أجمع متحدثون، أن العلاقات بين (اسرائيل) والهند تشهد انفتاحاً كبيراً وواسعاً، وذلك على حساب الدعم الهندي للقضية الفلسطينية.
وأكد المتحدثون أن الهند تحولت من دولة داعمة للقضية الفلسطينية إلى دولة تقيم علاقات استراتيجية مع (اسرائيل)، معتبرين غياب الضغط العربي والإسلامي المكافئ للضغط الصهيوني على الحكومة الهندية أحد الأسباب الذي أدى لذلك.
جاء ذلك خلال اللقاء الحواري الذي عقده مجلس العلاقات الدولية - فلسطين، بالتعاون مع مركز الدراسات السياسية والتنموية، أمس، بعنوان "التقارب الإسرائيلي الهندي وأثره على القضية الفلسطينية" في مركز غزة للتنمية البشرية وسط مدينة غزة.
وذكر رئيس مجلس العلاقات الدولية د. باسم نعيم، أن اللقاء يحظى بأهمية كبيرة، سيّما أنه يتحدث عن دولة الهند وهي ثاني أكبر تجمع بشري على الكرة الأرضية.
وأوضح نعيم في كلمة مقتضبة له خلال اللقاء، أن الهند تُعد أكبر دولة ديمقراطية في الكرة الأرضية، وهي عضو مؤسس في دول عدم الانحياز، مشيراً إلى أنها تضم جالية مسلمة كبيرة.
وأكد أن الهند له دول مهم في صناعة القرار سيّما أنها دولة صاعدة، لذلك يجب إبداء أهمية كبيرة له في الجانب الفلسطيني.
بدوره، قال رئيس منتدى آسيا والشرق الأوسط د. محمد بلعاوي، إن الهند تحولت من دولة داعمة للقضية الفلسطينية إلى دولة تقيم علاقات استراتيجية مع (اسرائيل)، مشيراً إلى أن ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان.
وأوضح بلعاوي المُقيم في تركيا، في كلمة له عبر "الانترنت"، أن الهند تسعى للتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر بوابة الاحتلال الإسرائيلي، مرجعاً ذلك إلى تراجع دور المسلمين فيها.
وبيّن أن أهم العوامل التي ساعدت الهند على ذلك، هو توجه المجتمع الهندي نحو اليمين، وتراجع اهتمامه بالقضايا الخارجية، وانهيار الاتحاد السوفيتي، التي هي جزء منه.
وأشار إلى أن الهند تسعى إلى استعادة دورها التاريخي كما دولة الصين، لافتاً إلى أن القوة البشرية الهندية أكثر فاعلية من الصينية.
وأكد أن اتفاقية أوسلو كان له دور في تطور العلاقات الهندية الاسرائيلية، كونها جاءت في تلك المرحلة، منبّهاً إلى أن (اسرائيل) تحاول توطيد علاقاتها مع الهند بسبب وجود السوق الهندي، الذي يُعد من أكبر الأسواق العالمية.
وذكر أن الاحتلال يحرص دائماً على فتح علاقات مع تلك الدول، من أجل أن يكون له راعي وممول دولي، لافتاً إلى أنه يجمع في العلاقة مع الصين والهند، رغم أن الاخيرتين على خصومة مع بعضهما.
وأوضح أن العلاقة بين (اسرائيل) والصين قائم على المصالح دون وجود أي اتفاق ايديولوجي، حيث الأولى قناة رئيسة لنقل التكنولوجيا ولديها القدرة على توليدها.
وأضاف بلعاوي، أن علاقة الهند مع (اسرائيل) انتقلت من "العادية" إلى الالتقاء الايديولوجي، حيث أن عقيدتها متشابه مع الصهيوني، كما أن (اسرائيل) نشأت في بيئة دينية ديمقراطية.
وعن آفاق العمل الفلسطيني في الهند، بيّن أنه يُمكن تقسيم إلى قسمين، الأول الدبلوماسية العامة – الشعبية- التي تكون غير رسمية، حيث تمارسها المؤسسات والسفارات وقوى المجتمع المدني. والثاني، هي الدبلوماسية الرسمية، وهي التي تقوم على العلاقة مع مؤسسات الدولة وعادة ما تكون عن طريق السلطة أو الفصائل الفلسطينية الكبرى، وبالذات حركة حماس كونها كانت في رئاسة الحكومة والتشريعي، وفق بلعاوي.
وتابع أن التعاون بين الطرفين الهند و(اسرائيل) يغلف أحياناً بأغلفة أقرب ما تكون "بروباغندا" وهي بالأساس تعاون عسكري. وأكمل "يُمكن أن تكون للدبلوماسية الرسمية دوافع تساعدها على التأثير على العلاقة الهندية الفلسطينية أبرزها الدعم العربي، والإسلامي وخاصة دول الخليج، او تحسن وضع المسلمين في الهند".
واستطرد: "المسلمون في الهند 200 مليون ويشكلون رسمياً 15% من نسبة السكان ولكن نتيجة تهميشهم لا يشكلوا 4.5 % من البرلمان، وأكثر من 2.5 % من مؤسسات الدولية ونسبتهم في الجيش 2%".
وبحسب رأيه، فأن أي تراجع في المشروع الصهيوني سينعكس إيجاباً على القضية الفلسطينية، "وأنا متفائل بذلك نتيجة الخلافات القائمة على رئاسة الوزراء في دولة الاحتلال".
من جانبه، استعرض مدير مركز الدراسات السياسية والتنموية صابر عليان، نشأة وتطور العلاقات الهندية الإسرائيلية، والتي بدأت بعد انطلاق عملية التسوية بين العرب و(اسرائيل) في مؤتمر مدريد في أكتوبر عام 1991.
وذكر عليان خلال كلمة له، أن الفترة (1962-1965) شهدت قفزة في التعاون بين الهند و(اسرائيل) في مختلف المجالات أبرزها العسكرية، حيث قدمت الأخيرة للهند في حربها مع باكستان كميات ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية.
وأشار إلى أن الهند أبرمت عام 2003، مع هيئة الصناعات الجوية الاسرائيلية عقداً بقيمة 130 مليون دولار، وقررت تزويد عشر من سفنها الحربية بمنظومة "باراك" الإسرائيلية المضادة للصواريخ.
وأوضح أن (اسرائيل) اقنعت الولايات المتحدة بأن تعاونها العسكري مع الهند يحقق لأمريكا ثلاثة أهداف، وهي استكمال تطويق إيران من الجنوب الشرقي تمهيداً لإخضاعها للسيطرة الأمريكية أو ضربها إذا اقتضى الأمر.
والهدف الثاني والكلام لعليان، احتواء الصين القوة المرشحة لمنافسة الولايات المتحدة في القرن الحالي، والثالث قمع الحركات الأصولية الراديكالية في المنطقة.
أما في المجال النووي، قال عليان، إن اهم مجالات التعاون النووي بين البلدين، هي التعاون في مجال تصغير الأسلحة النووية. وبيّن أن التقارب الهندي الإسرائيلي شكّل أمراً سلباً على العلاقة الهندية الفلسطينية، والدعم الهندي للقضية الفلسطينية، سواء اقتصادياً من خلال التبرعات والمساهمات أو دولياً على صعيد التصويت في الأمم المتحدة.