كشفت لجنة التحقيق في حريق النصيرات، مساء السبت، عن نتائج تقريرها النهائي الخاص بالحادث الأليم الذي وقع وسط قطاع غزة مؤخرا.
وقال رئيس اللجنة ووكيل وزارة العدل بقطاع غزة محمد النحال إن "المشكلة الأساسية بالحريق هي انفجار الصهريج المتسبب في الحريق أنه تم تصنيعه على أساس أن يكون صهريج ثابت وليس متحرك"، مشيرًا إلى أن الضعف الشديد في جسم الصهريج الناتج عن الاهتزازات أدى إلى انفكاك الصهريج وتسرب الغاز بشكل مفاجئ وسريع وتكوين سحابة غاز في محيط دائرة بقطر 30 متر اً، الأمر الذي أدى إلى اشتعال هذه السحابة وحدوث الحريق.
واوضح أن عملية تحويل الصهريج من صهريج ثابت إلى متحرك هي عملية هندسية تحتاج إلى تصميم فني حسب المعايير والمواصفات الهندسية، ويجب أن يتم التنفيذ عن طريق مصانع فنية متخصصة. إلا أن محطة المشهراوي للغاز المالكة للصهاريج لم تقم بذلك، وقامت بتحويل الصهاريج من ثابتة إلى متحركة بطريقة بدائية ودون الالتزام بأي مواصفات هندسية ودون موافقة الجهات المختصة، فالعربة المتحركة التي وضع عليها الصهريج لا تحتوي على نظام امتصاص الضربات والاهتزازات.
وذكر النحال أن اللجنة توصلت لعدة نتائج بعد الاطلاع على التقارير الفنية لجهات الاختصاص، وبعد الاستماع إلى إفادات المعنيين وشهادات الشهود، ومشاهدة تسجيل كاميرات المراقبة، وبعد مناقشة وتحليل كافة المستندات التي تم الحصول عليها، على ما تم التوصل إليه من تحديد مسؤوليات الجهات ذات العلاقة.
وأشار إلى أن من بين النتائج أن الحريق ناتج عن اشتعال سحابة الغاز الناتجة عن انفجار صهريج الغاز المملوك لمحطة المشهراوي للغاز والذي تم إحضاره لصالح مخبز البنا، وقد حدث الانفجار بسبب ضغط الغاز حيث كان يحتوي الصهريج على 1350كجم ، وذلك بسبب الضعف الذي اعترى الصهريج بسبب تحويله من ثابت إلى متحرك منذ العام 2004 دون مراعاة المواصفات الهندسية التي تضمن سلامة الصهريج، وقد تزامن ذلك مع ارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعي في نهار ذلك اليوم بزيادة 8 درجات.
وبيّن رئيس اللجنة أن محطة المشهراوي للغاز قامت بإجراء تغييرات على بعض صهاريج الغاز ومنها الصهريج الذي تسبب في الحريق، وذلك بتحويلها من ثابت إلى متحرك دون مراعاة المواصفات الهندسية اللازمة ودون الحصول على الترخيص اللازم من الجهات ذات الاختصاص، كما قامت إدارة المحطة بنقل ال صهريج المتسبب بالحريق إلى مكان المخبز وهو يحتوي على "1350" كجم من الغاز بعد الحصول على إذن شفوي من رئيس قسم الأمن والسلامة بالدفاع المدني في المحافظة الوسطى، وهو إذن شخصي من الضابط المختص دون الرجوع إلى إدارته المختصة ولذلك ترى اللجنة أن هذا الإذن الشفوي لا يعفي إدارة المحطة من المسؤولية لأن صلاحية الضابط المختص تتمثل في إلزام المنشآت بأنظمة الأمن والسلامة وليس مخالفتها.
ونوه إلى أن مخبز البنا لم يول الاهتمام الكافي بإجراءات الأمن والسلامة وفق الأنظمة المعتمدة لدى الدفاع المدني، حيث قام بشكل مخالف للقانون بالاحتفاظ بكمية كبيرة جداً من غاز الطهي بلغت وقت الحريق حوالي (3.474 ) كجم تقريباً أي أكثر من عشرة أضعاف الكمية المسموح بها.
وأكد النحال أن البلدية ممثلة برئيس البلدية والمجلس البلدي وقسم الحرف، لم تول الاهتمام الكافي بإلزام المنشآت الخطرة مثل المخابز بالحصول على الترخيص الذي يضمن إجراءات الأمن والسلامة، حيث هناك العديد من المخابز وغيرها يعمل بدون ترخيص ولم تتخذ البلدية ضدهم أية إجراءات باستثناء الحصول على رسوم الترخيص فقط. وما زال هناك خطر على الجمهور من المخابز وغيرها من المنشآت الخطرة التي تعمل في نطاق نفوذ بلدية النصيرات دون ترخيص ودون مراعاة لإجراءات السلامة والصحة المهنية.
وذكر رئيس اللجنة أن من بين النتائج عدم قيام دائرة الأمن والسلامة في الدفاع المدني بجولات تفتيشية كافية على المنشآت الخطرة للتأكد من مدى التزام أصحاب المنشآت بإجراءات الأمن والسلامة والوقاية من مخاطر الحريق.
وقال النحال "إن من بين النتائج أن إهمال ضابط الدفاع المدني "رئيس قسم الأمن والسلامة بالمحافظة الوسطى" الذي سمح وعلى مسؤوليته الشخصية لمحطة المشهراوي بنقل الصهاريج إلى مخبز البنا رغم علمه أن وجودها في المكان يخالف أنظمة الدفاع المدني ويشكل خطورة بالغة على حياة الناس في محيط المكان".
وتابع "والإهمال من قبل ضابط الدفاع المدني "عضو اللجنة الوطنية الفنية للسلامة والصحة المهنية" حيث شارك اللجنة في الزيارة الميدانية لمخبز البنا بتاريخ 2020/2/25، إلا أنه لم يضمن تقريره مخالفة المخبز بوجود صهاريج غاز عدد "2" وبسعة "2.25"طن ودون أن يتخذ الإجراء اللازم لإزالة الخطر".
وأكد النحال أن الحريق كشف عن نقص الإمكانات اللازمة للدفاع المدني للتعامل مع الح رائق عند اتساع رقعتها.
وأضاف "إن هناك بعض العوامل التي أثرت سلباً على قدرة الدفاع المدني في السيطرة على الحريق وتقليل الأضرار البشرية والمادية منها: تخزين كميات كبيرة من الوقود الخاص بتشغيل المولدات الكهربائية، عدم وجود وعدم توفر صنابير مياه، وسائل ومعدات الوقاية من الحرائق داخل المحلات التجارية والمنشآت الصناعية الحريق، وجود شبكة كهرباء عشوائية وتمديد الأسلاك فوق أسطح المحلات التجارية".
وأكد النحال عدم وجود منظومة متكاملة لإدارة المواد الخطرة من قبل جهات الاختصاص في قطاع غزة فيما يتعلق بتخزين وتداول المواد الخطرة، مشيرًا إلى عدم سرعة اتخاذ المقتضى القانوني بحق المخالفين من طرف الجهات القانونية والقضائية.
ونوه إلى عدم وجود لائحة صادرة عن وزير الداخلية بتحديد إجراءات التفتيش والضبط والتحقيق والجزاءات والمخالفات الخاصة بأعمال الدفاع المدني المنصوص عليها في قرار رقم "27" لسنة (2000) الخاص باعتماد لوائح شروط السلامة والوقاية من الحريق.
وذكر النحال بعض التوصيات الخاصة وهي:
1- اتخاذ كافة الجهات المختصة بما فيها الدفاع المدني والبلديات الإجراءات الفورية تحت طائل المسؤولية بإغلاق كافة النقاط العشوائية لتوزيع الغاز، وكذلك إغلاق كافة المنشآت الخطرة ومتوسطة الخطورة غير الحاصلة على التراخيص اللازمة أو التي تفتقد لشروط الأمن والسلامة.
2- تكليف وزارة الداخلية بما يلي:
أ- اتخاذ الإجراءات اللازمة لفصل الضابط/ رئيس قسم الأمن والسلامة في المحافظة الوسطى بالدفاع المدني من مرتبات وزارة الداخلية والأمن الوطني وإحالته للتحقيق الجنائي.
ب- اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الضابط/ مفتش الأمن والسلامة في المحافظة الوسطى بالدفاع المدني عن العمل وإحالته للتحقيق الجنائي .
ج- اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل الضابط/ مدير دائرة الأمن والسلامة من جهاز الدفاع المدني وتأخير رتبته العسكرية لمدة ثلاث سنوات.
3- تكليف وزارة الحكم المحل بما يلي:
أ- إعفاء رئيس بلدية النصيرات من مهامه، وإحالته إلى الجهات القضائية المختصة.
ب- حل مجلس بلدية النصيرات، والإشراف على إعادة تشكيله حسب الأصول، بحيث لا يشمل المجلس البلدي الجديد أي عضٍو من أعضاء المجلس البلدي الذي تم حله.
ج- اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل الموظف/ رئيس قسم الحرف والصناعات في بلدية النصيرات إلى وظيفة غير إشرافية، وتوجيه إنذار نهائي له بالفصل.
د- اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف ترقية الموظف/ مفتش الحرف في بلدية النصيرات لمدة ثلاث سنوات، 4 وتوجيه إنذار نهائي له بالفصل .
4- مخبز البنا الآلي:
أ- اغلاق المخبز نهائياً.
ب- اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحالة ملف "مخبز البنا" للجهات القضائية المختصة للتحقيق واتخاذ المقتضى القانوني.
5- محطة المشهراوي للغاز:
أ- اغلاق المحطة نهائياً.
ب- اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحالة ملف "محطة المشهراوي للغاز" للجهات القضائية المختصة للتحقيق واتخاذ المقتضى القانوني.
وذكر النحال عدة توصيات عامة وهي:
1- وزارة الحكم المحلي:
أ- تعزيز الإدارة العامة للرقابة والتوجيه على البلديات بالكوادر البشرية المختصة الكافية.
ب- إلزام كافة البلديات بمتابعة المخالفات التنظيمية، وعدم تجديد الترخيص للمنشآت الخطرة ومتوسطة الخطورة إلا بعد حصولها على تصريح الدفاع المدني والجهات الأخرى ذات العلاقة.
ج- تخطيط وتنظيم منطقة الحريق وعمل شوارع حسب الأصول بما يضمن سهولة وانسيابية وأمان الحركة.
2- الدفاع المدني:
أ- دراسة واقع جهاز الدفاع المدني واحتياجاته البشرية والمادية والعمل على تلبية احتياجاته وفق خطة يتم إعدادها من قبل وزارة الداخلية وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ب- وضع جهاز الدفاع المدني واحتياجاته ضمن أولويات قيادة العمل الحكومي.
3- الطب الوقائي" وزارة الصحة":
أ- تنبيه دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة بالتعامل بجدية في منحها الموافقة على ترخيص المخابز وفق الشروط والمعايير الصحية المقرة.
4- الأمانة العامة لمجلس الوزراء:
أ- تشكيل لجنة خاصة لدراسة القوانين والأنظمة واللوائح والإجراءات الناظمة لعمل كل جهة من الجهات الممثلة في اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، وإعداد دليل إجراءات خاص بترخيص المنشآت والتفتيش عليها، على أن ترفع اللجنة نتائج أعمالها بالخصوص خلال شهر من تاريخه .
ب- تشكيل لجنة شرعية قانونية لتحديد حقوق الضحايا من الشهداء والمصابين.
5- وزارة الاقتصاد الوطني:
تفعيل مؤسسة المواصفات والمقاييس بوزارة الاقتصاد الوطني وتكليفها بوضع المواصفات والمقاييس الفنية للمنشآت الخطرة ومت وسطة الخطورة.
6- الإدارة العامة للبترول- وزارة المالية:
أ- وقف تزويد محطات الغاز والوقود المخالفة للأنظمة المعتمدة وغير الحاصلة على تصاريح الوقاية والسلامة بأي كميات من الغاز أو الوقود لحين تسوية أوضاعها التنظيمية والفنية لدى الجهات المختصة.
ب- التعميم على كافة محطات الغاز أو البترول بضرورة التزامها تحت طائل المسؤول ية، بعدم تزويد المخابز والمنشآت الخطرة ومتوسط الخطورة بأي كمية تزيد عن الحد المسموح به.
ج- عدم منح أي جهة إذن تصنيع أو إدخال صهاريج الوقود أو الغاز إلا بعد الحصول على الموافقات من جهات الاختصاص التنظيمية والفنية .
د- إعداد لائحة لضبط حركة شاحنات نقل الغاز والبترول زماناً ومكاناً، وإصدار الرخص الخاصة بهذا الشأن، والتنسيق مع شرطة المرور لتطبيق اللائحة.