كلما تحركت الصفيحة الأستراتيجية السورية تحرك الواقع في الساحات.

بقلم: محمد احمد الروسان

محمد احمد الروسان

في الشطرنج(كش ملك)، والذكاء أن تدفع خصمك ليلعب الحركة الأخيرة لا أن يحوّل هزيمته المحتومة لتعادل، حيث ثمة ادراك أمريكي أنّ الأكتئاب ثنائي القطبيّة يقود صاحبه لأرتكاب أكبر وأعمق الحماقات ومنها الأنتحار، ان كان فرديّاً وان كان جماعيّاً، لا بل البعض من الطرف الثالث بالمسألة السورية من بعض عرب وغير عرب، صار لديهم اكتئاب عميق متعدد القطبية يتفاقم بعد توالي الأنتكاسات لأدواتهم في الداخل السوري، نتيجة انجازات الجيش العربي السوري العقائدي هذا من جهة، ومن جهة أخرى، في أدبيات الفكر السياسي الواقعي(الغرب مغرق بالواقعية السياسية وينصب فخّاً للرياض وأنقرة)تتجلّى حكمة طبيعية: ان أردت أن تقسّمهم دعهم يعيشون وهم القوّة، ودعهم يدخولون حروباً خارج حدودهم. ليتهم يلعبون هؤلاء المغرقون بوهم القوّة ورقتهم الأخيرة وأيّاً كان قرارهم فهي حركتهم الأخيرة. ولكننا كجيب مقاومة مع غيرنا من المثقفين كما نزعم، لا بدّ من الأستمرار بفعلنا وجهدنا، بكتابة الدراسات والتحليلات والبحث عن المعلومات الأستخباراتية وتحليلها تحليلاً علميّاً بعيداً عن العواطف وجمعها في حويصل ونشرها للناس كافةً ولمن يقرأ من أجهزة الأستخبار العربية، وبرسائلنا التنويرية لأبناء أمتنا، وفضح التروتسك العرب والمتسربلون منهم، ان بلباس الليبرالين الجدد كبرامكة الساحات العربية، وان بأي ثوب آخر أو ثقافة دخيلة مخترقة ملوّثة. الآخر الغربي وعلى رأسه الأمريكي عبر جنين دولته العميقة، يريدون تحويل منطقة بلاد الشام الى ولايات متعددة، ثم اقامة دولة اتحادية تجمعها مع الكيان الصهيوني ثكنة المرتزقة، عبر سلطة فيدرالية كحل للمشكل الأسرائيلي الفلسطيني، وعبر غربلته بما تسمى بصفقة القرن(تم اختصار وتقزيم الصراع العربي الأسرائيلي الأستراتجي في زمن عرب روتانا وداعش الى هذا المشكل الثنائي، وليس كمشكل جمعي يشترك مع العرب كوحدة واحدة، ليصار الى التصفية لاحقا له عبر أشكال سياسية معينة من كونفدرالي ثنائي، الى كونفدرالي ثلاثي، الى فدرلة سكّانية تمهد لما هو قادم عبر التروتسك الغربي أو البعض العربي بشكل عام)، مع جعل العراق ولايات أربع(كركوك، الموصل، بغداد، البصرة)، ومحاولات اسقاط النظام في سورية وفدرلتها عبر الأثنيات، وفرض دستور محدد(دستور الطوائف والأثنيات)، مع انتاجات لآشكال من 14 أذار لبناني في الداخل السوري، حيث لبنان لم يستقر منذ اتفاق الطائف الذي وضع حدّاً للحرب الأهلية اللبنانية. والعديد من الساحات السياسية العربية، ان لجهة القويّة، وان لجهة الضعيفة، هي في الواقع ولغة المنطق تقع على خط صدع زلزالي مترنّح، فكلما تحركت الصفائح السياسية الأستراتيجية في المنطقة(أعني الصفيحة الأستراتيجية السورية)حيث التآمر على المنطقة عبر سورية، تحرك الواقع في هذه الساحات لشق الجغرافيا والديمغرافيا، ان في لبنان، وان في الأردن، وان في فلسطين المحتلة، هذا يحدث في زمن العولمة وانتشارها الفج غير المدروس أحياناً كانتشار النار في الهشيم، حيث تتساقط الحدود الثقافية بما فيها التاريخية، فبانت حدود الدول متداخلة. نعم انّ تطورات الميدان العسكري السوري، أرخت بثقلها على عواصم حلف الحرب على سورية وفي سورية وحولها، نرى واشنطن تنشط ضمن منظومة التسوية السياسية لحجز مقعد سياسي لحلفائها من البعض العربي وغيره، كما تنشط ضمن منظومة الحرب على الأرهاب لتدعو حلفائها الى حجز حصّة من الجغرافيا السورية، فنصحتهم بعدم اضاعة الوقت والمسارعة، ليسبقوا الجيش العربي السوري وحلفائه، ويمسكوا بجزء من الجغرافيا المشغولة من قبل بقايا الأرهابيين، يجري تسليمها للقوى التابعة لتركيا والسعودية، وجعل وحدة التراب السوري الجغرافي، رهناً بالتوافق مع هذه الجماعات الأرهابية تفاوضيّاً. وبعبارة أدق: لأنتزاع الكلمة العليا في سورية، والتي صارت تتركز بيد السوري والروسي، باسناد ايراني وحزب الله، وبغطاء صيني الى حد ما، فعداء السعودي الرسمي للسوري يفوق عدائه لطفله البيولوجي الداعشيّ. الصيني يدعم الروسي في سورية لأسباب عديدة ومعروفة، بجانب حاجة الصيني للروسي ودعمه له في علاقاته الصدامية مع الأمريكي في بحر الصين، ولمساعدته في ضبط مغامرات كوريا الشمالية، مع سعي الصين وعبر الملف السوري الى ارباك الناتو في الشرق الأوسط، قبل التمدد الأمريكي الأكبر والأعمق في شرق أسيا، فمجتمع المخابرات الصيني متقاطعاً مع نظيره الروسي ونظيره الأيراني، يتابع أليات اعادة الهيكلة للوجود الولاياتي الأمريكي في المنطقة وخاصةً في الخليج، بعد دخول الأتفاق النووي الأيراني في غرفة العناية المركزية، بسبب الامريكي وتقاطع الاوروبي المنافق معه. ثمة اكتفاء أمريكي تكتيكياً من الطاقة، لغايات استراتيجيتها الجديدة(الأرتكاز الأسيوي)في شرق ووسط أسيا لمحاربة الصين، فبعد أنّ سلّمت واشنطن قاعدتها لبريطانيا في البحرين(راجع تحليلانا: ثمة صراع أمريكي بريطاني على فرز ديمغرافي وجغرافي للساحات)والمنامة تريد أخذ مباركة روسية لغايات تأمين غطاء دولي لأوضاعها الداخليةن والمنامة مبتلعة سعودياً، وحيث أنّ التصرفات الأمريكية صارت غير مؤكدة اليوم، وقد تكون هذه هي القطبة المخفية في علاقات المنامة مع روسيّا اليوم. في جلّ المسألة العربية وعمقها، ليس هناك شيء اسمه سياسة إقليمية نتاج المكونات العربية التي تعيش في عروق جغرافيا المنطقة الشرق الأوسطية، في ظلّ حالة سرطانية تتموضع في انتشار مدروس للقواعد الأمريكية(قطعاً وفصلاً بالعمق - ايران تخلو من القواعد الأمريكية تماماً، وجلّ لا بل كل، أقطارنا العربية التي يجتمع قادتها في قمتهم أواخر الشهر القادم، مليئة بقواعد العم سام الأمريكي جحانا ومساميره، وهي في مرمى الصواريخ الأيرانية، وهذا ما يعد مثل (الحك على جرب)للدولة العميقة في واشنطن وأدواتها في الوطن العربي)، من خلال اعادة هيكلة انتشاراتها هنا وهناك وفي خضم حالة السيولة الشديدة التي تعانيها المنطقة، على طول وعرض خطوط ومنحنيات جغرافيا الوطن العربي ومجالاتها الحيوية، بل هناك مخططات ومنفذون لها أي وكلاء للأمريكي، وهم بمثابة بروكسي على تطوير وتعميق العلاقات بين مكونات الأمة الواحدة، لا بل جزء سرطاني من ذات الحالة الأمريكية العسكرية الأنفة في الأنتشار والتموضوع. وبعبارة أكثر عمقاُ، ليس هناك سياسة عربية مستقلة، بل سياسة أمريكية برامجية، وما يجري في المنطقة تطبيق للسياسات الأمريكية ليس أكثر ولا أقل من ذلك، وذاكرة البعض منّا كعرب ليس فقط ذاكرة سمكة، لا بل ومثقوبة بشكل عامودي وعرضي، ويعتقد هذا البعض العربي المحزن، بأنّ ذاكرته السمكية والمثقوبة ليست إلاّ إبداعات خارقة وعبقرية فذّة، يصعب على من حولهم فهمها وحلّ ألغازها، لضيق مداركهم العقلية من وجهة نظرهم هؤلاء الواهمون المثقوبون المفعولون بهم. انّ ما يجري الآن في المنطقة، هو تفكيك للدول القومية الكبرى والقطرية الصغيرة مترافقاً ذلك مع التطبيع القسري؟(يحسب الكثير من المراقبين والباحثين، أنّ الدور المصري في الحدث الاحتجاجي السياسي السوري غير مريح حتّى اللحظة، وهم محقون في ذلك)، وتاريخيّاً الرياض هي المحرّك لاتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 م، وبالتعاون مع المغرب أيام الرئيس محمد أنور السادات. ولأنّه في الحروب وعقابيلها، تتحرك الجغرافيا على وقع إيقاعات ومديّات المعارك، وأزيز الرصاص وهمس ووشوشات التراب وعتاب البنادق، ولأنّ الضمير العربي في نزهة خارج الوطن، وأنّ الأعلام المظلّل والمظلّل ليس غبياً، بل هو واثق بغباء متابعيه، ولأنّ البندقية التي لا ثقافة خلفها تقتل ولا تحرر، ولأنّ الديكتاتورية من منظور البعض العربي المتهالك المتصعلك تعني: أن تجعل المثقفين والمفكرين يصمتون، علينا أن لا نلتفت إلى تصريحات هنا وهناك، لبعض غلمان بعض الحكومات العربية ونؤكد على التالي: ليس هناك سياسة في العالم العربي وإنما قلاء(بيض ببندوره): ومن يحسب غير ذلك ويعتقده فهو واهم ويبني قصوراً زمرديّة في الهواء، الشيء الفاعل في عالمنا العربي هو قلاء البيض ببصل أو فلفل حار أو بندوره، هناك تطبيق للسياسات، وأي تصريح سعودي أو مصري أو من أي دولة أو مشيخة أو ساحة عربية، فيما يخص سورية قلب الشرق وسيّدة الجغرافيا وأجمل النساء العفيفات، ليس سياسة وأنه لا يخرج عن إطار تطبيق للسياسة الأمريكية، والتي تقود معركة الناتو في سورية ليس لإسقاط النسق هناك، بل والوجود الروسي في المنطقة والمتوسط ثم الأستدارة لاحقاً الى أسيا الوسطى والقوقاز. يقول هنري كيسنجر مستشار البلدربيرغ الأمريكي، والمعروف برمز الواقعية السياسية real politic في كتابه world order: واشنطن الآن تناقش نفسها بنفسها حول العلاقة بين مصالحها وموقعها من نشر الديمقراطية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة ويضيف: متى أصلاً كانت أمريكا تقيم وزناً للمثل والقيم الأنسانية اذا تعلق الأمر بمصالحها الحيوية؟ ويضيف أيضاً: كل مغامرة قام بها الغرب في الشرق الأوسط لعبت فيها السعودية دوراً ايجابياً تمويلاً وتغطيةً، امّا علناً أو من وراء ستار ومنذ الحرب العالمية الثانية تحالف السعودية العربية مع الغرب. ويقول: النظام السعودي نظام ثيوقراطي ارتكب خطأ استراتيجي قاتل عندما اعتقد قادة النظام لوهلة ما ومحددة أنهم يستطيعون مواصلة دعم الأسلام الراديكالي والحركات الأسلامية في الخارج بدون ان تصل آثارها للداخل السعودي الملتهب، والذي ينتج التنظيمات والحركات المتطرفة الساكنة حتّى اللحظة، حيث لم تعد الأخيرة على تخوم السعودية بل في الداخل السعودي وفي غرف النوم. خطط دفاعية أمريكية جديدة، وتحديثات مستمرة لمفاصلها وتمفصلاتها الاممية وفعلها على الميدان الدولي، لثالوثها النووي البحري والجوي والصاروخي، وبالخلفية أيضاً تحديث، لمجتمعات استخباراتها وأفعالها القذرة في جلّ ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء، لوقف تآكل القوّة العسكرية الأحادية الشاملة، أمام الفدرالية الروسية والصين وكوريا الشمالية وايران، وهي استراتيجية تنافس من جهة، ومواجهة عسكرية ومخابراتية وسيبرانية من جهة أخرى، وحفاظاً على حيوية الأقتصاد الأمريكي وهو اقتصاد حروب. فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، والأخير من مخلفات الماضي التليد(نلحظ رغبة أمريكية في انهائه للناتو، لكن الأوروبي متمسك به، كونه يرى أنّ الأمريكي يسعى الى شطبه للأوروبي بالمعنى الأستراتيجي عبر تقوية أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا هكذا تفكر كوادر القارة العجوز)، وجاءت موضوعة مكافحة الأرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية الجديدة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والأقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب لأستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، ولمواجهة صراعاتها من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الأرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الأقتصادي(باعتبار الأقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتجيتها الدفاعية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم. موسكو ردت على واشنطن بتعقل وعلى لسان سيرجي لافروف: انّ الأستقرار العالمي رهن التعاون بين موسكو وأمريكا، وفي الخفاء الرد الروسي له سنوات على أرض الميدان العالمي، وبتشارك مع الصين وايران بالمعنى الأقتصادي والمالي والسيبراني والعسكري، وتم تظهيره في سورية والعراق والعمل مستمر بلا توقف أو كلل أو ملل. انّ الصراع في الشرق الأوسط الآن صراع ديني سياسي جغرافي في آن واحد ونتائجه: أرخبيلات الدول الفاشلة، حيث أمريكا تقتضي مصالحها الأبقاء على أنظمة متناقضة لتسهل السيطرة عليها، فهي لا تريد فعلاً عودة سنيّة قويّة الى مراكز الحكم في المنطقة. الجميع عاد ويعود كرهاً أو حبّاً الى الثابتة السورية والمسنودة من الروسي والصيني، في أولوية محاربة الأرهاب المصنوع في أقبية الغرف السوداء لمجتمع المخابرات الأمريكي، والمصنّع بعضه في بعض الدواخل العربية المجاورة بسبب ظروفها الأقتصادية الخاصة، وغياب العدالة وحقوق الأنسان والبطالة والفقر والجوع، هذا الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من جهات الأرض الأربع، حيث الجميع عاد الى الثابتة السورية أو ان شئت الثلاثية السابق ذكرها. سورية وحزب الله وايران حاجة اقليمية ودولية، لمحاربة فيروسات الأرهاب التي أنتجتها واشنطن في مختبراتها البيولوجية الأستخباراتية، من دواعش وفواحش وقوارض وزواحف(الأعراب الصعاليك، الذين قال فيهم الله تعالى في كتابه: الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً، وأجدر أن لا يعلموا كتاب الله، صدق الله العليّ العظيم)، وأي جبهة اقليمية ودولية لضرب تلك الفيروسات تحتاج الى تسويات سياسية تسبقها في بؤر الخلافات وملفاتها. في حين تعمل واشنطن ومجتمعات مخابراتها ومن تحالف معها، على دعمها للأتجاهات الأسلامية الأنفصالية في روسيّا، مناطق الشيشان داغستان وقوميات أخرى(القوزاق) في كازاخستان، فهي ترى أنّ في دعمها لأي طرف اثني يتجه داخل روسيّا للأنفصال، سيؤدي الى اشغال موسكو بنزاعات داخلية، فتضعف قدراتها على التحرك على الساحة الدولية، ونفس هذا السيناريو تريد فرضه على الصين وفي دعم اثنية الأيغور المسلمين وغيرها في الشمال الصيني. وحتّى لا نغرق في التفاصيل ونتوه بالمعنى التكتيكي والأستراتيجي، لا بدّ أن نطرح ما تعرف باسم نظرية المنطق في السياسة جانباً، مع تناسي علم الرياضيات السياسية وقواعد التفكير السليم في تفكيك المركب وتركيب المفكك، مع تناسي الغوص في التحليل بشكل عامودي وأفقي، لأنّ الأشياء والأمور والمعطيات لم تعد كما يبدو عليها أن تكون، وجلّ الأزمات ان لجهة المحلي، وان لجهة الأقليمي، وان لجهة الدولي، صارت أكثر تعقيداً وترابطاً، والتفاعلات والمفاعيل لمعظم الممارسات الدولية لم تعد تخضع لقانون أو قيم أو أخلاق. بعبارة أخرى أكثر وضوحاً، اذا أردنا أن نفهم ونعي بشراسه فكرية أبعاد ومعطيات ودلائل المؤامرة علينا في المنطقة والعالم، ووضع قاعدة بيانات وداتا معلومات لها، علينا أن نفكر جميعاً بعقلية المؤامرة نفسها، ومن يعتقد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية جاءت الى المنطقة لمحاربة الأرهاب، فهو لا يكون الاّ متآمر أو جاهل أو متخلف عقلي وذو جنون مطبق لا متقطع. عميق كارتلات الحكم في أمريكا تعمل على رسم وترسيم استراتيجية تشكيل حلف دولي(الناتو)واقليمي(سني)من دول ما تسمى الأعتدال العربي واسرائيل، لابل دول الأعتلال العربي لمحاربة الأرهاب في سورية والعراق، وهذه الأستراتيجية أصلاً تتعارض مع مفهوم ومقتضيات محاربة الأرهاب من جهة، وتنقض نظرياً رؤية كيسنجر للحروب الدينية السنيّة الشيعية والتي اعتمدتها الأدارة الأمريكية كخيار بعيد المدى، لضرب العمق الأستراتيجي العربي لأيران في أفق عزلتها ومحاصرتها ثم تفجيرها من الداخل، ونقل مجتمعات الدواعش والفواحش والقوارض إلى مناطق السنّة في الداخل الأيراني. أمريكا تستولد استراتيجية جديدة أيضاً اسمها(ادارة التوحش وأزمتها)في البلقان وآسيا الوسطى، وثمة استيلاد فرع للقاعدة مختلف، في شبه القارة الهندية(بنغلادش، كشمير، الهند، باكستان) وعلى الحدود مع ايران، وهذا آثار ثائرة روسيّا والهند والصين(أعضاء دول البريكس)، لأدراكهم أنّ أمريكا قرّرت نقل ادارة التوحش من الشرق الأوسط الى منطقة آسيا حيث تهديدات الارهاب لروسيّا. واشنطن تدرك أنّه يستحيل في هذه المرحلة المبكرة من عمر الصراع في المنطقة من تفجير حرب سنيّة شيعية شاملة، على ضوء نتائج المحاولات الجنينية الفاشلة التي اختبرتها في لبنان وسورية والعراق، والآن تحاول في الأردن عبر الفتنة بين الشرق الأردني(الكح)والشرق الأردني ذو الأصول المختلفة، حيث جلّ السفلة من صنّاع القرار الأمريكي يريدون ادخال داعش وتصنيع مثيلاتها في الداخل الأردني، وتحريك الخلايا السريّة النائمة والتي لا تنام ولا تنكفىء أصلاً، كل ذلك عبر اشراك عمّان سرّاً أو علناً في محاربة مجتمعات الدواعش، كي يصار الى نشر الفوضى في الداخل الأردني لجعل الملف الأردني كملف مخرجات للملف الفلسطيني عبر خطة ترامب – نتنياهو الاعلامية الهيليودية والمسماه صفقة القرن، والتي تشطب في مضامينها النظام السياسي الاردني لصالح نظام بديل، وتشطب الرعاية على المقدسات المسيحية والاسلامية في القدس، وتحويل الادارة الاردنية الى ادارة متعاونة ليس الاّ، ضمن رؤية محور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من عرب ومسلمين صهاينة. والتساؤلات هنا: لدينا رؤية تحليلية بعد التمحيص والتدقيق بتصريحات كوادر ادارة الرئيس دونالد ترامب - ترامبو، بخصوص التفاتة عسكرية أمريكية في الجنوب السوري، حماية للأردن واسرائيل كما يصرّحون، تتحدث أن الأمريكي والأسرائيلي وآخرين يريدون أن يعوّضوا خسائرهم في الشمال السوري، في  عروق جغرافيا الجنوب السوري، حيث يشكل بنك التعويض وتحت عنوان محاربة داعش فقط، والبحث عن فرص لأستثمارها ومن خلال المثلث السوري الأردني الفلسطيني المحتل "الأسرائيلي الآن فقط" المشترك وامتداداته لجهة لبنان، لأقامة منطقة جغرافية آمنة، ووضع جزء من الديمغرافيا السورية اللاجئة خارج الوطن السوري والنازحة في داخله في غرب درعا، في هذه المنطقة الجغرافية المراد لها أن تكون مسمار جحا أمريكي وآخر اسرائيلي تماماً كقرية الغجر اللبنانية، والأستمرار باللعب والتدخلات في الشأن السوري وصولاً الى اسقاطه، مع دعم الجماعات الأرهابية المسلّحة في الجنوب السوري، لكي تشكل بمثابة الحزام الأمني النازف لدمشق في الجنوب السوري بصورة مختلفة عن حزام لبنان، ولكي يكون الحزام الآمن لجغرافيا وديمغرافيا المنطقة التي يسعى الأمريكي والأسرائيلي لأيجادها هناك كمسمار جحا، وتحت شعار محاربة داعش في الجنوب السوري والقاعدة وباقي الزومبيات، والمحافظة على أمن الحليف الأردني، وكما توضح تصريحات كوادر الأدارة الأمريكية الجمهورية. هناك معلومات تتحدث، انّ ثمة مناورات ستجري قريباً أو أنّها في حقيقية الأمر تجري بصمت الآن، يجريها الأسرائيلي مع المارينز الأمريكي في صحراء النقب، والتي تحاكي مواجهة مع داعش والنصرة أو فتح الشام أو القاعدة لا فرق، وفيها انزال خلف خطوط العدو، تقع في سياقات هذا المشروع الأمريكي الأسرائيلي البعض العربي في الجنوب السوري الساخن الآن وصولاً الى الرقة، لقطع أي تواصل جغرافي بين البادية السورية والبادية العراقية حيث المعركة في شرق سورية مع الارهاب، لقطع الطريق على محور المقاومة من ايران الى العراق فسورية فلبنان، للتعويض عن الخسارة في الشمال السوري، وليصار الى صرفه بالسياسة لاحقاً لصالح الطرف الثالث بالحدث السوري، دون أي تدخلات لقوّات برية عسكرية اسرائيلية مباشرة، سوى فقط مساعدات عبر الطيران وطائرات بدون طيّار ودعم استخباراتي ولوجستي آخر(كما حصل مؤخراً في قصف مواقع عسكرية سورية)ومن المحتمل دخول قوّات كوماندوز لغايات المساعدة في اقامة تلك المنطقة الجغرافية الديمغرافية السورية كمسمار جحا، ويبدو أنّ الجنوب السوري والحدود الأردنية الشمالية في لواء بني كنانة ومناطق عقربا وسما الروسان وكفرسوم وأم قيس وملكا، وكل اللواء في طريقها لتكون ويكون بمثابة مثلث بارمودا الأردني بفعل الأمريكي والأسرائيلي والسعودي والبعض العربي الآخر، فهل يقود كل ذلك الى حرب جديدة في المنطقة عبر تسخين الجنوب السوري، تتدحرج الى كرات حربية متفاقمة لها ما بعدها؟! فيصير الوضع كوماسوتريّاً عسكريّاً كما أوضحنا في تحليل لنا سابق: الطبخة أمريكية والحطب تركي والوضع كاماسوتري عسكرياً. ونقرأ تصريحات كوادر استخبارات البنتاغون والمخابرات الأمريكية(حواطب الليل الأمريكي)في ظل السياق الذي شرحته في السابق، عندما يعلنون: لا نعرف ما اذا كان يمكن أو لا يمكن عودة سورية موحدة مرةً أخرى(هم يكررون هذه التصريحات كل فينة وأخرى، وهذه المرة وفي عهد الرئيس دونالد ترامب – ترامبو، لها نكهة خاصة في ظل الأستدارة الأمريكية العسكرية نحو الجنوب السوري وبالسر، تحت عنوان مواجهة داعش لحماية الأردن واسرائيل كما قالت تصريحات كوادر الدبلوماسية الأمريكية والأخرى. انّ السيّد موتي كاهانا(معروف ومنظمته لدى مجتمع مخابراتنا، ويتابعوا أنفاسه شهيقاً وزفيراً وأنفاس منظمته وامتداداتها في الداخل الأردني)الملياردير اليهودي الأمريكي رئيس منظمة عمّاليا الأسرائيلية الأمريكية الأنسانية، وهو بمثابة ذراع غير مباشرة لأسرائيل في مناطق اللجوء السوري في الداخل الأردني، وتحت عنوان تقديم المساعدات الأنسانية وهو قدّم الكثير وما زال، وهو أحد الممولين الرئيسيين لتلك المنطقة المراد تأسيسها في الجنوب السوري، وجلب لها مزيد من الديمغرافيا السورية في الداخل الآردني، ان من هم في مخيمات اللجوء السوري، وان من هم في المحافظات الأردنية، وتحديداً من البرجوازية السورية الطفيلية غير الوطنية برجوازية التجّار المصلحجيين، حيث هناك ثمة برجوازية صناعية سورية وطنية في الداخل السوري، ما زالت في الداخل وتقف مع الدولة الوطنية السورية. السؤال العميق والذي يحفّز العقل على التفكير: هل ستوافق عمّان على ما سبق ذكره، لما في ذلك من مخاطر على الأمن الوطني الأردني وعلى الجغرافيا الأردنية في الشمال الأردني الساخن الآن بفعل رؤية عميق كارتلات الحكم الأمريكي، واحتمالية اقتطاع جزء من الجغرافيا الأردنية لآنشاء امارة حوران، أو حتّى لواء حوران كاملاً وضمه الى تلك المنطقة المراد تأسيسها بعد خسارات الأمريكي والأسرائيلي والتركي في الشمال السوري. وأعتقد أنّ السوري وحزب الله والأيراني، باسناد روسي وباسناد دبلوماسي صيني وبتمويل مالي صيني أيضاً،  يستعدوا من الآن لمثل هكذا سيناريوهات وللرد على مناورات النقب بين الأسرائيلي والمارينز الأمريكي، حيث الهدف وكما أسلفنا سابقاً، انشاء منطقة جغرافية آمنة محمية بجماعات ارهابية مسلّحة، لتشكل تلك الجماعات الأرهابية حزام أمني للمنطقة الآمنة(نسخة متطورة عن حزام لبنان)، المعطيات الراهنة تقول هي في طريقها الى التنفيذ حتّى اللحظة، ثمة حشود عسكرية سورية مع مجموعات من فرقة الرضوان في حزب الله، بجانب كتائب من المقاومات الفلسطينية في الداخل السوري، ومجموعات سورية شعبية مقاومة أشرف عليها الشهيد سمير القنطار ودربها سابقاً بدعم من حزب الله، في مواجهة ما يجري في المثلث المشترك على الحدود في الجنوب السوري والشمال الآردني. انّ داعش وجبهة النصرة وفتح الشام وغيرها، هي مخرجات السياسة الأمريكية في المنطقة، تم انتاجها وحواضنها في الدواخل العربية بتوظيفات واستثمارات الفقر والظلم والجوع والقهر والبطالة والفساد وغياب العدالة وحقوق الأنسان، مع العبث في دم الأيديولوجيا والجغرافيا في الساحات. وعندما قالت:"اسرائيل"أنّ ايران صارت جارة لنا والسعودية قالت: انّ طهران تسعى لمحاصرتها وتحجيمها الدور وتقليص نفوذها في العالم العربي والأسلامي، فهمت وأستوعبت الأدارة الأمريكية الترامبيّة أنّ الخطر هذه المره تجاوز الأدوات، ليتحول الى تهديد استراتيجي داهم على أمن بلادها القومي والمتمثل في ثلاثية النفط واسرائيل والكرد، لذلك حلّ الأصيل مكان الوكيل بعد فشل الوكيل فشلا ذريعا،ً وها هو الأمريكي يدخل بنفسه هذه المرة في الحدث السوري، ومصيره سيكون مصير المارينز في لبنان سابقاً. المقاومة حق شرّعته السماء وسار عليه العرف البشري ونظّمه القانون الدولي، لذا تعتبر واشنطن دي سي أنّ حركات المقاومة في المنطقة خطر استراتيجي على مصالحها واسرائيل، في حين أنّ مجتمعات الدواعش والزواحف والقوارض الأرهابية خطر تكتيكي يمكن التعامل معه وادارته، في حين أنّ أمريكا تعد بنفس الوقت لمخططات تتفرغ من خلالها للنظام المصري ولمصر، ومؤشرات الطريق التي ستؤول إليها وما يحظّر لها عبر ليبيا، وعبر المجتمع السيناوي في الداخل المصري، بالتحالف لا اقول من جديد مع الأسلام السياسي فقط بل عبر تصعيدات وفي كل الساحات للفاشيّة الدينية، انّ كل من فرنسا وبريطانيا والامارات ومصر والسعودية تنسق مع بعضها في دعم الجنرال خليفه حفتر لتوحيد ليبيا تحت قيادته لتأمين حدود المتوسط من الأرهابيين، وواشنطن من تحت الطاولة وبالعمق، تريد افشال ذلك، لعرقلة الحلول السياسية في ليبيا وفرملة الدور الروسي واستراتيجيته في العودة الى ليبيا، وتوسيع نفوذها في شمال أفريقيا وادامة الأزمة الليبية، لذلك الضوء الاخضر الامريكي لتركيا للعب دور في ليبيا، من وراء الكواليس حاضر، وتحت عنوان التنافس البريطاني الأمريكي، وفعل لندن في استعادة مساحات نفوذها، التي خسرتها بعد اتفاقية يالطا ما غيرها عقب الحرب العالمية الثانية، ثمة صراعات أو على الاقل تنافس شديد خفي بينهما يصل درجة الصراع.

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721

سما الروسان في 16 – 2 – 2020 م.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت