دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الرباعية الدولية ممثلة بالولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الامن لعقد مؤتمر دولي للسلام، وبحضور فلسطين وإسرائيل والدول الأخرى المعنية، لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، ورؤية حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وذلك بإنشاء آلية دولية أساسها الرباعية الدولية لرعاية مفاوضات السلام بين الجانبين.
وجدد أبو مازن في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء الثلاثاءالتأكيد على عدم قبول وساطة أميركا وحدها، داعيا المجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال لوقف ممارساتها الاحتلالية وقراراتها المتواصلة في ضم الأراضي الفلسطينية وفرض السيادة عليها، التي حتماً تدمر بشكل نهائي كل فرص صنع السلام الحقيقي.
وأكد أبو مازن أنه يمد يده للسلام محذرا من ضياع الفرصة الأخيرة، وأنه مستعد لبدء مفاوضات فورا إذا وجد شريك حقيقياً في إسرائيل لصنع سلام حقيقي للشعبين.
وقال أبو مازن الذي اعتبر الخطة الأميركية للسلام "صفقة القرن" تسعى لتصفية القضية الفلسطينية "إنه حضر إلى مجلس الأمن لتأكيد رفضه "للصفقة"، مضيفا "نؤكد على عدم اعتبار الخطة الأميركية مرجعية دولية للتفاوض بشأن السلام في الشرق الأوسط.. لن نقبل بالخطة الأميركية للسلام وسنواجه خطوات تنفيذها على أرض الواقع".
وقال : "إن شعبنا لم يعد يتحمل استمرار الاحتلال، والوضع أصبح قابلا للانفجار، وللحيلولة دون ذلك لا بد من تجديد الأمل لشعبنا وكل شعوب المنطقة في الحرية والاستقلال وتحقيق السلام."
وأضاف مخاطبا الشعب الإسرائيلي: "إن مواصلة الاحتلال والاستيطان والسيطرة العسكرية على شعب أخر لن يصنع لكم أمناً ولا سلاماً، فليس لدينا سوى خيار وحيد لنكون شركاء وجيراناً كل في دولته المستقلة وذات السيادة، فلنتمسك معاً بهذا الخيار العادل قبل فوات الأوان."
وجدد التأكيد على أن صراعنا ليس مع أتباع الديانة اليهودية،" ولكن مع من يحتل أرضنا، لذلك سنواصل مسيرة كفاحنا لإنهاء الاحتلال وتجسيد دولتنا الفلسطينية، مشددا على أن شعبنا لن يركع ولن يستسلم."
وقال أبو مازن: "حذار أن يقتل الأمل لدى شعبنا الفلسطيني"، موضحاً بأن الخطة الأميركية المطروحة "صفقة القرن" احتوت على 311 مخالفة للقانون الدولي.
وشدد على أنه "لا يمكن أن تحقق السلام والأمن، عبر هذه (الخطة) التي ألغت قرارات الشرعية الدولية، معتبراً الرفض الواسع لهذه الصفقة يأتي لما تضمنته من مواقف أحادية الجانب، ومخالفتها الصريحة للشرعية الدولية ولمبادرة السلام العربية، ولأنها "ألغت قانونية مطالب شعبنا في حقه المشروع في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله في دولته، وشرعت ما هو غير قانوني من استيطان واستيلاء وضم للأراضي الفلسطينية."
وشدد الرئيس الفلسطيني على وجوب عدم اعتبار هذه الصفقة أو أي جزء منها، كمرجعية دولية للتفاوض، لأنها أميركية–إسرائيلية استباقية، وجاءت لتصفية القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي لن يجلب الأمن ولا السلام للمنطقة، مؤكدا عدم القبول بها، ومواجهة تطبيقها على أرض الواقع.
وقال " إن السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا زال ممكنا وقابلا للتحقيق"، داعيا لبناء شراكة دولية لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم، الذي لا زلنا متمسكين به كخيار استراتيجي.
وأضاف: "قمنا بالفعل بخطوات تاريخية حرصا على تحقيق السلام، وتجاوبنا مع جهود الإدارات الأميركية المتعاقبة، والمبادرات الدولية، وكل الدعوات للحوار والتفاوض، إلا أنه لم يعرض علينا ما يلبي الحد الأدنى من العدالة لشعبنا، وكانت حكومة الاحتلال الحالية هي التي تفشل كل الجهود."
وأكد رفض مقايضة المساعدات الاقتصادية بالحلول السياسية، لأن الأساس هو الحل السياسي.
وأشار أبو مازن إلى المظاهرات التي خرجت في تل أبيب للتعبير عن رفض الخطة، وقال "إن 300 ضابط إسرائيلي عبروا عن اعتراضهم على الخطة "ووقفوا إلى جانب الحق".
وأدان عباس الإدارة الأميركية لأنها دعمت الاحتلال وأصدرت قرارات لم يقبلها العالم ولا حتى أعضاء بالكونغرس الأميركي.
وأضاف " تحدث عن قضايا الحل النهائي مع الجانب الأميركي، وأن الرئيس دونالد ترامب عبر له سابقا عن دعمه لحل الدولتين، موضحا "ما أعرفه هو أن فحوى الخطة الأميركية للسلام لا يعبر عن حقيقة ما يعتقده الرئيس ترامب".
وتابع "أقول للرئيس الأميركي الخطة التي طرحتها لن تحقق السلام لأنها ألغت الشرعية الدولية ولن تحقق حل الدولتين".
وشدد الرئيس الفلسطيني على أن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما زال ممكنا، مضيفا "نحن لسنا إرهابيين بل نحارب العنف والإرهاب في كل العالم ولدينا بروتوكول تعاون مع الولايات المتحدة".
وأشار أبو مازن إلى تجاوب السلطة الفلسطينية مع جهود واشنطن والمبادرات الدولية، مضيفا "لكن لم نجد ما يعبر عن حقوقنا وفقا للشرعية الدولية".
ولفت إلى التزام السلطة باتفاق أوسلو واعترافها ضمنه بإسرائيل وبحقها في الوجود، متسائلا "كيف أضعنا فرص السلام؟".
وحمّل أبو مازن حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة مسؤولية تدمير فرص السلام وتسريع النشاط الاستيطاني، وطالب من يتهمون الفلسطينيين بإضاعة فرص السلام بألا يطلقوا "شعارات غبية".
واعتبر أبو مازن أن التوصل إلى السلام سيحقق أجمل وضع بين الطرفين، ولكن يجب ألا يكون ذلك مفروضا من أي طرف خارجي.