يحيا أهلنا في القدس المحتلة في خطر داهم هذه الأيام، ويواجهون مخاطر كبيرة وجمة وحربًا أمريكية صهيونية تستهدفهم وتعمل على تشريدهم وتهجيرهم من جذورهم وأصولهم في القدس المحتلة، وتستهدف نزع وإسقاط ارتباطهم العميق والتاريخي الكبير بأصولهم وأصول أجدادهم في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتأبى إدارة (ترامب) الصهيونية إلا أن تثبت قطعًا ولاءها الكامل للكيان الإسرائيلي ودعمه المتواصل في جرائمه بحق أهلنا المرابطين في المدينة المقدسة.
إن إدارة ترامب تمثل رأس الحربة، وتقف في الصفوف الأولى في تنفيذ المخططات الإسرائيلية التي تستهدف تهويد القدس، وتشريد أهلها.
وقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية حديثًا تقريرها السنوي الذي ينزع ويسقط "صفة الفلسطيني" عن أهل القدس، وخصوصًا سكان شرقي القدس المحتلة بهدف التمهيد لفرض السياسات الاحتلالية الإسرائيلية على القدس وأهلها، وتطبيق خطة السلام الأمريكية في المنطقة، كما تمثل هذه الجريمة الخطيرة إمعانًا في سياسات محاربة المقدسين بهدف تهجيرهم وتشريدهم عن أرضهم؛ إذ عد التقرير الأمريكي السنوي (الحقوقي) الذي تصدره الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في العالم، أن الفلسطينيين في شرقي القدس هم عبارة عن "سكان غير إسرائيليين يعيشون في القدس"؛ كما يتحدث التقرير السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم بما يتناسب مع السياسات الخارجية للولايات المتحدة، ويتضمن التقرير السنوي فصلًا عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيها القدس، دون الحديث عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني ومواصلة استهداف المدينين وقتل الأطفال ومنع حرية التنقل وتهويد المدينة المقدسة.
إن المسؤولين في الكيان الإسرائيلي يشعرون بالسرور والغبطة عندما تتحدث الإدارة الأمريكية عما هو موجود على الأرض الفلسطينية؛ وتلغي أمريكا الحديث بتاتًا عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحق تقرير المصير، وهذا ما نقله الموقع الإلكتروني لكبرى الصحف في الكيان الإسرائيلي صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مسؤول في البيت الأبيض: "إن الإدارة الأميركية تحتاج إلى وصف الواقع كما هو بأنه لا يمكن الاعتماد على حق تقرير المصير الذي لا أساس له في الواقع"، وادعى أن "هذا التقرير الأمريكي يقرب المنطقة من السلام لأنه لا يمكن بناء السلام إلا على أساس الحقيقة، كل شيء آخر سوف يتفكك ويفشل".
إن إسقاط الإدارة الأمريكية صفة الفلسطيني عن أهل القدس وسكانها الأصليين إنما يمثل جريمة أمريكية إسرائيلية جديدة تستهدف المدينة المقدسة وأهلها، وإمعانًا في الجرائم الأمريكية بحق شعبنا الفلسطيني، وسط الانحياز الكامل لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاحتلال الإسرائيلي، والدعم المتواصل لجرائمه بحق الأرض والإنسان.
وعد التقرير الأمريكي السيئ هضبة الجولان السوري المحتل، والضفة الغربية، وقطاع غزة عبارة عن مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقد تضمن التقرير الأمريكي حالة حقوق الإنسان في كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفقًا للسياسات ورؤى الإدارة الأميركية المنحازة بالكامل للكيان الإسرائيلي والداعمة له على أرضنا الفلسطينية المحتلة، منذ تسلم الرئيس ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة.
إن التقرير الأمريكي يتحدث كذبًا وافتراء أن إدارة ترامب "ترسي مبدأ الالتزام بالحقيقة والوقائع على الأرض، وأن التعريف الجديد يعكس الواقع في القدس كما هو لأنه لا توجد دولة فلسطينية وأن السكان العرب في القدس ليسوا مواطنيها أيضًا".
تسير الولايات المتحدة بخطى متسارعة في تنفيذ صفقة القرن التي تستهدف أرضنا الفلسطينية وتستهدف مقدساتنا، وتعمل على فصل القدس عن باقي الأراضي الفلسطينية، ورسم خريطة جديدة لأرضنا الفلسطينية بما يتوافق مع المخططات الاستيطانية الاحتلالية.
إن إدارة ترامب الصهيونية تعمل جاهدة وتسعى دومًا لتنفذ السياسات والمخططات الإسرائيلية وخطة السلام الأمريكية الجديدة التي تستهدف القدس والمقدسيين، وتستهدف سلخ المدينة المقدسة عن أصولها وجذورها وتشريد أهلها عنها، وهذا يتطلب منا جميعًا التوحد ورص الصفوف في مواجهة المخاطر الكبيرة التي تستهدف المدينة المقدسة وأهلها المحاصرين فيها.
بقلم / د. غسان مصطفى الشامي
إلى الملتقى ،،
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت