يحفل سجل شعبنا الفلسطيني بصفحات مشرفة من البطولة والتضحية، فكان منه الشهيد والأسير والجريح، واللاجئ والمقاوم المدافع عن أرضه المحتلة.
ذاكرة الشهداء من المقاتلين وأبطال العمليات النوعية تتجدد يومياً في فلسطين، ومن هذه الصفحات ذكرى استشهاد قادة العمل العسكري في كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة.
في حضرة الشهداء، نستذكر من كانا بركانا يتفجر غضبا ضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الوحشية بحق الشعب الفلسطيني.إنهما الشهيدان القائدان أيمن البهداري وإبراهيم جربوع «الغطاس»، أبرز قادة ومؤسسي كتائب المقاومة الوطنية، التي شُكلت في الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000، ذلك الجناح العسكري المسلح الذي نفذ عمليات اقتحام خاصة ونوعية ضد الاحتلال خلال الانتفاضة، كان أبرزها أول عملية اقتحام لـ «حصن مرغنيت» الواقع في مستوطنة جان أور جنوب القطاع حينذاك. فكان لهما الدور الكبير في هذه العملية التي كانت فاتحة لعشرات العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صنعا مجداً
ولد الشهيدان وترعرعا في مدينة رفح جنوب القطاع المحاصر، وتربيا في أكناف عائلتيهما اللتين قاومتا الاحتلال، وتميز الشهيدان بعطائهما ودورهما في النضال الوطني ضد الاحتلال. فمنذ نعومة أظافرهما مرا بالعديد من المحطات النضالية، وقارعا الاحتلال معاً في أزقة مخيمات مدينة رفح خلال انتفاضة الحجارة الكبرى التي انطلقت شرارتها عام 1987، والتحقا بالجبهة أوائل العام 1998.
ولأنهما كانا متميزين في كفاحهما وجرأتهما، تدرجا في العمل التنظيمي والعسكري إلى أن كلفا بقيادة كتائب المقاومة الوطنية في جنوب القطاع، ولعبا خلالها دوراً مميزاً وبارزاً من خلال قيادتهما للمجموعات العسكرية المقاتلة في رفح، والتخطيط والتنفيذ للعديد من العمليات العسكرية النوعية واطلاق قذائف الهاون تجاه مواقع ومستوطنات الاحتلال التي كانت مقامة على أراضي المواطنين قبل انسحابه منها في عام 2005. كما خاضا العديد من الاشتباكات المسلحة مع قوات الاحتلال كان أشدها الاشتباك المسلح خلال تصديهما لاجتياح مدينة رفح في تاريخ 29 آب (أغسطس) 2001، واستشهد خلاله الرفيق المقاتل محمد سلامة الحمران، كما كان لهما الأثر الكبير في انضمام المقاتلين أمين أبو حطب وهشام أبو جاموس منفذي عملية الاقتحام الشهيرة لـ«حصن مرغنيت» التي نفذت بتاريخ 25 آب أغسطس 2001، وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من ضباط وجنود الاحتلال، وأحدثت صدمة على كافة المستويات في دولة الاحتلال، حيث ينسب لهما الدور البارز والإشراف على هذه العملية التي استغرقت أشهر عدة من التخطيط والرصد والاستطلاع.
وتميز الشهيدان بالروح الوطنية العالية، والتحامهما ميدانياً مع كافة الأجنحة العسكرية المقاتلة لفصائل المقاومة الفلسطينية في جنوب قطاع غزة، إدراكاً منهما بأهمية المقاومة الموحدة في الميدان، كما نفذا العديد من العمليات العسكرية المشتركة ومنها عمليات إطلاق قذائف الهاون مع كتائب شهداء الأقصى، وخوض الاشتباكات المسلحة على خطوط المواجهة والتماس مع جنود الاحتلال.
اغتيال غاشم
مع تعاظم دور وتأثير الشهيدين البهداري وجربوع في مقاومة الاحتلال، تحولا إلى كابوس يطارد جنوده في جنوب القطاع، ولأن الاغتيال ليس جريمة حرب في قاموس السياسة الإسرائيلية، أدرجا على لائحة التصفية والاغتيال من قبل أجهزة أمن واستخبارات الاحتلال، لكنهما لم يأبها لذلك مواصلين المقاومة والتخطيط لعمليات جديدة ضد الاحتلال دون خشية أو تردد.
ففي تاريخ الرابع من شباط (فبراير) 2002، كانت عملية التصفية الجسدية الاسرائيلية قد نفذت على الطريق العام بين محافظتي خان يونس ورفح جنوبي القطاع، حيث استهدفت طائرات الاحتلال المروحية بعدد من الصواريخ السيارة التي كان يستقلها الشهيدان البهداري وجربوع برفقة ثلاثة من كوادر ومقاتلي الكتائب وهم: ماجد أبو معمر ومحمد أبو سنينة وناصر أبو عاذرة، ما أدى إلى استشهادهم.
باستشهاد البهداري وجربوع، فقد الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية قائدان قدما نفسيهما فداءً للوطن، لكن رفاقهما واصلوا طريق المقاومة والدفاع عن شعبنا وأرضنا، وأصبحا نموذجاً يحتذي لكل مناضلي ومناضلات الجبهة الديمقراطية، ومقاتلي جناحها العسكري, كتائب المقاومة الوطنية.
تامر عوض الله
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت