إجراءات الإحتلال ضد المسجد الأقصى تسير ضمن خطه السيطرة والتهويد أو وضع موطئ قدم للصهاينة داخل الأقصى ,وبعد أن قطعت شوطاً في تنفيذ التقسيم الزماني عبر إدخال المستوطنين وغلاة المتطرفين في ساعات الصباح داخل المسجد الأقصى , تحاول السيطرة المكانية وتقسيم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم كما تخطط لذلك المجموعات الصهيونية المتطرفة . تنوعت الإجراءات العدوانية ضد المسجد الأقصى ورواده , عبر القمع والإعتقال التعسفي, ويعتمد الإحتلال مؤخراً قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى من أجل تقليص الوجود اليومي للمصلين داخل المسجد الأقصى, وهذا ما حدث مع كثير من المرابطين والحرائر الذين يتواجدون بشكل دائم في المسجد الأقصى, زادت الهجمة الصهيونية لمنع التواجد الدائم داخل الأقصى ,عبر سحب تراخيص العمل لكافة المؤسسات العاملة في خدمة المسجد الأقصى , وحظر الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948م التي كان له دور كبير في الدفاع عن الأقصى , كما منع الإحتلال قادتها من دخول مدينة القدس المحتلة , كما حدث مع الشيخ رائد صلاح والقيادي كمال الخطيب وغيرهم, كما هاجمت قوات الإحتلال مصاطب العلم وإعتبرتها تنظيم محظور , ومنعت إنعقادها في ساحات الأقصى ومنعت تنظيم الإعتكافات الليلية بإسثتناء شهر رمضان , وعملت قوات الإحتلال على إغلاق بوابات الأقصى وتقييد الدخول بفئة عمرية محددة في أغلب الأوقات من السنة .
هذه الإجراءات العدوانية تتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية بالحفاظ على حرية العبادة, إلا أن الكيان الصهيوني كالعادة يمارس منهجيته العدوانية , كقوة فوق القانون مدعومة من الإدارة الأمريكية التي تشكل مستودع الإرهاب العالمي , كما أن الإحتلال لا يملك الصلاحية بالتحكم بعملية الدخول للمسجد الأقصى ولا يحق له منع أحد من الدخول لأداء العبادة , وأن ما يمارسه الإحتلال هو بالدرجة الأولى تحدياً للوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في فلسطين وفي مقدمتها المسجد الأقصى , فلم نجد من الوصي الأردني أي غضب على هذه الإنتهاكات! .
منع الشيخ عكرمة صبري , من دخول المسجد الأقصى المبارك لمدة أربعة شهور , وهو القرار الثاني بحق الشيخ حيث سبقه قرار بالمنع لمدة أسبوع لم يلتزم به, يشكل بداية إنتقال الإحتلال لمرحلة جديدة من محاولات إحكام السيطرة والتهويد, تمهيداً لسيطرة " الكيباه اليهودية " على المسجد الأقصى , في محاولة لإسكات كل الأصوات المؤثرة وتخويفها أو إبعادها عن ساحات الأقصى,ويتوقع أن تواصل قوات الإحتلال قرارات الإبعاد وصولاً لتفريغ المسجد الأقصى من كافة رجال الدين والخطباء والوعاظ والإداريين العاملين بالأقصى , وبالتالي فقدان السيطرة والنظام والرعاية داخل الأقصى ومرافقه ,من أجل إحداث حالة من الفوضى لتكون من الحجج التي يسوقها الإحتلال لتبرير السيطرة المباشرة والكاملة على المسجد الأقصى, ويصنع به مايريد وفقاً لما تمليه مخططات الحاخامات التهويدية .
لذلك من الضروري مواجهة قرارات الإبعاد التي يصدرها الإحتلال ضد الشخصيات الدينية المقدسية , وهذا يتطلب تشكيل جبهة علماء للدفاع عن المسجد الأقصى يكون نواته الصلبة من العلماء والدعاة في القدس والضفة والأراضي المحتلة عام 48 , تحرص على التواجد في الأقصى وتبقى متأهبة لمواجهة كل إعتداء على هوية الأقصى الإسلامية بكل حزم مع إسناد جماهيري كبير في كافة الميادين. المريب حالة الصمت المستهجن وغياب أي إدانات للهجمة الصهيونية ضد المسجد الأقصى , فلم نرى أي تنديد من جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي , لقرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى والتي طالت مؤخراً الشيخ عكرمة , وهو الخطيب للمسجد الأقصى منذ أكثر من "47" عاما, ماذا لو كان الأمر يتعلق بحاخام صدر بحقه قرار إبعاد عن كنيسهُ ؟!.
الأقصى للمسلمين كافة نعم , ولنا بكل تأكيد كشعب فلسطين الطلقة الأولى والسهم الأنجع في معركة الدفاع عن قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم الكريم , وهذا يتطلب هبة جماهيرية متواصلة للدفاع عن الأقصى ,وإعادة الروح للمسجد المبارك عبر التواجد المكثف خلال الصلوات الخمسة والإستمرار بفعالية في حملة الفجر العظيم ,ونحن على ثقة بقدرة المقدسيين على كسر عنجهية الإحتلال, ومن إستطاع تحقيق الإنتصار في معركة البوابات الإلكترونية قادر على الإنتصار في معركة إبطال قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك .
المعركة متكاملة وواحدة فنبدأ إسقاط صفقة القرن بإعلاء معركة القدس والمسجد الأقصى وحشد الطاقات والإمكانيات البشرية والمادية , فالإنتصار في القدس يشكل إنتصاراً لكل الساحات المواجهة في فلسطين ضد الإحتلال البغيض.
بقلم : جبريل عوده *
كاتب وباحث فلسطيني 27-1-2020م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت