بعد اجتياح الجيش العراقي للكويت عام 1991 قامت الدنيا ولم تقعد وعلى اثر ذلك قام الرئيس الامريكي جورج بوش الاب بتشكيل تحالف عربي دولي من اجل تحرير الكويت وكان ثمن ذلك التحالف ، أن يكون هناك مؤتمراً للسلام وفعلا عندما خرجت القوات العراقية من الكويت وتم تحرير الكويت ثم دعوة الى عقد مؤتمر شية دولي وهو مؤتمر
مدريد ووجهت الدعوات الى الكثير من الدول والغريب في ذلك تم استثناء منظمة التحرير الفلسطينية بان يكون لها وفدا رسميا يشارك في هذا المؤتمر وبعد الاخذ والرد تم الاتفاق على تشكيل وفد أردني مطعم في شخصيات فلسطينية تنتمي الى منظمة التحرير الفلسطينية ، هذا الاستعراض يقودنا الى سؤال جوهري ، الكيان الاسرائيلي كان رافضا الذهاب الى مؤتمر مدريد كان رئيس الوزراء في ذاك الوقت اسحاق شامير فمارسوا عليه الضغط من قبل الولايات المتحدة الامريكية وذهب الى المؤتمر مرغما ولكن كان له مقولة جدا مهمة وهي تعبير حقيقي عما وصلنا اليه اليوم فقد قال شامير انني ذاهب الى مدريد ولكن سأحاور الفلسطينيين 40 عاماً دون أن يحصلوا على دولة ، هذا يؤكد لنا أن هناك استراتيجية اسرائيلية امريكية بريطانية بإنهاء ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بأي ثمن لصالح اسرائيل لكي لا ننسى مؤتمر مدريد أخذ طريقة وشكلت قنوات اتصال وحوار ولجان تتناقش وتتباحث مع اطراف الصراع مع المعنيين بالصراع الاسرائيلي تحت رعاية أمريكية ، طبعاً فلسطين والاردنيين والسوريين واللبنانيين ، هذا يقودنا الى مقولة مهمة جداً للرئيس الراحل حافظ الأسد الذي قال علينا ألا نفاوض فرادى ، علينا التأكيد والثبات على وحدة المسارات من اجل لا نسمح للإدارة الامريكية ولا للإدارة الاسرائيلية الاستفراد بأحد منا ولكن الايادي الخفية كان دورها اقوى لتفتيت وتمزيق وحدة المسارات وهذا ما ادى الى توقيع الاردن بشكل فرادى الى اتفاقية وادي عربة والفلسطينيين الى اتفاق اوسلو وبقيت سوريا ولبنان لوحدهم يواجهون الضغوط الامريكية والاسرائيلية ، الان على ما اعتقد ان المسارات يجب ان تعود وتتلازم وخاصة بعد اعلان ترامب عن صفقة القرن هذه الصفقة التي بجوهرها تنهي تماما القضية الفلسطينية والجولان السوري فأصبحنا محكمين أمام هذا الاعلان الخطير ان نوحد المسارات الاربعة لكي نتمكن من مواجهه صفقة ترامب المجنونة ، طبعا هذا ليس أول مشروع سياسي يطرح لحل الصراع ما بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي وكان عندما يطرح مشروع يطرح على الطرفين فاذا أحد الاطراف رفض هذا المشروع انتهى هذا المشروع في مكانه وهناك الكثير من الشواهد والمشاريع ولكن ليس هنا مجال لاستعراض كل هذه المشاريع ولكن الخطير في ما طرحة ترامب ، ما يسمى بصفقة القرن كل البنود التي جاءت فيها تستثني القدس واللاجئين واعتبار المستوطنات في الضفة الفلسطينية هي شرعية ولا تتنافى مع القانون الدولي وضم الاغوار الشمالية وضم هضبة الجولان ، هذا جاء على لسان ترامب ولكن الشيء الصادم أن هناك كتاب لبيبي نتنياهو تم كتابته عام 1996 اسمة مكان تحت الشمس وترجم بالعربية الى "مكان بين الامم" ، أنظر الى هذا الكتاب وما طرحة ترامب تجد كل البنود التي طرحت هي منقولة نقلاً حرفياً من هذا الكتاب ، هذا الكتاب يؤكد لنا انها مبادرة اسرائيلية ، انهاء الصراع السياسي وتحويلة الى صراع اقتصادي وهذا ما عبر عنه الرئيس الامريكي عندما قال ان هناك 50 مليار دولار سوف تفتح الآفاق أمام الفلسطينيين لكي يعيشوا مثل باقي الامم كأنه ترامب يريد ان يدفع هذا المبلغ وليس من اموال العرب وهذا ما تم تأكيده في مؤتمر المنامة ، نسيَ ترامب أن قضيتنا قضية سياسية بامتياز ، ولن يأتي فلسطيني يقبل لتصفية قضيته مقابل حفنة من الأموال ، وهذا يقودنا الى سؤال مهم للزعيم الخالد ياسر عرفات في اللحظة التي رفض في كامب دافيد في التنازل عن القدس ، أتخذ القرار من الإدارة الامريكية والاسرائيلية لتصفيته وهذا ما حدث فعلاً ، الآن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتعرض لنفس الموقف الذي تعرض له الرئيس الراحل ياسر عرفات ، مع اننا في ذاك الوقت التي تعرض له الرئيس للاغتيال كان وضغنا افضل الف مرة على ما نحن عليه الان ، امام كل ما تقدم ما المطلوب ؟
أولاً // كان يتوقع شعبنا الفلسطيني في كل اماكن تواجده في اللحظة التي عقد فيه ترامب مؤتمرة الصحفي ليعلن فيه عن صفقة القرن ، كان شعبنا يأمل من القيادة الفلسطينية بكل أطيافها وفصائلها أن يكون مؤتمراً صحفياً يتم الإعلان من خلاله عن انهاء الانقسام وبناء وحده وطنية شاملة جوهرها مواجهه صفقة القرن والتصدي لها ، ولكن للأسف لم يحدث ذلك وبقينا في اطار البيانات والشعارات والوحدة اللفظية التي لا يشعر بها المواطن الفلسطيني ، قبل اعلان ترامب كان دائما وابدا يدور الحديث من خلاف بين الفصائل كانت تطرح قيام دولة فلسطينية على كامل الاراضي الفلسطينية من شمالها الى جنوبها ، وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية كانت موافقة على قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران ، وهذا الموقف يتماشى مع القرارات الدولية التي تعتبر اراضي 67 اراضي محتلة وحسب قرار التقسيم في 181 تعود للفلسطينيين ، الان اصبح غير ممكن اقامة دولة في 67 حسب رؤية ترامب ولا قيام دولة على كامل التراب الفلسطيني فأذن لا خلاف الان على الموضوع السياسي كلنا اصبحنا تحت المطرقة الامريكية الاسرائيلية ، ولا يوجد أي مبرر مطلق ان يستمر الانقسام ويجب إنهاؤه بشكل فوري لنتمكن من تشيكل حالة وطنية فلسطينية قادرة على مواجهه الاحتلال والتأثير على عالمنا العربي والاسلامي فاذا لم نسرع الى انهاء الانقسام ، اقول بشكل واضح كأننا موافقين على تمرير صفقة القرن فاذا انهينا الانقسام ممكن البناء على قمة وزراء الخارجية ، بالأمس التي رفضت بالأجماع صفقة القرن وما جاء فيها والتمسك في المبادرة العربية للسلام والشرعية الدولية وهذا يمكن وصفه بانه قرار معنوي ويمكن البناء عليه الوحدة الداخلية والخطاب الموحد والوقوف خلف موقف الرئيس الرافض لهذه الصفقة ،والمطلوب فعليا الدعوة الفورية الى عقد مجلس وطني يضم الكل الوطني والاسلامي والمثقفين والمفكرين لبناء استراتيجية وطنية كفاحية نضالية لمواجهة الاحتلال وتوفير المقومات والامكانيات لدى شعبنا لاستعادة جذوة المقاومة واستعادة عافية الحاضنة الشعبية للمقاومة والجبهة الداخلية ، والعمل على استعادة بناء مؤسسات م ت ف، فالآن لا عذر لأحد فالقضية الوطنية في خطر حقيقي والتاريخ لم يرحمنا ، فلهذا خطوة عملية واحدة تختصر الكثير من الاقوال باتجاه الكثير من الافعال .
بقلم الاسير المحرر مصطفى مسلماني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت