نتنياهو وقد حقق ما اراد من مشروع اليمين الاسرائيلي ونصوصه المكتوبة من خلال صفقة القرن التي اعلن عنها الرئيس الامريكي ترامب فيما يبدوا انها كانت في اطار حملته الانتخابية ... ودفعة معنوية !!!! بعد خيبات أمل عديدة لدورات ثلاثة تولى فيها نتنياهو رئاسة الحكومة الاسرائيلية ..... حتى وصل الى مرحلة التعثر وعدم المقدرة على حسم الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في ظل قوة المعارضة التي يترأسها حزب ازرق ابيض برئاسة غانتس والتي تحول دون مقدرة نتنياهو على حسم الانتخابات والتي ستأتي بعد ايام لتكون الثالثة في ظل عدم حسم تلك الانتخابات .
نتنياهو يدير الشهر الاخير ما قبل الانتخابات بطريقة لا تبدو غريبة او مستغربة ... لكنها تأتي في اطار سياسته ومنهجيته وما يحاول اثباته .... الا ان ما يبدو عليه نتنياهو ... وما يتصرف من خلاله ... يشير الى حالة ارتباك وعدم امتلاك قدرة الحسم ... بل الاغراق بسياسته التي تزيد من معارضته ... وحتى يمكن افشاله بالانتخابات القادمة .
يتهم نتنياهو بثلاثة ملفات فساد ولائحة اتهام على صعيده الشخصي ... كما يتهم من قبل المعارضة الاسرائيلية بإضاعة قوة الردع الاسرائيلي وحالة الغضب لسكان غلاف غزة وللمدن القريبة من القطاع والتي تتساقط عليهم الصواريخ والقذائف دون قدرة نتنياهو على وقف ذلك برغم القصف المستمر من الطيران الاسرائيلي للعديد من المناطق داخل القطاع .
أي ان نتنياهو بقوته العسكرية الكبيرة لم يستطع وقف المقاومة من القطاع ... كما ان محاصرته للقطاع واستخدامه للوسائل الاقتصادية والمنع لم تنال من صمود اهالي القطاع ومقاومته .
أي ان نتنياهو وقد فشل فشلا ذريعا في تحقيق اهدافه ... برغم الحصار والقتل والدمار ... كما فشل في دفع عجلة التسوية السياسية لما يحقق مشروع حل الدولتين ... أي انه عسكريا قد فشل ... كما فشل سياسيا خارجيا ... وداخليا على صعيد المجتمع الاسرائيلي الذي لم يستطع ان يحقق له الامن حتى صباح هذا اليوم بمدينة القدس وحادثة الدهس لعدد من الجنود الاسرائيليين ... مما يؤكد ان الامن الاسرائيلي لن يتحقق على قاعدة انتزاع الحقوق الفلسطينية ورسم حدود دولة الكيان بما يرى نتنياهو وحليفه الاستراتيجي ترامب في صفقتهم التي رسمت بخيال اليمين الاسرائيلي والعنصريين الذين حددوا من خلال هذه الصفقة سقف الحل القائم على سلب الحقوق الوطنية الفلسطينية والاجهاز على مشروع حل الدولتين ومنع تحقيق الحرية والاستقلال والسيادة للشعب الفلسطيني ... والاستيلاء على المزيد من الاراضي الفلسطينية ووضع الشعب الفلسطيني في كانتونات محاصرة يعيشون فيها ولا يستطيعون بناء مستقبلهم وتطوير احوالهم وتحقيق ذاتهم الوطنية بصورة طبيعية كما كافة الشعوب .
رسموا ... وخططوا ... ونفذوا ما استطاعوا ... لكنهم بالمحصلة النهائية لن يستطيعوا تحقيق هذا الحلم العنصري وهذا التهويد لوطن الاخرين ... والاجهاز على حقوق شعب بأكمله .
نتنياهو والذي شعر بالفخر الوهمي والرئيس الامريكي ترامب يعلن عن صفقته والتي بمضمونها مشروع اليمين الاسرائيلي الذي شارك نتنياهو بصياغته وكأنه بمثل هذا الاعلان قد حقق ما اراد من حلم وهمي وخداع استراتيجي للرأي العام العالمي كما للمجتمع الاسرائيلي واعطائه جرعة من الوهم ان الحل قاب قوسين او ادنى .... و ان الامن قادم ... وان انهاء المشكلة الفلسطينية قد اقترب ... وان المستوطنات ستضم الى دولة الكيان وان غور الاردن كما شمال البحر الميت سيكون ضمن هذا الكيان ... وعليهم أن يكونوا واثقين بان لا دولة فلسطينية غربي النهر وانها ستبقى يهودا والسامرة .
حلم وخيال اسرائيلي يميني يحاول نتنياهو ان يدير فيه حملته الانتخابية في الشهر الاخير ما قبل الانتخابات كما سيكون لدى نتنياهو الجزء الاخر من معادلة هذا الشهر الاخير والذي يتحدد بما يتهم به من اضعاف قوة الردع الاسرائيلي بأن ينفلت عقاله بمحاولة توجيه ضربات عسكرية قد تصل الى مدى اوسع واكبر مما يمكن تقديره لكنه بذات الوقت يمكن له ان يبدأ .... لكنه لا يمكن ان يحدد كيف يمكن ان تتوقف الامور عند حد معين وهو مقبل على انتخابات قد تزيد من خسارته ولن يحقق أي ارباح او مكتسبات سياسية من وراء التصعيد ضد القطاع ولا حتى التصعيد داخل مدن الضفة الغربية ولا حتى العدوان على سوريا .
نتنياهو وبهذا الشهر الاخير ما قبل انتخابات الكنيست للمرة الثالثة لن يستطيع كثيرا ا يغير من قاعدته الانتخابية حتى ما بعد اعلان صفقة القرن لأنها ستبقى حبرا على ورق ولن تجد شريكا فلسطينيا بل بإمكان نتنياهو ان يجعلها من ملفات التاريخ الاسود للعلاقة الاسرائيلية الامريكية لما ستسفر عنه النتائج السياسية ما بعد رفض وزراء الخارجية العرب ومنظمة الدول الاسلامية والوحدة الافريقية ودول عدم الانحياز والاتحاد الاوروبي والزيارة المرتقبة للرئيس محمود عباس لمجلس الامن وخطابه بخصوص هذه الصفقة والاجماع على رفضها كما سيكون التصويت على دعم الموقف الفلسطيني بالجمعية العامة للأمم المتحدة .
الموقف الرافض لهذه الصفقة بنهاية عهد نتنياهو وامكانية ان يكون نهاية لعهد ترامب وعزله انما يؤكد ان الحقوق لا تغتصب ... وان القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وحتى المؤسسات الدولية لا يمكن لاي قوة ان تعارضها او تتناقض معها حتى وان كان هناك خلل واضح في قوة تنفيذ هذه القرارات .
نتنياهو يودع الشهر الاخير ولا نعرف ان كان سيفقد توازنه بشن عدوان جديد ... لكن ما نعرفه انه قد فشل فشلا ذريعا وعلى كافة الصعد .
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت