء القضية الفلسطينية ... لم يتوقف الامر عند هذا الحد . بل عملت الولايات المتحدة على احتلال العراق واسقاط النظام الوطني القومي واستبداله بإحلال ايران صديقة الامس وعدوة اليوم كما احتلال جزء من الشمال السوري انسجاما مع الطاغية العثماني اردوغان والذي يطمع اليوم باحتلال ليبيا ونهب خيراتها وتشريد شعبها . أي ان هناك اعداء وطامعين وان تغيرت وجوههم ... ولغتهم ... وحتى عواصمهم الا انهم مترابطون بشرهم وغدرهم وارهابهم وما يتم تصديره لنا من قوى ظلامية تكفيرية لا زالت تحدث الخراب والدمار والقتل وانتهاك الاعراض والحرمات . ماذا تبقى لقوميتنا ؟؟؟! وحتى ماذا تبقى لحساب قطرية كلا منا ؟؟؟! على صعيد قوميتنا والمشهد يتحدث عن نفسه في ظل علاقات عربية عربية لا ترضي الا الاعداء والطامعين بنا ... وفي اطار حساب القطرية لكل دولة عربية نجد بالمشهد الداخلي ما يثير الاستغراب والاستهجان عندما نرى ونشاهد من يتأمر مع الطامعين والقتلة المأجورين لأجل مصالحهم على حساب شعبهم ووطنهم . أمر عجيب ..
يصل الى حد الاستهجان والرفض القاطع والوقوف بصلابة وجدارة أمام قومية يجب ان نحافظ عليها ... وامام قطرية يجب ان نصونها بوحدتها وسلامة ارضها ووحدة شعبها . الامر متروك لقادة الامة العربية ... كما انه متروك للشعوب العربية بأن تقف امام الخطر الداهم ... والمخاطر المحيطة التي تهدد المصالح العربية والامن القومي العربي . ما يحدث اليوم بالعراق انتهاك فاضح وواضح من قبل ايران والولايات المتحدة فاطلاق الصواريخ الايرانية على قاعدة عين الاسد الامريكية داخل العراق لا يعبر عن رد ايراني بل محاولة للزج بالعراق في اتون حرب داخلية ما بين الطوائف وحتى حرب امريكية ايرانية خدمة لمصالحهم ونهبا لخيرات هذا البلد العربي .
المشهد في ليبيا الشقيقة وما جرى من استعادة مدينة سيرت من قبل الجيش الوطني الليبي والتفاف مجلس النواب الليبي حول جيشه وشعبه وعزلة ما يسمى بالسراج واحتضانه من قبل اردوغان لإدخال ليبيا في اتون حرب الهدف منها تحقيق الاطماع التركية الاردوغانية من ثروات هذا البلد العربي . ما يجري حتى الان بالمشهد العربي ومحاولة جر تونس الى حلف يضر بمصالح شعبها وشعوب جيرانها كما محاولة جر الجزائر لتحقيق مصالح غيرها تواجه حتى الان بالرفض من قبل قيادة البلدين للوقوف ودعم التدخل التركي .
المشهد العربي يزيد من حدة التخوفات نتيجة لسياسة الاطماع واستغلالا واستثمارا للحالة العربية القومية التي تفككت بفعل الفاعلين وحتى الحالة القطرية لكل دولة والتي زرع بداخلها من الطائفية والمصالح المتضاربة ما يكفي لزيادة الضعف وعدم المقدرة على الوقوف امام اخطار قادمة وتهديدات قائمة .
مصر العربية الشقيقة والتي افشلت سياسة اخونة المنطقة ... وبالتالي افشلت مشروع الشرق الاوسط الكبير والفوضى الخلاقة بتماسك شعبها والتفافه حول قيادته برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجيش مصر العظيم وكافة مؤسسات الدولة المصرية يجعلنا بحالة اطمئنان على هذا البلد العربي الكبير لكن هذا لا يكفي بما لمصر من دور واهمية وقدرة واقتدار ... بل يحتاج الى موقف شعبي عربي بدت مظاهره بتحالف ثمانية دول ضد التهديدات القائمة والقادمة كما يتطلب هذا المشهد حالة من الوعي العربي القومي والتماسك الداخلي لكل دولة عربية ...
كما يحتاج الى اعلام تعبوي عربي يتشارك فيه الجميع من اجل استنهاض طاقات الامة العربية واستثمار مقدراتها لمواجهة ما يخطط وما يدبر . الاقتصاد العربي وبما يمتلك من مقومات قوة عالية كما القدرات العسكرية العربية كما الشعوب العربية ووعيها وثقافتها كما الاعلام العربي جميعهم يجب ان يتشاركوا ويتعاونوا يتعزيز قوميتنا .. والمحافظة على قطرية كل بلد عربي وان نقف جميعا على ارضية اننا امة عربية واحدة من المحيط الى الخليج .
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت