كما كانت في الماضي وتحديداً في بداية الإنتفاضة الثانية , الصواريخ والعمليات الفدائية أقرب من الجكر الى الإستراتيجية النضالية , فاليوم كذلك , عندما كانت تطلق الصواريخ والعمليات بعد أي محاولة للجلوس بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإنعاش المفاوضات بينهما , سواء على صعيد القضايا الجوهرية , أو على صعيد القضايا اليومية , فعمليات الجكر حينها إذا لم يكن لها تأثير كبير على عملية السلام بسبب أن إسرائيل أصلاً لا تريد السلام , ولكنها كانت تؤثر على المفاوضات التي تخص المتطلبات اليومية مثل : فتح المعابر , وإصدار التصاريح , وإدخال البضائع...إلخ , وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم..
اليوم وفي ظل أن الهدنة بين حماس وإسرائيل سارية المفعول , والعمل في بنودها جاري على قدم وساق "المستشفى الأمريكي , والأموال القطرية , وإدخال البضائع , وتصاريح التجار , ومساحة الصيد , والسماح لحماس أن تقوم بجولاتها الخارجية لتسويق سياساتها" وغيرها من البنود , تنطلق الصواريخ والبالونات من غزة إعتراضاً على هذه الهدنة ليس أكثر , والإعتراض بالطبع محصور بين تيارين في غزة , ولكل تيار هدفه ومصلحته , وهما .
- التيار السلفي الجهادي بكل أجنحته العسكرية يعترض الهدنة , وليس فقط , إنما يعترض على كل تفاصيل الحياة السياسية في فلسطين عامة , لأنه بالأصل ينادي بالخلافة الإسلامية (...)
- التيار الآخر وهو الفصائل الصغيرة والتي تعترض على الهدنة بسبب عدم وجودها في أي إتفاق بين حماس وإسرائيل , وتحديداً تهميشها إعلامياً , فالهدف من الإعتراض يكمن في موضوع المحاصصة في أي إتفاق , وليس إعتراضاً إستراتيجياً وأيديولوجياً كما هو عند السلفيين .
بالونات وصواريخ جكر إن لم تشعل حرباً في غزة , فهي قادرة على ضرب المصالح اليومية لحماس وللمواطنين , مثل قصف المواقع وإيقاع الخسائر المادية لحماس , وربما البشرية , وتسكير المعابر , وسحب تصاريح التجار , وتقليص مساحات الصيد...إلخ , فهذا كله يعني تأخير كل ما يترتب عن الهدنة , فكلما تقدمت الهدنة قليلاً , تأتي البالونات والصواريخ لتعيدها الى الوراء .
بالونات وصواريخ جكر أثبتت عكس النظرية الأمنية في غزة , والمتعارف عليها في الرأي العام الفلسطيني , وهي أن حماس تعرف كل شيئ في غزة , ولكن هذا الكلام ليس دقيقاً , لأنه من الممكن أن حماس تستطيع إعتقال مطلقي البالونات أو الصواريخ , ولكنها لا تستطيع منعهم من فعل ذلك من الأساس , والتجربة أكبر برهان على ذلك .
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت