أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن لدى أوروبا الفرصة لتعزيز دورها في صنع السلام من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، باعتبار ذلك ليس مسؤولية أوروبية فحسب، بل خطوة ملموسة للتحرك نحو سلام عادل ودائم.
وشدد على تقدير دولة فلسطين للمساهمات الأوروبية في عملية بناء المؤسسات في فلسطين، مع الأخذ بعين الإعتبار أن المطلوب الآن هو التدخل السياسي والدبلوماسي للحفاظ على احتمالات سلام عادل ودائم، والتحرك نحو إنفاذ حقوق الشعب الفلسطيني لما له من مصلحة في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا وحماية الركائز الأساسية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
جاء ذلك في مقال نشره عريقات في صحيفة "الجارديان" البريطانية ، تحت عنوان "من واجب الإتحاد الأوروبي الإعتراف بفلسطين"، حيث يأتي المقال عشية إجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي المزمع عقده يوم غد 20 كانون الثاني، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث سيتضمن جدول الأعمال قضية فلسطين رسمياً بعد ما يقارب عامين. وسيناقش الاجتماع الرسالة التي وقّعها وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسيلبورن، الداعية إلى الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين.
وقال عريقات في مقاله: "تأمل حكومة نتنياهو الإسرائيلية ألا تتخذ أوروبا أي إجراء في هذا الصدد، وتعتمد على فشل الحكومات الأوروبية فرادى في التوصل إلى إجماع بشأن محاسبة إسرائيل على إنتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة على مدار عقود". مشيراً إلى أن التقاعس عن اتخاذ إجراءات واضحة لن يؤدي إلى إدامة إنكار حقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى جعل أدوات النظام الدولي أدوات بالية عفا عليها الزمن، بما في ذلك الدبلوماسية والقانون الدولي وأضاف: "هذا ما تسعى إليه كل من إسرائيل وإدارة ترامب".
وأوضح عريقات في مقاله أن الدول الأوروبية وقّعت على إعلان البندقية منذ أربعين عاماً، الإعلان الذي دعا أوروبا إلى "العمل بطريقة أكثر واقعية نحو السلام" ، والذي أكد من جديد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية وضرورة الوفاء بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. مشدداً على أن حق فلسطين في تقرير المصير ليس خاضعاً للتفاوض، إن ربط الاعتراف بفلسطين وتقييده باستئناف عملية السلام يعني إخضاع حقنا في الحرية لإرادة إسرائيل، وهذا لن يحصل.
وأردف: "لقد نجحت أوروبا بالفعل في مقاومة محاولات إدارة ترامب تغيير مرجعيات إيجاد حل بين إسرائيل وفلسطين، لكنها عاشت في حالة شلل دبلوماسي فيما يتعلق بقضية فلسطين على مدار أكثر من ثلاث سنوات، إذ حاولت واشنطن وضع سوابق خطيرة للعلاقات الدولية في الوقت الذي استمرت به العلاقات الإسرائيلية الأوروبية في التطور على نحو يكافئ إسرائيل رغم مواصلة الأخيرة إنتهاكها لحقوق الإنسان".
وفي نفس السياق أضاف: "ما زلنا ننتظر قيام أعضاء الإتحاد الأوروبي بالإلتزام بقرار محكمة العدل الأوروبية بشأن وسم منتجات المستوطنات، ومع ذلك فإن أقل ما نتوقعه، وما زلنا نطالب به، هو فرض حظر كامل على التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية الإستعمارية غير القانونية". وأبدى استهجانه من الرسائل التي وصلت إسرائيل من بعض الدول الأوروبية حول فتح تحقيق جنائي وقال: "على الرغم من بعض التطورات الهامة، بما في ذلك احتمالات إجراء تحقيق جنائي دولي في الجرائم المرتكبة في فلسطين، فإن الرسالة الرئيسية التي تلقتها إسرائيل من معظم الحكومات الأوروبية تفيد بأنها لا توافق على سياساتها لكنها لن تتخذ أي إجراء".
ولفت عريقات إلى أنه على الرغم من مواصلة حكومة الاحتلال ضم أرض فلسطين المحتلة، إلا أن بعض الحكومات الأوروبية كانت تضغط من أجل عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ، بما في ذلك قرار مجلس حقوق الانسان لعام 2016 الذي يدعو إلى إصدار قاعدة بيانات الشركات العاملة في المستوطنات والمتورطة مع الإحتلال.
وختم عريقات مقاله بالقول "إن توقعاتنا واقعية جداً، لن ينتهي هذا الإحتلال الاستعماري الاستيطاني بحكم "النوايا الحسنة" لإسرائيل، بل "بالطريق الملموسة نحو السلام"، كما ذُكر في إعلان البندقية لعام 1980، والذي يجب ترجمته إلى واقع سياسي جديد: واقع تحترم فيه أوروبا حق فلسطين في الوجود، ويضع تدابير ملموسة لإخضاع إسرائيل للمساءلة عن انتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولي. إن الاعتراف بفلسطين في حد ذاته لن ينهي الإحتلال الإسرائيلي لكنه خطوة حاسمة تحترم حق فلسطين في تقرير المصير، إنها خطوة تقدم احتمالات عملية سلام هادفة تستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ، وتؤكد من جديد أهمية المبادئ الأساسية للمجتمع الدولي.