عندما قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم , وهو في غار حراء "إقرأ" , قال له النبي "ما أنا بقارئ" , ثم كررها جبريل عليه السلام , إقرأ.. حرصاً منه على أن يتعلم نبينا الأمي القراءة والكتابة كي يحمل الرسالة للأمة.. وفي هذه الأيام الغريبة فنحن قرأنا كي نحمل الشهادات , ولم نقرأ كي نحمل الرسالة , ولم نحمل الرسالة , فهناك فرق بين من يقرأ ليعلم وبين من يقرأ ليلمع..
في طريقي لإحدى أسواق المدينة , وجدت كتب مبعثرة على الرصيف , وكان البائع ينادي "الكتاب بشيكل" ولكن لا أحد يشتري , وكان من بين هذه الكتب , كتاباً للعالم الإسلامي الراحل الجنوب أفريقي من أصل هندي "أحمد ديدات" , والذي إشتهر بمناظراته ومحاضراته حول العالم , بالإضافة الى الكتب التي ألفها , وكان يدعوا للتوحيد لدرجة أن كثيراً من الملحدين دخلوا الإسلام على يده , وكان يتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم , لدرجة أن كثيراً من علماء الغرب سلموا له أمام آلاف الحضور , وكان يتحدث عن مقارنة الأديان , لدرجة أن كثيراً من المسيحيين سلموا أن القرآن مكمل ومتمم وآخر الكتب السماوية , وأن المسيح ليس الله وليس إبن الله , إنما هو نبي الله .
أحمد ديدات رحل بروحه وجسده , وبقي علمه الذي لم ولن يرحل , ولكن العلم في هذه الأيام الغريبة مبعثر على أرصفة الأسواق , ويبدوا وكأن المارين من أمامه لم يروه ولن يروه , وربما يكونوا هؤلاء المارين طلاب جامعات وأساتذة , فلو سألت أحدهم عن معنى سورة الكوثر مثلاً فلم يجيب , لأنه بالأصل لم يعرف أحمد ديدات ولم يقرأ له , ورغم كثرة أوراق المدرسة أو الجامعة التي يحملها بيده , ولكن لسان حاله يقول , ما أنا بقارئ(..) .
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت