سعر كيلو الدجاج في غزة أقل من 8 شواكل في المزرعة، مع العلم أن تكلفة كيلو الدجاج تبلغ 9 شيكل، شرط نجاح المزرعة، فإذا كانت المزرعة فاشلة، أو تعرضت للأخطار، فالخسائر في المزرعة الواحدة قد تتجاوز 20 ألف شيكل.
الناس في غزة تشتري الدجاج بسعر رخيص نسبياً، ويدعون الله أن يديم الرخاء، وبعض الناس يتمنى أن ينزل سعر الدجاج أكثر وأكثر، وهم لا يعرفون أنهم يمضغون فخذ الدجاج المنزوع من قوت أطفال مربي الدجاج.
لو سأل أحدكم مربي الدجاج، وما الذي يجبركم على مواصلة التربية، وتحمل الخسائر؟ سيقولون: الأمل، لقد تراكمت علينا الديون، ولا أمل لنا بسداد الدين إلا من خلال مواصلة تربية الدواجن، على أمل أن ينجح فوج صيصان، ويعوض بعض الخسارة، فإذا توقفنا عن التربية، فمن أين لنا بسداد الدين؟ ومن أين لنا بتوفير رغيف الخبز لأطفالنا؟
تربية الدجاج في قطاع غزة ليست غاية بحد ذاتها، مزارع الدجاج وسيلة رزق وحياة لآلاف الأسر في قطاع غزة، ويعيش عليها آلاف الأسر ممن يعملون بتجارة الأعلاف والصيصان، ومن ثم أصحاب التفقيس، وورش النجارة، وشركات النقل، والتوزيع والذبح والتنظيف والسلخ إلى أن تصل إلى محلات الشاورما، ومن ثم فم المستهلك الذي لا يعرف شيئاً عن خسارة المربي الذي وقع بين مطرقة الضائقة المالية التي يعيشها أهالي قطاع غزة، وبين سنديان وزارة الزراعة التي عومت كمية البيض اللاحم المدخلة إلى قطاع غزة، حتى بلغت في بعض الأشهر أكثر من أربعة مليون بيضة، في الوقت الذي لا يحتاج فيه قطاع غزة أكثر من 3 مليون بيضة، فإذا كان البيض مضروباً، وغير صالح للتربية، تجشم المربي العبء، وتحمل النتائج، فإذا أضيف إلى كل ما سبق ارتفاع أسعار الأعلاف، وعدم جودتها، مع انتشار الأمراض الفتاكة، وفساد الأدوية، فإذا بمربي الدجاج يقع تحت طائلة الديون والخسائر والنكبات العائلية.
كل ما سبق من معاناة تهون أمام انقطاع الغاز، ورجفة الصوص، حتى صار المربي يهتم بتدفئة الصيصان أكثر من اهتمامه بتدفئة أطفاله، فتدني الحرارة في المزرعة قد يدمرها بالكامل، ويحمل المربي أكثر من أربعين ألف شيكل خسائر في المزرعة الواحدة.
أمام هذه الصورة القاتمة، وهذه الحالة المأساوية لمربي الدواجن، ولغيرهم من فئات شعبنا المتضرر من الحصار والعقوبات، يتوجه نظر الجميع إلى وزارة الزراعة، ووزارة الاقتصاد، والهيئة العامة للبترول، وهذه الجهات الثلاثة تتحمل المسؤولية وفق مجال الاختصاص، وعليهم جميعاً البحث عن حلول جذرية لأصحاب المصائب، وفي هذا المقام لا يمكن تجاهل دور رئيس السلطة الفلسطينية، فهو المسؤول الأول والأخير عن كل ما يلحق بالشعب الفلسطيني من معاناة، فلو تسلم الموظف في قطاع غزة راتبه بالكامل، لتحسن مستوى الإنفاق، وارتفع سعر الدجاج ولو قليلاً، ولو قدمت السلطة الفلسطينية المساعدات لذوي الحاجات في قطاع غزة مثلما تقدمها للمواطن في الضفة الغربية، لتحسن الحال، وزاد الإقبال، ولو اهتمت الحكومة الفلسطينية بالمؤسسات في قطاع غزة قدر اهتمامها بمؤسسات الضفة الغربية لتحسن الحال قليلاً، وانكسرت هيبة الحصار.
من واجبات السلطة الفلسطينية تخصيص بند استثنائي في الميزانية لحل ضائقة أهالي قطاع غزة، بما في ذلك ضائقة التجار والعمال والمزارعين، والخريجين، والحرفيين، والعاطلين، وكل من يتقلب الليل على وسادة القلق، تشغله همومه اليومية وأحزانه الوطنية.
د. فايز أبو شمالة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت