بداية وقبل الخوض في مشروع أو صفقة ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية أود التأكيد على مواقف الأردن الرسمي والشعبي الثابتة مع الحق الفلسطيني والرافض لما ورد فيها أي الصفقة ، فهو يقف وبحزم إلى جانب الشعب العربي الفلسطيني توأم الروح للشعب العربي الأردني ، وهذا ما أكده جلالة الملك عبدالله الثاني والذي يؤكد دوماً أنه مع الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيرن 1967 ويصر على الرعاية الهاشمية للأقصى المبارك ودعم صمود المقدسيين في عاصمتهم القدس الشريف. والآن يمكنني الولوج لإعلان ترامب عن صفقته وبحضور نتنياهو ووصف ما جرى بأنه ليس بأكثر من أوكوزيون لتصفية المجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، بل ومسرحية سيكون وبالها تدميرياً على السلم العالمي ويقود الحضارة الإنسانية نحو عالم المجهول، تحركها أحلام يقظة لمرعوبين مما سيترتب على رحيلهما إن لم يفوزا في الانتخابات المقررة التي باتت على الأبواب جراء مقاضاتهما بتهم فساد من قبل مجتمعيهما ، جل ما يجمعهما خدمة أجندات ومخططات الصهيونية العالمية التي هي الأوكوزيون الناجح لهما للخروج من مأزق مصيدة المقاضاة ..
فلم تكن هناك خطة بل مشروع ضم لأراض فلسطينية منهوبة بهدف تقويض حل الدولتين مقابل مال مدفوع من جيوب العرب أنفسهم ينطبق عليها المثل الشعبي القائل " من دهنه وقليله ".. بمعنى آخر أن مشروع السلام الذي يروجان له في فلسطين هو فرض سياسة الأمر الواقع على أصحاب القضية والعرب كذلك ، والتي نهجها يعتمد سياسة الجزرة والعصا من خلال عبارته أي ترامب التي قالها "ربما تكون فرصة أخيرة" للفلسطينيين ، والتي تستند على ركائز خمس : أولاها : شرعنة الاحتلال الصهيوني لكامل الأرض الفلسطينية ، وثانيها : الاعتراف بقومية الدولة اليهودية تمهيداً لإخراج المتواجدين على أرضهم منها لدول الجوار أو للمهاجر ، وثالثها : التسليم بالقدس بأقصاها الأسير ومقدساتها الإسلامية والمسيحية عاصمة لها حيث تعهد بأن تظل القدس عاصمة "غير مقسمة" للدولة العبرية ، ورابعها: إلغاء حق العودة للاجئ الفلسطيني إلى دياره التي شرد عنها عنوة وبالإرهاب الصهيو غربي .. وخامسها : الرضوخ للمطالب الصهيو أمريكية فلسطينياً وعربياً بالقبول بتثبيت تواجد الفلسطيني على الأرض التي لجأ إليها أو مقرر له لجوءه إليها مستقبلاً ، بمعنى آخر توطينه حيث يكون وبالمكان الذي يفترض له فيه أن يكون وفق ما يحلمون.
تحدث ترامب وكأن فلسطين والقدس جزءاً من ولاياته الأمريكية ما يمكنه وفق تخيله فرض سطوته عليها وشطب وجود أهلها من على مسرح الأحداث العالمي ومنحها وفق دستور بلاده لمن يريد " الدولة العبرية " ، هكذا هي العنجهية الأمريكية التي تعتمد سياسة القوة في فرض الإرادة على من تريد لصالح من تريد ، ولولا النكوص وحالة الهذيان العربي لما تجرأ وبكل سذاجة على تناول القضية وكأنها قضية أمريكا الأولى حاضنة الصهيونية وراعية إرهاب الدولة اليهودي ضد الفلسطينيين والتنمر غلى الأرض العربية والإسلامية . تخبط ترامب في خطته هذه والتي رسم خطوطها العريضة صهره اليهودي كوشنير ، واضح لكل ذوي رأي وعارف في كنه الأمور ، إذ كيف يقترح حل دولتين وهو لن يجبر أي يهودي على ترك منزله الذي يعني شرعنة الاستيطان والمستوطنات القائمة في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل ، ويُمَكِّن الدولة العبرية من القدس ويلغي حق العودة ..
خطته هذه حتماً أمام تمسك ذوي الشأن الفلسطينيين بحقوقهم في أرضهم ووطنهم وبقدسهم وأقصاهم ومساندة العرب والمسلمين والمجتمع الدولي مآلها الفشل ولن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ شأنها في ذلك شأن كل المشاريع التصفوية السابقة التي اندحرت أمام تضحيات وصمود الشعب العربي الفلسطيني وبمساندة الشعب العربي الأردني له والأخيار في العالمين العربي والإسلامي ، والقوى الخيرة في شتى أنحاء الأرض ، والتي تقف إلى جانب العدل ورفض الظلم غواية الإدارات الأمريكية المتعاقبة..
وأعيد وأكرر أن صفقة ترامب ستفشل لأن فلسطين غير معروضة للبيع وستبقى حرة عربية شاء من شاء وأبى من أبى. المطلوب فلسطينياً حتى يتسنى فعلاً إسقاط نهج أمريكا التصفوي للقضية الفلسطينية هو وحدة الصف الفلسطيني وتلاحمه لتحقيق حق العودة وإقامة الدولة المستقلة بعاصمتها قدس الأقصى المبارك وإسقاط نهج ترامب وغيره من زعماء أمريكا اللاحقين.. وعربياً وإسلامياً الوقوف بحزم أمام الصلف الأمريكي المنحاز بمواقفة إلى جانب اليهود في فلسطين ، ودعم صمود الشعب الفلسطيني بالعمل لا بالقول فقط.
عبدالحميد الهمشري
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت