نكتب عن غزة دون الضفة الغربية لأن غزة بين مصيبتين؛ مصيبة الحصار الإسرائيلي وعقوبات السيد عباس، ومصيبة فيروس كورونا، وأزعم أن الضفة الغربية تعيش أوضاعاً اقتصادية تختلف كلياً عن قطاع غزة، لذلك نخص غزة بنداء الاستغاثة، لأن غزة الجائعة وحدها تواجه الجائحة، وهذه حقيقة يتقهم أخطارها أهلنا في الضفة الغربية.
في غزة؛ يطالب بعض المثقفين والأطباء باتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، ومن ضمن هذه الإجراءات عدم خروج الناس من بيوتهم، أسوة بالضفة الغربة، دون الانتباه إلى خطورة بقاء الناس في بيوتهم دون توفير الطعام والشراب، وهذه مسألة مهمة، من المؤكد أنها تشغل بال المسؤولين في غزة، ولا تؤرق المسؤولين في الضفة الغربية.
مطالبة الناس في غزة بالبقاء في منازلهم تستوجب توفير مقومات الحياة لهم، ولاسيما بعد أن استنزفت سنوات الحصار الإسرائيلي وعقوبات السيد عباس أهل غزة مادياً، وجعلتهم ينتظرون أبسط المساعدات، ويعيشون على الكفاف، ويلتقطون قوتهم بالقطارة، حتى صار من لا يخرج مع الفجر ليلقط رزقة، لن يجد لقمة خبز عند المساء، وهؤلاء كثر، منهم سائق السيارة الأجرة، والبائع المتجول، وصاحب البسطة، وصاحب الكارة والتكتك وعامل اليومية، وصاحب المطعم، والبقالة والخياط والنجار وعامل اليومية والحداد وغيرهم آلاف البيوت المفتوحة التي تنتظر الصباح لتنتزع رغيف خبزها من كومة البحث والشقاء.
وفروا للمحتاجين رغيف الخبز قبل أن تطالبوهم بالبقاء في البيت، فالموت من فيروس كورونا قد يكون أرحم من الموت جوعاً، من هنا جاء تبرع أمير قطر لأهل غزة بمبلغ 150 مليون دولار لمدة ستة أشهر بمثابة غيمة مطر ندية في عز الجفاف، تستحق قطر الشكر عليها، فمبلغ 25 مليون دولار شهرياً قد تساعد في هذه الظروف، ولكنها لن تسد رمق أكثر من 2 مليون إنسان يواجهون الجوع و الحصار والعقوبات وفيروس كورونا في لحظة واحدة.
وإذا كانت الحكمة تقضي بأن يظل أهل غزة في البيت كي لا يتفشى بينهم فيروس كورنا، فإن المنطق يفرض على المسؤولين في غزة وعلى قيادة التنظيمات، وعلى قادة المجتمع المدني، وعلى المؤسسات الأهلية، عليكم المبادرة بتوجيه نداء استغاثة باسم أهل غزة، نداء تتبناه الأونروا والمنظمات الإنسانية والدولية المتواجدة على أرض غزة، كي يكون للنداء صدى الجائحة عن غزة الجائعة في أكثر من مكان.
عند المصائب تتوحد الشعوب، ويلتقي الخصوم لمواجهة الجائحة، وهذا ما يجب أن يتحلى به أهل غزة على مختلف انتماءاتهم التنظيمية، فالجميع تحت المقصلة سواء كان منتمياً لحركة فتح أو حركة حماس، وجائحة كورونا تدعوكم إلى العمل المشترك، والتوحد في الميدان، والتوجه باسم كل التنظيمات بما فيهم حركة فتح، إلى السيد محمود عباس، ومطالبته بصرف رواتب موظفي غزة كاملة، وإعادة الرواتب المقطوعة، هذه فرصة للتآخي والتلاقي ودحض الخصومة، ومواجهة جائحة فيروس كورونا موحدين، كمقدمة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في خطوة لاحقة.
د. فايز أبو شمالة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت