تمضي سفينة الحياة بالشعب الفلسطيني سريعا، ولكن على ما يبدو ان هناك فيها خرق، يجب ان يسارع الكل لاغلاقه وعدم مواصلة الابحار وهو مفتوح، لانه قد يغرق كل من على السفينة، على اختلافاتهم وتناقضاتهم، ولا يصح ان يقف من هم في السفينة متفرجين على الخرق والقلة القليلة التي تقوم على توسعته، بحجة المرحلة وصعوبتها، وما باليد حيلة، ومبررات اخرى كلها انهزامية وانبطاحية.
التطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي" لايكفي ان يكون مدان من أي طرف كان، وتحت أي مسميات ومفاهيم كان هذا التطبيع، بل يجب اتخاذ خطوات فاعلة لوقف التطبيع الذي هو خرق لا يستهان به في السفينة.
التواصل مع ما مع يسمى بالمجتمع "الإسرائيلي" هو دليل ضعف وليس قوة، فهناك طرق اخرى كثيرة نستطيع ان نؤثر فيها على الاحتلال، ضمن الحرب النفسية دون التطبيع، ولنا في دروس غزة العبرة، حيث تتقن الحرب النفسية والوصول لنفسية كل فرد في دولة الاحتلال والانتصار عليه بالنقاط، وكان آخرها البالونات التي هدد وزير حرب الاحتلال "نفتالي بينت" بشن حرب على غزة، ولكنه لم يفعل شيئا، وخضع لشروط غزة في هذه الجولة، وبالمحصلة هذه هي اللغة التي يفهمها الاحتلال وهي لغة ثبت جدواها بعكس المفاوضات.
كل من هو داخل كيان الاحتلال هو بالضرورة ينتمي ويخدم المشروع الصهيوني بقصد أو بدون قصد، ومن هنا تكون اللغة التي يفهمها ليس بالتطبيع والتواصل معه، واقناعه لاحقا بالعودة لبلده الاصلي الذي أتى منه، طوعا.
مخطأ من يظن ومن يتصور يوما، أن "كوهين" ومردخاي" وعن طريق التواصل والتطبيع والنقاشات السلمية والحوارات العقلانية، سيصنع منهم زعامات مسالمة تعطينا دولة وتنهي الاحتلال، كون دولة الاحتلال لا تقوم على التسامح وليست جمعية خيرية توزع هدايا وعطايا بالمجان.
خطورة خرق السفينة ليست على الجانب الفلسطيني فقط ، بل ايضا على الجانب العربي، حيث تشكل جسرا لعبور الاحتلال لبقية الدول العربية والاسملامية، وستكون حجتهم، انهم لن يكونوا ملوكا اكثر من الملك نفسه.
من المفترض ان يكون هناك مواقف وعقوبات بعزل كل من يطبع أو يتواصل مع الاحتلال "الإسرائيلي"، والعزل المطلوب هو على مختلف المستويات: سياسياً واجتماعياً ودينياً، حتى لا تصبح ظاهرة عامة.
من يقول ان نموذج جنوب لبنان وغزة مكلف ولن يبني دولة ولن يحرر وطنا، فهو بحاجة لاعادة التدقيق في طرحه مرة اخرى، فالمفاوضات طيلة 25 عاما اوصلت الضفة الى صفقة القرن، وهي انهاء وتصفية للقضية الفلسطينية،وأقيمت بدلا منها دولة للمستوطنين.
لنعد مرة اخرى لنموذج جنوب لبنان وغزة، ونستقي العبر مما جرى، ونطور هذا النموذج ونحسنة، ونتجنب التطبيع والهرولة نحو الاحتلال، لان أحفادنا غدا سيقفون على قبورنا ويسألوننا عن صور التطبيع المذلة والمهينة، عندها ماذا سنجيبهم ونحن تحت التراب، يا أصحاب التطبيع...أجيبونا!؟
د. خالد معالي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت