الولايات المتحدة الأمريكية وما يجمعها مع كيان الاحتلال من علاقة إلى حد الذوبان بعضهما ببعض ، تعود إلى ما قبل المؤتمر الصهيويهودي الأول في مدينة بال السويسرية في العام 1897 . فقد تشكلت في العام 1887 أول لوبي في الولايات المتحدة ، أسسها رجل دين بروتستانتي هو " بلاكستون " ، لصالح إقامة دولة يهودية في فلسطين .
نفوذ للمنظمات الصهيويهودية وقدرتها على تشكيل جماعات الضغط للتأثير على مواقع القرار داخل الإدارات الأمريكية بجمهورييها وديمراطييها ، ليس وحده من يقف وراء هذا السير والوقوف الأعمى وراء كيان الاحتلال ، على الرغم مما ارتكبه ويرتكبه من جرائم ومجازر موصوفة بحق الشعب الفلسطيني منذ اغتصابه واحتلاله للأرض الفلسطينية ، بعد أن طرد أهلها الأصليين . واعتبار أراضي الضفة الغربية وغزة والجولان ، هي ملك للشعب اليهودي ، لأن الله هو من عينّ حدود الكيان .
ما يقف وراء السياسات الأمريكية الداعمة والحاضنة والمؤيدة للكيان في كل المجالات ، السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية وحتى المادية ... الخ ، هي تلك الاتجاهات المسيحية الأصولية التي تربطها علاقات وثيقة بجماعات التبشير الإنجيلي في الكيان ، والتي تحرص على دعمها كالتزام ثابت لا يتغير ، من خلفية الاعتقاد أنّ السيطرة اليهودية على القدس هو محور عودة المسيح الثانية جغرافياً وتاريخياً ، وبأنّ الهيكل لا بد أن يُقام على أرض المسجد الأقصى الذي لا بد من إزالته وزواله .
وعلى خلفية هذا الاعتقاد ، فإنّ دعم الكيان يتجاوز الاعتبارات السياسية أو المنطلقات الأخلاقية أو الإنسانية ، بل هو أمرٌ إلهي ، ومعارضته مخالف للتعاليم الدينية ، بل هو خطيئة تعاكس مرضاة الله . وبالتالي هو تأكيد عللى الالتزام بالتعاليم المسيحية المستندة إلى قضايا روحية وتاريخية .
وهذا ما جاء على لسان السفير الأمريكي في الكيان " ديفيد فريدمان " : - " لم يحصل الأمريكيون على حقوقهم بفضل نضال الحزب الديموقراطي ، او الجمهوري ، بل لأن آباءنا قرأوا التوراة ، التي جاءت من هذا المكان ، فهذا المكان موقع تراثي ، أمريكي ، إسرائيلي مشترك ، فالتاريخ والتراث يوحدان بيننا " ، خلال مراسم افتتاح نفق جنوب المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة ، وبحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط " جيسون غرينبلات " .
مع الوضوح الشديد للسياسة الأمريكية في تبنيها لكيان الاحتلال وسياساته ، لا زال النظام الرسمي العربي على رهانه وراهنه في وضع أوراق حل الصراع والقضية الفلسطينية في عهدة الإدارة الأمريكية ، التي تتمادى وتتغول في فرض مشيئتها على الرسميتين العربية والفلسطينية ، وليس أخر إبداعاتها " صفقة القرن " .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت