قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إن زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو تأتي في توقيت استثنائي تمرّ به القضية الفلسطينية والمنطقة على نحو عام.
وكشف في حوار مع قناة "الميادين"، أنه تم التحدث بعمق وانفتاح في كل الملفات ذات الاهتمام المشترك مع المسؤولين في روسيا الاتحادية، وتمّ التركيز على أربعة ملفات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والمبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، بالإضافة إلى طاقم وزارة الخارجية.
وصرّح هنية أن الملف الأول كان حول القضية الفلسطينية وخاصة بعد الإعلان عمّا يُسمى "صفقة القرن"، معتبراً أنها تُمثّل "قمّة الانحياز الأميركي للكيان الصهيوني والتحالف بين الإنجيلية والحركة الصهيونية، والتي استهدفت ركائز القضية الفلسطينية،القدس والأرض وحق العودة".
ونقل عن روسيا موقفها الرافض للصفقة، لكونها "تتعارض مع الشرعية الدولية والقانون الدولي". وقال هنية إنه تم الحديث عن ثلاثة مسارات لمواجهة هذه الصفقة، أوّلها ترتيب البيت الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية والاتفاق على برنامج سياسي مشترك، ثانياً، المقاومة الواسعة الشاملة بكل عناوينها بدءاً من المقاومة الشعبية، وثالثاً، تعزيز شبكة الأمان العربي والإسلامي لتبنّي الموقف الفلسطيني الرافض لهذه الصفقة.
وأوضح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن لدى روسيا ميزات تتعلق بالقضية الفلسطينية، وهي أنها حاضرة في ذاكرة الثورة الفلسطينية منذ أيام الاتحاد السوفياتي حتى الآن، وأنّ لها علاقات على مسافة واحدة من جميع الفصائل الفلسطينية، ولا سيما "فتح" و"حماس"، بالإضافة إلى أن تحرّكها له نتائج من قبيل إحداث توازن مع الموقف الأميركي، وفق هنيّة.
وبالحديث عن "صفقة القرن" اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن "الصفقة كشفت عن الوجه القبيح للسياسة الأميركية، وأيضاً عن هذا الحصاد المرّ لمسيرة التسوية"، موضحاً أن موضوع حلّ الدولتين لم يعد قائماً، والقدس وأن اللاجئين غير موجودين على الطاولة، والأسرى سيبقون في السجون.
وكشف هنية عن أن واشنطن حاولت الاتصال بحركة حماس، إلا أن الأخيرة رفضت اللقاء مع الإدارة الأميركية لأنها كانت تتوقع طبيعة الصفقة والرؤية الأميركية لها، لافتاً إلى أن الاتّصالات السياسية مع الإدارة الأميركية الحالية لن تكون مجدية.
وقال إن "حماس تتبنّى استراتيجية الانفتاح على الجميع، وليست ضد أي اتّصالات مع أي دولة، ما عدا أي علاقات مع الكيان الإسرائيلي، في وقت لـحماس علاقة استراتيجية مع إيران، ولها علاقات مع تركيا، وقطر، ومصر، والأردن، ودول المغرب العربي، بحسب هنية.
وأشار إلى أن "صفقة القرن" لها مسار متعلق بتصفية القضية، والمسار الآخر هو ترتيب المنطقة وفق النظرية الأميركية، مشدداً على أنه من المهم جداً قطع الطريق على هذا التوجّه الأميركي الذي يرمي إلى السيطرة على المنطقة،ونوه إلى أن الانقسام بين دول المنطقة يمثل للإسرائيلي "وضعاً إقليمياً ذهبياً" لتنفيذ مخططاته.
ودعا هنية الدول المتضررة من السياسة الأميركية أن توجِد مساحة من التفاهم والحوار بينها، مؤكداً أن "حماس" جاهزة لأي دور يمكن أن يُسهم في خفض هذا التوتر في المنطقة.
واعتبر أن مواقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد الصفقة بحاجة لأن "تترجم إلى أفعال في بناء استراتيجية وطنية".
وقال "نحن بحاجة إلى وقفة من شعوب الأمة العربية والإسلامية لمواجهة ما يسمى صفقة القرن"، داعياً من خلال الميادين الشعوب العربية والإسلامية إلى مزيد من التصدي للسياستين الأميركية والإسرائيلية.
وأعرب عن أسفه وغضبه إزاء كل محاولات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف: "نحن غير راضين عن مؤتمر وارسو ولا عن مؤتمر المنامة ولا عن لقاء رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح برهان أخيراً".
وشدد هنية على أن مَن يعتقد بأن النجاة هي في الاقتراب من "إسرائيل"، فإنه مخطئ، مشيراً إلى أنه "لا بدّ من وقف هذا التطبيع والتصدي له شعبياً وسياسياً وإعلامياً".
وحول الانقسام الفلسطيني، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: "بادرنا إلى الاتصال بأبي مازن، ووافقنا على المشاركة في اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله"، مضيفاً أنه تم استقبال وفداً من الضفة في غزة من أجل الاتفاق على استراتيجية وطنية فلسطينية.
وصرح هنية بأن "حماس" في الداخل "قدّمت الكثير من الخطوات والتنازلات من أجل إحداث اختراق في ملفّ المصالحة"، موضحاً أنها عرضت أربعة خيارات يمكن لأي منها أن يوصل إلى الوحدة الوطنية، الأول هو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولاحقاً انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، والثاني هو أن ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني خارج رام الله، في بيروت أو في أي عاصمة أخرى، أما الثالث هو أن يُعقد إطار القيادة المؤقّتة للأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، في حين أن الرابع هو تأليف حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة الوضع الفلسطيني في الضفة والقطاع.
ولفت إلى أن حماس وفتح والجهاد والفصائل مطالَبة بأن تُحدث نقلة على صعيد الوحدة الوطنية.
وشدد هنية على أنه يحق لكل فصيل الاحتفاظ باستراتيجيته، فـ"حماس" ترى أن فلسطين من البحر إلى النهر، ولن تعترف بـ"إسرائيل"، وهي تتبنى خيار المقاومة وستستمر فيه، وستتحرك في هذا المربع في ظل التوافق على برنامج وطني"، وقال: "لا نريد أن نتفرّد بقرار المقاومة وكذلك لا نريد لإخوتنا في "فتح" أن يتفرّدوا بقرار السياسة".
وأضاف "نريد من إخوتنا في "فتح" أن يتخلصوا من بعض القضايا التي هي من ذيول مرحلة ما قبل صفقة القرن".
وأكد هنية أنه "نحن بحاجة إلى أن يكون هناك لقاء فلسطيني - فلسطيني، وأن نبادر إلى وضع رؤية وطنية فلسطينية"، منوهاً بالدور المصري في ملف المصالحة واصفاً إياه بـ"الأساسي والمركزي".
ورحّب بدور روسي وقطري وتركي ولبناني للخروج من حالة الجمود في الوضع الفلسطيني الداخلي، وبأي دور يمكن أن يسهم في تحقيق المصالحة مع التأكيد على محورية مصر، مذكراً بأن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري كان له دور في هذا الموضوع، وقطر وتركيا والأردن في مرحلة من المراحل.
وقال رئيس المكتب السياسي إن المقاومة في غزة عصيّة على الكسر ومستمرة في استراتيجية التراكم وبناء القوة، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن قضية التهدئة الطويلة المدى واردة فهذا مرتبط بتفاهمات رفع الحصار عن قطاع غزة.
وشدد على أنه من حق المقاومة الرد على العدوان وأن تدافع عن الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن زرع فتنة بين فصائل المقاومة أمر لا يمكن أن ينجح.
وكشف هنية عن أن علاقة حركة حماس بحركة الجهاد الإسلامي علاقة استراتيجية، وقال: "نحن في حالة من الانسجام والتفاهم مع إخوتنا في حركة الجهاد، ونملك الوعي الكامل لقطع الطريق على إحداث أي انشقاقات داخل صف المقاومة وخاصة بين حماس والجهاد".
وحذّر هنية من أنه إذا فكّر الاحتلال بأي حماقة تجاه القطاع فهو سيرى ما لم يره في 2014 "من دون الخوض في التفاصيل"، ذاكراً أن "صواريخ القسّام دكّت الكثير من الأماكن الصهيونية وفرضت حظراً جوياً على مطار اللد عام 2014".
وحول الانتخابات داخل حركة حماس، قال هنية إن "حماس" تفتخر بهذه العملية الديمقراطية في تجديد مؤسساتها الشورية وكذلك التنفيذية، حيث أنه كل أربع سنوات تجري انتخابات في أقاليم الحركة كافة في غزة والضفة وكذلك في الخارج.
وبحسب هنية، فإنه "من حق أي أخ في الحركة بمن فيهم الأستاذ خالد مشعل أن يكون جزءاً من هذه العملية".
هنية: علاقتنا بإيران استراتيجية
وحول اغتيال الفريق قاسم سليماني، أكد هنية أن "الشهيد سليماني كان له دور مركزي ومحوري في دعم القسّام وفي دعم المقاومة، مشيراً إلى أن علاقة حركة حماس بإيران علاقة استراتيجية. "
وشدد على أن "المشاركة والتعزية بقاسم سليماني واجبتان، لافتاً إلى أن الأمر غير الطبيعي أن لا يكون هناك مشاركة أو تعزية بسليماني".
وكشف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن أن هناك لقاءات عديدة تمّت مع أمين عام حزب الله نصر الله، وقال "هو بالتأكيد محلّ احترامنا"، مضيفاً أن نصر الله لم يعرض من جانبه شيئاً يتعلق بموضوع العلاقة مع سوريا.
وأشار إلى أنه يعتقد أن نصر الله لا يمانع وجاهز لو طُلب منه أن يقوم بدور ما، في ما يتعلق بالعلاقة مع سوريا، معرباً عن أمانيه الدائمة لسوريا بالاستقرار والأمن ووحدة أراضيها.