الأسئلة الفلسطينية وأجوبة نظام روما الأساسي

قرار ادعاء المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم حرب إسرائيل - السلطة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية

الجنائية الدولية

يأتي هذا التقرير الخاص حول قرار ادعاء المحكمة الجنائية الدولية نية فتح تحقيق في جرائم حرب ارتكبت أو يتم ارتكابها من قبل السلطة القائمة بالاحتلال – إسرائيل في الأراضي الفلسطينية بعنوان "الأسئلة الفلسطينية وأجوبة نظام روما الأساسي" في توقيت تظلل فيه المشهد حالة من الضبابية والترقب حول تبعات القرار الهام وآثاره، وهو القرار الذي صدر حديثاً على لسان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السيدة فاتو بنسودا. يحاول التقرير حصر أبرز الأسئلة وفقاً لما هو متداول في السرديات الفلسطينية ومقاربة الإجابة عليها باعتماد نظام روما الأساسي كركيزة.

 

مقدمة

مربع نص:    المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية   فاتو بنسودا      يتبادر إلى الذهن العديد من الأسئلة عند الحديث عن إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ([1]) فاتو بنسودا ([2]) في 20 ديسمبر 2019 اعتزام الادعاء نية فتح تحقيق جنائي رسمي كاملاً في جرائم حرب محتملة تم أو يتم ارتكابها في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

هذا القرار يأتي بعد دراسة أولية تم البدء فيها قبل حوالي أربعة أعوام وهو ما قالت بنسودا أنه كان تقييم شامل ومستقل وموضوعي وفحص تمهيدي استوفى كافة المعايير القانونية بموجب نظام روما الأساسي، ومع أن دولة فلسطين هي التي قدمت الإحالة وبالتالي ليس هناك حاجة لإذن من الدائرة التمهيدية قبل فتح التحقيق إلا أن الخطوة الأساسية الحاسمة في إعلان بنسودا هي الطلب من الدائرة التمهيدية للمحكمة إصدار حكم إضافي بشأن الولاية القضائية الإقليمية للمحكمة في الأراضي الفلسطينية، نظراً "للقضايا القانونية والوقائعية الفريدة والمتنازع عليها بشدة والمرتبطة بوضع المنطقة التي يمكن إجراء التحقيق فيها" بالاعتماد على المادة (19) البند (3) من نظام روما الأساسي ([3]). وهو "سؤال تأسيسي" يجب أن يقرَر بأسرع ما يمكن لصالح الضحايا والمجتمعات المتأثرة والشهود المحتملين واحتياجاتهم وواجباتهم المتعلقة بالحماية ولتوفير الوضوح للدول المعنية. القيادات والمؤسسات الرسمية والمدنية الفلسطينية رحبت بالقرار واعتبره الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم عظيم. فيما هاجمت الماكينة الإعلامية الإسرائيلية المحكمة وشخص المدعي العام ([4]) واعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوماً أسوداً في تاريخ العدالة والحقيقية. الورقة التالية تفكك التساؤلات بعد القرار وتحاول مقاربة الإجابة عليها بالارتكاز على فهم نظام روما الأساسي – بمثابة دستور المحكمة الجنائية – وفي إطار خصوصية الحالة الفلسطينية الشائكة التي تتكثف وتنساب في سياق استعماري يقابله فعل تحرر وطني.

  1. ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟

محكمة دولية دائمة مستقلة يقع مقرها في لاهاي بهولندا دون أن يحول ذلك بينها وبين عقد جلساتها في مكان آخر متى ما رأت المحكمة ضرورة ذلك، جرى تأسيسها بموجب نظام روما الأساسي في العام 1998 الذي وافقت عليه 120 دولة في حين عارضت الفكرة 7 دول وامتنعت 21 عن التصويت في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا، دخل النظام حيز النفاذ في العام 2002. تهدف المحكمة إلى محاكمة ومعاقبة الأفراد المتهمين أو المحكومين بارتكاب أشد الانتهاكات وأخطر الجرائم في القانون الدولي الإنساني وهي أربع جرائم:

  • جرائم الإبادة الجماعية. ([5])
  • الجرائم ضد الإنسانية. ([6])
  • جرائم الحرب. ([7])
  • جريمة العدوان. ([8])

كما من المهم الإشارة إلى أن المحكمة تستطيع نظر قضايا أشخاص ارتكبوا الجرائم اعلاه مباشرةً أو بشكل غير مباشر مثل المسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية على الجرائم أو التشجيع عليها. بلغ عدد الدول المصادقة على نظام روما (124) حتى العام 2016، فيما بلغ عدد الدول المنضمة إلى الاتفاق بشأن امتيازات المحكمة وحصانتها (74) عند ذات التاريخ. وهي جهة مستقلة عن الأمم المتحدة من حيث التوظيف والتمويل على الرغم من منح ميثاقها بعض الصلاحيات لمجلس الأمن. تعتمد المحكمة في عملها عدة لغات من ضمنها العربية إلا ان لغات عمل المحكمة الرسمية الإنجليزية والفرنسية، وتتكون هيكليتها من:

  • رئاسة: تتولى شؤون المحكمة العامة وتضم ثلاث قضاة منتخبين من الهيئة القضائية لولاية مدتها ثلاث سنوات.
  • شعبة قضائية: تتكون من 18 قاضي متخصص في القانون الجنائي والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
  • مكتب للمدعي العام: يتولى مهام التحقيق في الاتهامات بالجرائم التي تدخل اختصاص المحكمة والبحث عن الأدلة والوثائق والشهادات وفحصها وفقاً للمعايير المتبعة ومن ثم عرضها على المحكمة. مدة ولاية المدعي العام 9 سنوات غير قابلة للتجديد.
  • قسم السجل: يتابع كل الأمور الإدارية غير القضائية، ورئيسه منتخب من قضاة المحكمة لولاية مدتها (5) سنوات.

 

 

 

 

  1. هل من حاجة أو فائدة للمحكمة الجنائية الدولية؟

ارتكبت مجموعة من أبشع الجرائم في التاريخ أثناء الحروب والنزاعات المسلحة سواء الداخلية أو الدولية، مست بشكل أساسي المدنيين/ات والأعيان المدنية، وكانت من أشخاص نافذين سواء قادة سياسيين أو عسكريين، وقد مكن الوضع الرفيع لهؤلاء القادة في دولهم على الإفلات من العقاب، ما خلق حالة من العدالة الانتقائية وأفقد الثقة لدى شرائح واسعة بالقانون الدولي وأدواته، وبالمقابل شجع مجرمين على ارتكاب الجرائم دون اكتراث بملاحقة أو عقبات، وهي الدوافع والظروف التي قادت إلى إنشاء المحكمة. لكل ما سبق وبالذات في السياق الفلسطيني الذي تمارس فيه السلطة القائمة بالاحتلال "إسرائيل" جرائم منذ سنوات طويلة على كل المستويات، وفي الوقت الذي يغض فيه العالم الحر الطرف عن هذه الجرائم أو يمارس النقد ضدها على خجل لاعتبارات اقتصادية أو مصلحية سياسية أو تحالفية أو عُقد شعورية بالذنب نتيجة تاريخ أوروبا المظلم ضد اليهود في بعض المحطات، تبرز أهمية إعمال أدوات القانون الدولي وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية في الحالة الفلسطينية، سيما أنها انتهاكات مستمرة.

 

  1. ما هي طرق إحالة الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية؟

هناك عدة طرق لإحالة الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية وهي على النحو التالي:

  • يحق للدول الأطراف في نظام روما أن تتقدم بطلب للمحكمة لفتح تحقيق في جرائم معينة، دولة فلسطين باعتبارها منضمة لنظام روما قامت بإحالة ملف الجرائم الإسرائيلية للمحكمة بتاريخ 22/5/2018.
  • يحق لمجلس الأمن أن يطلب من المحكمة إجراء تحقيق في قضية معينة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، باعتباره يعمل على حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما يحق له أن يطلب تأجيل التحقيق 12 شهر قابلة للتجديد وفق المادة (16) من نظام روما الأساسي. وهو تحدي أمام الملف الفلسطيني من الممكن تجاوزه بعلاقات متينة بالاعتماد على الصين وروسيا.
  • يحق للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يبادر من تلقاء نفسه بفتح تحقيق، ولكن يقتصر ذلك على الجرائم التي جرى ارتكابها من قبل مواطن دولة طرف في النظام أو على أراضي دولة طرف فيه.

 

 

 

 

 

 

  1. ما هو نطاق اختصاص المحكمة؟
  • على الصعيد الموضوعي: تختص المحكمة بأربع جرائم خطيرة هي الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان.
  • على الصعيد الزماني: تختص المحكمة بأثر فوري ومستقبلي ومباشر لا رجعي بالجرائم التي وقعت بعد 1/7/2002 أي بعد سريان نظامها ([9]) أما بالنسبة للدول المنضمة حديثاً للنظام فيسري اختصاص المحكمة وولايتها على الجرائم المرتكبة بعد انضمام الدولة فقط، ما لم تتقدم الدولة بإعلان يتضمن قبول منها باختصاص المحكمة على أراضيها قبل انضمامها. وهو ما قامت به فلسطين إذ قبلت باختصاص المحكمة بدءاً من 13 يونيو 2014 بأثر رجعي. ما يخرج الجرائم المرتكبة منذ العام 1948 وحتى العام 2002 من حيز النفاذ القانوني أمام هذه المحكمة مع بقاءه قائماً أمام غيرها من الهيئات القضائية.
  • على الصعيد المكاني: تختص المحكمة بالجرائم التي تقع في إقليم كل دولة تصبح طرفاً في نظام روما بغض النظر إذا ما كان المعتدي تابع لدولة طرف أم غير طرف، لكن في حال كانت الدولة التي وقعت على إقليمها الجريمة غير طرف في المعاهدة؛ فلا يكون للمحكمة ولاية بنظر تلك الجريمة؛ إلا إذا وافقت تلك الدولة على ولاية المحكمة بشأنها، وهو إعمال لمبدأ نسبية أثر المعاهدات. ([10]) من المفيد الإشارة هنا أن التحفظ على بعض بنود نظام روما غير جائز، فهي رزمة واحدة متكاملة.
  • على الصعيد الشخصي: نص نظام روما على المسؤولية الجنائية الفردية، بحيث أن اختصاص المحكمة يطبق على الأشخاص الطبيعيين، فالشخص الذي يرتكب جريمة تندرج ضمن الجرائم التي تختص بها المحكمة يكون مسؤولاً عنها بصفته الفردية.([11]) ينبغي أن نفهم أن ذلك لا يحول دون مسؤولية الدول مدنياً وفق قواعد القانون الدولي عن الضرر الذي يلحق بالغير كنتيجة لأعمالها غير المشروعة، وبالتالي تقتصر مسؤولية الدولة على التعويض عن الضرر وفق المعايير وقواعد المسؤولية الدولية. ([12]) ولا يدخل ضمن نطاق اختصاص المحكمة الأشخاص دون سن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة، وهو ما يجعل نظام روما منسجماً مع اتفاقية حقوق الطفل. في إطار الاختصاص الشخصي أيضاً كان تطور لافت في قواعد القانون الدولي تقرير نظام روما المساواة دون تمييز بصفة رسمية للأشخاص في المسؤولية، رؤساء دول، رؤساء حكومات، رؤساء برلمانات، أو أي موظف رسمي معتبراً أن صفته الوظيفية لا تشكل ضمانة له لعدم المحاكمة أو عذر مخفف للعقوبة.
  • مبدأ التكاملية: ورد في ديباجة نظام روما الأساسي أن المحكمة الجنائية الدولية ستكون مكملة للولاية القضائية الجنائية الوطنية، فما الذي يعنيه ذلك؟ يعني ذلك أن المحكمة الجنائية لن تكون بديلاً عن القضاء الوطني في الدول أو تحل محله، وإنما هدفها استكمالي، حتى في الجرائم التي تحمل الصفة الدولية فهذا غير كافي لامتداد ولاية المحكمة إليها، بل يجب أن تكون جرائم ذات صفة دولية وفي الوقت عينه من الجرائم الخطيرة التي نص عليها نظام روما، وبهذا يكون الاختصاص الأول للقضاء الوطني وما لم يباشر اختصاصه ينعقد الاختصاص للجنائية الدولية إذا ما كان القضاء الوطني غير قادر أو غير راغب في إجراء المحاكمة. وبالتبعية حتى لو كانت الجريمة مرفوعة أمام المحاكم الوطنية ينعقد الاختصاص للمحكمة الجنائية طالما أن الدولة ليس لديها القدرة أو الإرادة للبدء بالتحقيق وإجراء المحاكمة، ومن المهم التركيز هنا على بعض المحاكمات الشكلية التي قد تقوم بها السلطة القائمة بالاحتلال لسحب الاختصاص من المحكمة الجنائية.

 

سبق للسلطة القائمة بالاحتلال "إسرائيل" أن أجرت تحقيقات في (11) حالة قتل مباشر لفلسطينيين شكلت ما يشبه إعدامات خارج نطاق القانون، حاكم خلالها جندياً واحداً فقط بتهمة مخالفة الأوامر، ما شكل محاكمات شكلية تهدف لطمس الحقائق، من القضايا البارزة قرار النيابة العامة العسكرية إغلاق ملف التحقيق ضد العقيد إيلان ملكا قائد لواء جفعاتي سابقاً الذي صادق لسلاح الجو على إطلاق النار على بيت في حي الزيتون في غزة في حملة الرصاص المصبوب ما تسبب في قتل 21 مدنياً من عائلة سموني من ضمنهم نساء وأطفال. بعد ثلاث سنوات من المحاكمة تم إغلاق الملف. في العام 2011 تواردت أخبار عن ترقية ملكا إلى رتبة عميد من قبل رئيس الأركان السابق وزعيم تحالف أبيض – أزرق حالياً بيني غانتس، وفي العام 2016 تم تعيينه نائباً لمديرية مصلحة السجون وترفيعه لرتبة لواء.

في 13 يناير 2020، أوردت صحيفة هآرتس العبرية خبراً عن تعويض فلسطينيين على خلفية تدمير الجيش الإسرائيلي ممتلكاتهم وهو ما يزيد الخشية من محاكمات شكلية استباقية تهدف للطعن بمشروعية اختصاص الجنائية الدولية.

 

 

 

 

مستطيل مستدير الزوايا: سبق للسلطة القائمة بالاحتلال

 

مربع نص:    أطفال جرحى من عائلة سموني لحظة وصولهم للمستشفى بعد الاستهداف الإسرائليي لمنزلهم. 5/1/2009. المصدر: وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.

 

 

 

 

  1. ما القصة الفلسطينية في سردية المحكمة الجنائية الدولية؟

على مدار سنوات توجه الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية ضمن مسار طويل ورحلة بالغة التعقيد، بدأت القصة في يناير 2009 الذي شهد العدوان الإسرائيلي الأول على قطاع غزة، وزير العدل الفلسطيني الأسبق علي خشان أودع إعلاناً رسمياً لدى مكتب المدعي العام السابق لويس أوكامبو ([13]) طلب وزير العدل في حينها إجراء تحقيق في جرائم إسرائيلية ارتكبت خلال العدوان الإسرائيلي الذي حمل اسم "الرصاص المصبوب". لكن مكتب الإدعاء قام برفض الطلب بحجة أن فلسطين ليست دولة وفق معايير القانون الدولي.

بعد ذلك الرفض بثلاثة أعوام – 2012- نالت فلسطين صفة الدولة المراقب غير العضو في منظمة الأمم المتحدة وامتنع المدعي العام عن التحرك باتجاه اخذ موقف من التغير في الصفة الدولية لفلسطين، طالباً أن يتم تسوية الأمر في الأمم المتحدة. مما أبقى ملف المحكمة الجنائية راكداً على ما هو عليه. إلى أن جاء العدوان الإسرائيلي الثاني في يوليو 2014 وتقدم وزير العدل الفلسطيني الأسبق سلام السقا بشكوى عبر محامي فرنسي نيابةً عنه نظراً لتعذر سفره من غزة حيث يقيم، إلا ان المدعي العام فاتو بنسودا ردت على الطلب بأن رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية هم فقط المخولون بالإعلان عن موافقة فلسطين على الامتثال لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

في العام التالي - يناير 2015- انضمت دولة فلسطين إلى نظام روما الأساسي وأعلنت عبر إيداع رسمي من وزارة الخارجية بموجب الفقرة (3) من المادة (13) قبول فلسطين اختصاص المحكمة بأثر رجعي بدءاً من 13/6/2014 بما يدخل العدوان الإسرائيلي الثاني على غزة في دائرة التحقيق والاتهام، لتبدأ المدعي العام فاتو بن سودا الدراسة الأولية للوضع في فلسطين.

 

 

 

 

كما قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإصدار مرسوم رقم (3) لسنة 2015 والذي يقضي بتشكيل اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية والتي كلفها بإعداد وتحضير الملفات التي سيجري تقديمها للمحكمة.([14])

 

مربع نص:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مربع نص:    رزان النجار، ممرضة ومسعفة فلسطينية، 21 عام،  قتلها الجيش الإسرائيلي برصاصة مباشرة بالصدر خلال مسيرات العودة السلمية.  كان فارقاً في تاريخ الجرائم التي تقوم بها السلطة القائمة الاحتلال ما حصل في 15/5/2018 ضمن ما أطلق عليه مليونية العودة الكبرى في الذكرى السبعين للنكبة في قطاع غزة، إذ قتل الجيش الإسرائيلي في يوم واحد 61 مدني فلسطيني من ضمنهم 9 أطفال بما فيهم الرضيعة ليلى أنور الغندور (8 أشهر) نتيجة استنشاقها الغاز، ومسعف وشاب مقعد فيما أصيب أكثر من 2700 مدني/ة من بينهم 1000 بالرصاص الحي منهم 225 طفل و79 سيدة و13 صحفياً، فيما بلغ العدد الإجمالي للقتلى 251 مدني/ة فلسطيني في الفترة من 11/1/2018 – 28/12/2018 حسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة.([15]

على إثر ذلك قدمت فلسطين رسمياً طلب إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية لملف الجرائم الإسرائيلية والحالة في فلسطين، ومن ضمن قضايا الملف العدوان على غزة، وجريمة حرب الاستيطان، وملف الانتهاكات ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. إلى أن جاء إعلان فاتو بنسودا عن انتهاء الدراسة الأولية ([16]) والإحالة للدائرة التمهيدية لطلب قرار عن مدى انطباق نظام روما الأساسي على حالة فلسطين وتحديد الأراضي التابعة لهذه الدولة في ظل التعقيدات السياسية. ([17])

  1. ما المتوقع أمام الدائرة التمهيدية – مرحلة ما بعد انتهاء الدراسة الأولية؟

يبدو هذا السؤال هو سؤال المليون دولار في الفترة الراهنة، لكن العديد من الشواهد قد تقودنا لمقاربة الإجابة وفق النتائج المتوقع أن يصدر ضمنها قرار الدائرة التمهيدية حول وضع الأراضي الفلسطينية، الشاهد الأول هو أنه قد تم قبول فلسطين كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. وإلى العديد من المنظمات الدولية منها الإنتربول "منظمة الشرطة الجنائية الدولية" ([18])، والعضوية الدائمة في محكمة التحكيم الدولية الدائمة ([19]). ومنظمة الجمارك العالمية ([20]). ومنظمة اليونسكو وهي الأبرز بصفتها تتبع لمنظمة الأمم المتحدة في النقاش الجاري أمام الدائرة التمهيدية. ([21]) وغيرها من المنظمات الدولية التي تشير إلى صفة فلسطين كدولة.

الشاهد الثاني انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية نفسها، بانضمامها لنظام روما الأساسي وفق ما أشرنا إليه سابقاً، فضلاً عن جملة الاتفاقيات والمعاهدات المواثيق الدولية التي تؤكد هذه الصفة لدولة فلسطين. أما التحدي الحقيقي فهو أي مناطق سيقع عليها ولاية فلسطين الدولة في ظل وجود الاستيطان والتقسيمات الجيوسياسية لمناطق الضفة الغربية بما فيها القدس؟ وهو ما يجب على الدائرة التمهيدية أن تجيب عليه خلال 120 يوماً قابلة للتجديد 60 يوماً إضافية وبحد أقصى يصل (6) شهور. من المهم التركيز في متابعة قرار الدائرة التمهيدية المرتقب على الربط بينه وبين الصفة الدولية لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 والتي على إثرها نالت دولة فلسطين كل هذه العضويات.

 

 

 

 

 

 

  1. نظام معلومات لصالح الضحايا في فلسطين، ما الأهمية؟

بتاريخ 13/7/2017 أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قراراً لقلم المحكمة بإنشاء نظام تحت عنوان "نظام خاص بالمعلومات وفعاليات التوعية على وجه السرعة لصالح الضحايا والتجمعات السكانية المتضررة في سياق الحالة في فلسطين" ([22]) مرفقاً بقرار إنشاء صفحة معلومات على الموقع الإلكتروني الخاص بالمحكمة مخصصة للضحايا في فلسطين. وكلمة فلسطين هنا تعني الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة. ما يعني أن الجنائية الدولية سبق لها فعلاً وأن مدّت ضمناً ولايتها لهذه الأراضي الفلسطينية، في شاهد آخر على ما يتوقع أن يتجه إليه قرار الدائرة التمهيدية إذ سيعتبر أي قرار مغاير منها تراجع وارتداد وتناقض دون أن تنفي هذه الشواهد إمكانية جدية لصدور هذا القرار المغاير. على الوجه الآخر أهمية هذا القرار بإنشاء نظام المعلومات تكمن في أنها تؤكد الدور الجوهري للضحايا في المحاكمات، وكونه ينشئ نظام للتواصل بين المحكمة والضحايا، دون أن نحمله ما لا يحتمل، فهو في نهاية المطاف لا يتخذ أي موقف صارم بل يتحدث في صيغته عن إبلاغ المواطنين/ات والضحايا وتوعيتهم بآلية عمل المحكمة وآلية تقديم الشكاوى إليها وضمن أي إجراءات ومعايير ينبغي أن يجري ذلك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  1. ما هي الأدوات الإسرائيلية في إعاقة التحقيق أو إيقافه؟

مربع نص:    أعلن ويليام شاباس عبر مجلة من حيث المبدأ إسرائيل دولة غير مصادقة على نظام روما الأساسي، ولكن هذا لا يعني أنها تستطيع التهرب من مسؤوليتها وفق هذا المبرر، بمعنى أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة أو عدمه لن يكون فارقاً في ظل قبول الدولة التي وقعت الجرائم على أراضيها بالاختصاص أي دولة فلسطين، وهو ما يؤكد مجدداً أهمية قرار الدائرة التمهيدية المرتقب.

مع هذا يمكن للسلطة القائمة بالاحتلال عرقلة العدالة برفض التعاون مع المحققين وهو ما حدث فعلاً في نوفمبر 2014 بمنع لجنة القاضي الكندي "شاباس" التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بغية التحقيق في الانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. لكن هذا قد يؤخر العدالة دون أن يتمكن من إيقافها بشكل كلي في حال توفر إرادة جدية لدى القضاة للمضي قدماً في التحقيق وصولاً للعدالة وإنصاف الضحايا.

من الأدوات المحتملة التي ستلجأ إليها إسرائيل أيضاً شخصنة الأمر بالنبش في ماضي القضاة وهو ما بدأ مع المدعي العام فاتو بنسودا لتشويه صورتها. واستخدام إسرائيل نفوذها الدولي للضغط باتجاه تأجيل التحقيق بطلب من مجلس الأمن لمدة 12 شهر قابلة للتجديد وفق المادة (16) من نظام روما باستغلال علاقتها الممتازة مع الإدارة الأمريكية النافذة جداً في المجلس.

سبق للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب أن توعد في نيسان 2019 المحكمة الجنائية الدولية علناً برد قوي إذا ما حاولت ما أسماه "استهداف" الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أياً من حلفاءها. ووصف المحكمة بغير الشرعية. وهي تصريحات أتت بعد أسبوع من سحب واشنطن تأشيرة دخول فاتو بنسودا نتيجة التحقيق في جرائم حرب محتملة من قبل الجنود الأمريكيين في أفغانستان. كما هدد جون بولتون ([23]) مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق بفرض عقوبات على قضاة المحكمة. من الأدوات الإسرائيلية كذلك أن تقوم إسرائيل – على اعتبار أنه لا يشترط مصادقة الدولة على نظام روما الأساسي لرفع قضايا أمامها طالما قبلت ولاية المحكمة بصورة استثنائية إذا تعلق الأمر بجرائم ارتكبت على أراضيها ومن أشخاص ينتمون إليها - برفع دعاوى ضد الفلسطينيين. وهو ما يعزز المخاوف الفلسطينية من أن المحكمة الجنائية لن تختص فقط بالأعمال أو الجرائم التي ترتكبها سلطة الاحتلال، بل بكل ما وقع من انتهاكات في الأراضي الفلسطينية بغض النظر عن مرتكبها، مع التأكيد أن نقطة القوة الفلسطينية هنا تتمثل في حق تقرير المصير والدفاع الشرعي عن النفس الذي كفلته المواثيق الدولية فضلاً عن تركيز الفصائل في قطاع غزة بعملها على أهداف عسكرية وتجنبها تعمد إصابة مدنيين. دون أن نغفل التخوف الآخر من الضغط السياسي على القيادة الفلسطينية وباستخدام أدوات اقتصادية أصعب إذا ما وصل التحقيق مراحل جدية ومتقدمة، تشمل قطع ما تبقى من مساعدات مالية. بالإضافة إلى إثارة ضبابية الوضع الدولي لفلسطين وتضخميه من قبل خبراء القانون الإسرائيليين كمحور في المواجهة. واستباق تحقيق المحكمة الجنائية بمحاكمات وطنية إسرائيلية شكلية وصورية للجنود والضباط المحتملين كما سبق وجرى الإشارة إليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  1. ما الفرص الفلسطينية في المواجهة واحتمالات الاستفادة؟

ينبغي للفلسطينيين بكافة فئاتهم سواء الضحايا أو أهاليهم، المؤسسات المدنية، المؤسسات الحقوقية والقانونية، المحامين، المؤسسات الرسمية، القيادة والفصائل السياسية العمل وبشكل مكثف وسريع على تقديم كل ما يلزم من معلومات للدائرة التمهيدية وإغراق المحكمة بمعلومات الضحايا التفصيلية والملفات المتكاملة، وبالذات منها تقارير الرصد المشفوعة بالقسم التي ترصدها المؤسسات الحقوقية ميدانيا وبالتعاون مع وزارتي الخارجية والعدل، وإبقاء القضية مثارة على مستوى الرأي العام المحلي والدولي بما يحول دون محاولات تعطيل الملف أو المماطلة فيه أو تناسيه باستخدام عامل الوقت.

على المستوى السياسي الفلسطيني ينبغي الاستفادة من العلاقات الجيدة نسبياً مع روسيا والصين بشكل مباشر أو من خلال الدول العربية والصديقة بما للدولتين من نفوذ ضاغط في مجلس الأمن للحيلولة دون استفادة إسرائيل من نفوذ الولايات المتحدة "الفيتو" في مجلس الأمن لتعطيل القرار بالتأجيل المستمر وفق المادة (16) من نظام روما. ([24])

من المهم أن تستفيد دولة فلسطين من فرصة انتخابها عضو في المكتب التنفيذي لجمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ([25]) للضغط بكل قوة باتجاه اتخاذ ما يلزم لقيام المحكمة بدورها الكامل. وهو المكتب الذي يتولى مهام الإشراف على عمل جمعية الدول الأعضاء في المحكمة وما يتضمنه ذلك من تعزيز مبدأ عالمية نظام روما وحث الدول غير الأعضاء على الانضمام للمحكمة، إلى جانب اتخاذ ما يلزم لضمان قيام المحكمة بالمهام المنوطة بها بموجب نظام روما الأساسي.

على الصعيد السياسي من الممكن للقيادة السياسية أن تستفيد من هذا الملف وتضغط عبره باتجاه مكاسب ذات علاقة بالأسرى أو تفكيك المستوطنات أو الحواجز او الانسحاب من الضفة الغربية مقابل تجميد الملف مؤقتا أو سحبه. كما يشكل قرار المحكمة إذا ما استكمل بإصدار الدائرة التمهيدية قراراً إيجابي حول الأراضي الفلسطينية معززاً للصفة الدولية وداعما لجهود الاستقلال والتحرر الوطني الفلسطيني وهو ما من شأنه إذا ما استكمل بتحقيق جدي يجلب المجرمين للعدالة وينصف الضحايا إعادة إقناع الفلسطينيين بأدوات القانون الدولي كوسيلة نضالية ما يعزز الاستقرار في كامل الإقليم. كما أن جبر الضرر يعني إزالته وعلاجه ووقف آثاره وفق القواعد الدولية، ما يوجب في حال صدور الحكم على إسرائيل وقف أعمالها غير المشروعة. عدا عن التعويض المادي عن الضرر عملاً بما جاء في اتفاقية لاهاي الرابعة ما يشكل مكسب اقتصادي محتمل.([26])

 

  1. العقوبات، سؤال المستقبل؟

لا يوجد عقوبة إعدام في نظام روما الأساسي. العقوبة القصوى التي قد يُحكم بها في المحكمة الجنائية الدولية السجن حتى 30 عاماً، أو السجن المؤبد مدى الحياة في الحالات القصوى، وفرض الغرامات، وحجز الأموال، ومصادرة الممتلكات والأصول. تتولى الدول الأطراف في نظام روما مسؤولية تنفيذ العقوبات المالية. ويجري تنفيذ العقوبات البدنية بالمنع من الحرية إما في مقر المحكمة في هولندا، أو عبر دولة تعينها المحكمة للتنفيذ. مع بقاء القدرة على التقدم بطلب نقل من دولة التنفيذ قائماً للمحكوم. وحتى في حال صعوبة أو تعذر التنفيذ، صدور أوامر بالقبض على مجرمين إسرائيليين من قبل المحكمة – الذي قد يحتاج سنوات قبل أن يتم – من خلال منظمة الإنتربول. وعلى شكل التزام على دول نظام روما البالغة حوالي 123 دولة سيجعل قادة الصف الأول عسكرياً وسياسياً في إسرائيل ملاحقين ومعزولين وفاقدين لإمكانية السفر لكل هذه الدول وأبرزها الأوروبية منها والتي تربطهم بها علاقات اقتصادية اجتماعية ثقافية وثيقة.

مربع نص: وعليه، أيا كان السيناريو المستقبلي، إلا أن ما بعد هذا القرار لن يكون كما قبله. وهو قرار وإن كان قانوني إلا أنه مفخخ بالفخاخ السياسية، وستبقى تفاعلاته وجدلياته حية، على أمل أن تكتمل سردية الضحايا بأفق فيه عدالة وإنصاف.

 

[1]  للمزيد أنظر موقع الأمم المتحدة باللغة العربية، خبر بعنوان: مدعية المحكمة الجنائية الدولية تعلن عزمها فتح تحقيق رسمي في جرائم حرب ارتكبت في فلسطين، 21 ديسمبر 2019. https://news.un.org/ar/story/2019/12/1045971.

[2]  محامية  ووزيرة العدل السابقة في غامبيا والمستشارة السابقة للرئيس الغامبي الثاني يحيى جامع. والمستشار القانوني والمحامي في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، شغلت سابقاً منصب نائب المدعي العام المسؤول عن شعبة الادعاء في المحكمة منذ العام 2004، وتشغل حالياً منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منذ يونيو 2012.

[3]  راجع نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. تم اعتماده في 17 يوليو 1998 خلال مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية والذي عقد في روما. وهو بمثابة دستور المحكمة ودخل حيز النفاذ في 1 يوليو 2002. نصت الفقرة (3) من المادة (19) – الدفع بعدم اختصاص المحكمة أو مقبولية الدعوة على: " للمدعي العام أن يطلب من المحكمة إصدار قرار بشأن مسألة الاختصاص أو المقبولية. وفي الإجراءات المتعلقة بالاختصاص أو المقبولية يجوز أيضاً للجهة المحيلة عملاً بالمادة (13). وكذلك للمجني عليهم أن يقدموا ملاحظاتهم إلى المحكمة ". أما المادة (13) فنصت على: " للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة (5) وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية: إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقاً للمادة (14) حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. إذا أحال مجلس الأمن متصرفاً بموجب الفصل السابع من نظام الأمم المتحدة حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة (15). نسخة تحوي ترجمة عربية دقيقة للميثاق: https://legal.un.org/icc/statute/arabic/rome_statute(a).pdf

[4]  "الشيطان من غامبيا والمدعية من لاهاي" افتتاحية يديعوت أحرنوت، بقلم دانييل بتيني وآخرين، 23/12/2019. ومقال أشمل على THE TIMES OF ISRAEL – من غامبيا إلى لاهاي: تعرف على العدو الجديد رقم واحد لإسرائيل. https://www.timesofisrael.com/from-the-gambia-to-the-hague-meet-israels-new-public-enemy-number-one/. 25 ديسمبر 2019.

[5]  القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكاً كلياً أو جزئياً. للمزيد راجع المادة (6) من نظام روما.

[6]  أي فعل من الأفعال المحظورة التي نص عليها نظام روما، إذا ما ارتكبت بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق. وهي من أطول التعريفات في النظام. للتفصيل راجع المادة (7) من نظام روما.

[7]  كل الخروقات التي يتم ارتكابها بحق بند من بنود اتفاقية جنيف الرابعة 1949، وخروقات قوانين الحرب في النزاعات المسلحة سواء الداخلية أو الدولية لا سيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة في إطار ارتكاب واسع النطاق لهذه الجرائم.

[8]  رغم أنها أُدرجت ضمن الجرائم التي تدخل اختصاص المحكمة إلا أنه لم يرد تعريف لها في نظام روما. وما ورد أن المحكمة تمارس اختصاصها على هذه الجريمة متى اعتمد حكم بهذا الشأن يعرف الجريمة ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها المتعلق بها. على أن يكون هذا الحكم متسقاً مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة. الإيجابي أنه في 15 ديسمبر 2017 اتخذت جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي قراراً بتفعيل اختصاص المحكمة الجنائية على جريمة العدوان بدءاً من 17 يوليو 2018. بعد مفاوضات مكثفة بشأن أحد جوانب الاختصاص القضائي والتي ظلت مثيرة للجدل منذ تعديلات كمبالا حول جريمة العدوان. وهو ما أكمل رحلة مدتها قرن من الزمان رغم بعض المآخذ. وشكل نداء في الوقت المناسب إلى ضمير الإنسانية بشأن أهمية حظر استخدام القوة في أي نظام قانوني دولي يهدف لحفظ الأمن والسلم الدوليين. لمعلومات أكثر راجع: دراسة حول تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على جريمة العدوان، كلاوس كريس، مجلة الإنساني الصادرة عن المركز الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر، 6 سبتمبر 2018، https://blogs.icrc.org/alinsani/2018/09/06/2016/.

[9]  المادة (11) والمادة (42) من نظام روما.

[10]  أي أن المعاهدات الدولية من حيث المبدأ لا تعتبر ملزمة إلا في مواجهة الأطراف التي ارتضتها وهم من يكتسبون ما تقرره من حقوق ويتحملون  ما ترتبه من التزامات.

[11]  المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

[12]  يشكل هذا الأمر فارق جوهري بين أكبر محكمتين دوليتين، الجنائية الدولية والعدل الدولية، ففي حين أن المحاكمة في الأولى تقع للأفراد ومسؤولية الدول مدنية، فإن الثانية تنظر في قضايا الدول.

[13]  المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية 2003 – 2012، وهو أرجنتيني الجنسية، ووجه اتهامات للرئيس السوداني المعزول عمر البشير بجرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وله العديد من المؤلفات من بينها كيف نفسر الدكتاتورية لأطفالنا وكيف نحارب الفساد.

[14]  راجع الوقائع الرسمية، ديوان الفتوى والتشريع، العدد (111)، فبراير 2015، ص19.

[15]  تقرير سنوي خاص حول إحصائيات الشهداء والجرحى في انتفاضة القدس ومسيرة العودة السلمية، التقرير كاملاً على موقع وزارة الصحة الفلسطينية، https://cutt.us/CMLHM.

[16]  يقوم مكتب الادعاء العام من خلالها بتقييم أولي للمعلومات التي تلقاها وتصنيفها للتحقق إذا ما كانت تقع أو لا تقع ضمن نطاق اختصاص المحكمة، ويدرس قضايا متصلة بالاختصاص ومسألة مقبولية القضية وفق خطورة الجرائم ووفق مدى مساهمتها في تحقيق عدالة محتملة للضحايا، في هذه النقطة يمكن للادعاء ألا يباشر التحقيق إذا ما رأى أسباب جوهرية تدعوه للاعتقاد أن إجراء تحقيق لن يخدم مصالح العدالة، كما لا يوجد سقف زمني معين للانتهاء من الدراسة الأولية. بعد انتهاء الدراسة يعلن الادعاء العام إذا ما كان سيرفض إجراء التحقيق أو يباشر به، وهو ما تجاوزته بن سودا بقبول التحقيق وإحالة الملف للدائرة التمهيدية.

[17]  راجع الصفحة 2 من هذه الورقة.

[18]  أكبر منظمة شرطة دولية أنشئت في العام 1923 ومكونة من قوات شرطة 194 دولة حول العالم. مقرها الرئيسي مدينة ليون في فرنسا. انضمت إليها دولة فلسطين في سبتمبر 2017.

[19]  منظمة دولية توفر للمجتمع الدولي خدمات متنوعة في مجال حل النزاعات. تأسست عام 1899 كأحد نتائج مؤتمر لاهاي للسلام. وهي بذلك أقدم مؤسسة تسوية في العالم. مقرها الرئيسي مدينة لاهاي بهولندا. انضمت إليها دولة فلسطين في مارس 2016.

[20]  منظمة حكومية دولية تعنى بكل ما يتعلق بالتشريعات والمساطر الجمركية التي تنظم التجارة الدولية. مقرها بروكسل. تضم 178 دولة. تأسست عام 1952. انضمت إليها دولة فلسطين في مايو 2015.

[21]  منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم. وكالة متخصصة تتبع لمنظمة الأمم المتحدة. تأسست عام 1945. انضمت إليها دولة فلسطين بعضوية كاملة  في أكتوبر 2011.

[22]  للمزيد: القرار بإنشاء النظام كاملاً باللغة الإنجليزية على الرابط  https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2018_03690.PDF.

[23]  محام أمريكي يصنف من صقور الإدارة الأمريكية السابقين، عمل سفير الولايات المتحدة لدى منظمة الأمم المتحدة في فترة الرئيس جورج دبيليو بوش، وهو مدافع شرس عن السياسات اليمينية والحربية الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة. جرى إقالته من منصبه كمستشار للأمن القومي مؤخراً لكنه ما زال نافذ في مؤسسات صنع السياسات الأمريكية.

[24]  نصت المادة (16) من النظام على: "لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثنى عشر شهراً بناءً على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها".

[25]  جرى انتخاب فلسطين بالإجماع لهذا الموقع، خلال الجلسة الافتتاحية للجنائية الدولية في لاهاي بتاريخ 2 ديسمبر 2019،

[26]  نصت المادة (3) من الاتفاقية على أنه: "يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام اللائحة المذكورة ملزماً بالتعويض إذا دعت الحاجة، كما يكون مسؤولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة".

المصدر: المحامي: محمد النجار - مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" /فلسطين