قادة "اسرائيل" الحاليون لا يملكون بُعد نظر، ولا يعملون لمصلحة دولتهم بل جل ما يسعون اليه هو تحقيق مطامعهم ومصالحهم الشخصية ولو على حساب مستقبل الدولة. وخير مثال على ذلك تمسك رئيس وزراء "اسرائيل" الحالي بنيامين نتنياهو بمنصبه، وسعيه ليبقى بالحكم أطول فترة ممكنة حتى ولو احتاج ذلك الى انتخابات رابعة أو خامسة، وهو يدعم اليمين والتطرف، وهو من أكبر داعمي الاستيطان.
واذا نظرنا الى قادة الاحزاب الاخرى الحالية، فإننا نجد أنهم لا يختلفون عن نتنياهو، ولكن لربما بالأسلوب واللغة. فهم يبحثون عن مصالحهم فوق كل مصلحة لدولتهم! وهؤلاء مع نتنياهو يتاجرون الى حد كبير ويستغلون ورقة الاستيطان للفوز بالانتخابات التي ستجري اليوم أو في المستقبل. ووفروا للمستوطنين كل حماية ودعم ليواصلوا العربدة والعداء ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية، وحتى في داخل الخط الاخضر.
لا يدرك هؤلاء القادة الاسرائيليون ان سياسة التوسع والاستيطان ستؤدي الى ضعف دولة "اسرائيل"، وقد تؤدي الى انقسامها. وهذا ما يتوقعه العاقل المتابع للتاريخ والمستقبل، كما حدث قبل آلاف السنين عندما تحولت الدولة العبرية الى دولتين.
والتساؤل الذي قد يطرحه بعضهم: كيف ستشكل سياسة الاستيطان ضعفاً أو انقساماً في "اسرائيل"؟ والاجابة بسيطة وهو أن المستوطنين مع مرور الزمن يقيمون "دولتهم" و"كيانهم" على أراضي الضفة الغربية، ولن ينصاعوا لأي قرار لا يعجبهم بتاتا، وسيعتبرونه معاديا لهم. كما ان الشعب الاسرائيلي خارج المستوطنات في وسط الدولة لن يقبل أن يحصل هؤلاء المستوطنون على كل الامتيازات في الضرائب وفي المعيشة، وكأنهم هم الأبناء المدللون للدولة على حساب الآخرين!
وهؤلاء المستوطنون سيعرقلون التوصل الى اتفاق سلام عادل ودائم، وسيشكلون خطرا على أمن "اسرائيل" اذا استمروا في العربدة والاستفزازات، وهذا بالتالي سيؤدي الى صراع ساخن وخطير في الضفة الغربية المحتلة لان شعبنا لن يسكت الى ما لا نهاية على هذه الاستفزازات، وستكون هناك عمليات مقاومة متنوعة، وستعيش المنطقة بأسرها في اجواء فلتان أمني وفوضى عارمة، وهذه الفوضى لن تكون لصالح "اسرائيل"، كما أنها لن تكون لصالح أحد ممن يسعون لتحقيق سلام شامل ودائم!
قد يقول قائل: دع قادة "اسرائيل" يدعمون الاستيطان لان هذا الدعم هو خطوة بالفعل لإضعاف دولتهم. ولذلك فان الاستيطان يفيد قضيتنا على المدى البعيد. ويصبح حل الدولتين مجرد فكرة قد رحلت عن الوجود والى الابد. وستحل مكانها الدولة الواحدة مع حقوق مواطنة متساوية!
الاستيطان قد يطيل امد الاحتلال ولكنه في النهاية ليس مصدر قوة، لأن الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وتوسع دائرة الاستيطان تشكل في حد ذاتها عبئاً أمنياً كبيرا.
هل يدرك قادة "اسرائيل" خطورة ما يرتكبونه من اخطاء في دعمهم الكبير والأعمى للاستيطان؟ واقول لهم أن المستقبل سيكشف لهم ان الاستيطان ليس مصدر قوة بل ضعف وانقسام!
بقلم: جاك خزمو
الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر
القدس 2/3/2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت