ذكر الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق أن الإجراءات التي اتخذتها الصين في مكافحة الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) أدت إلى نتائج مبهرة، داعيا إلى الاستفادة من التجربة الصينية.
وقال شرف في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء "شينخوا" عبر البريد الالكتروني مؤخرا إن" تجربة الصين استخدم فيها أقصى درجات الإتقان في تطبيق مفاهيم إدارة الأزمات وبمهنية رائعة، بدعم من دور الشعب الصيني المؤثر في الالتفاف حول قيادته وتجاوبه بفعالية مع متطلبات الانضباط التي طالبته بها الحكومة".
وأردف "كما قلت التجربة مبهرة وحققت نتائج باهرة"، مرجعا النجاح إلى عدة أسباب، بما في ذلك القيادة المركزية للإجراءات تحت قيادة وتوجيهات الرئيس الصيني شي جين بينغ، وعزل مركز الوباء ووهان.
ومن ضمن الأسباب أيضا، توجيه كل الدعم من كافة جهات الدولة، واستخدام المنهج العلمي ومراكز البحث والتطوير فى كل الخطوات، مع الحفاظ على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال عملية المكافحة، ودعم التعاون الدولي.
وأعرب رئيس وزراء مصر الأسبق عن أمله في الاستفادة من الطريقة التي عالجت بها الصين هذه الأزمة الخطيرة.
وشدد شرف على مفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك، الذي طرحه الرئيس شي، كمبدأ أساسي وحيوي لتحقيق التنمية المشتركة ومواجهة التحديات التي تواجه العالم.
وقال "العالم أصبح قرية صغيرة والعلاقات والمصالح بين الدول أصبحت متشابكة لدرجة كبيرة جدا. وبالتالي لا يمكن لدولة أن تحقق تنمية حقيقية بمفردها".
وتابع أن التحديات العالمية مثل وباء كوفيد-19، تفرض على العالم ضرورة التنسيق والتعاون الدولي بإخلاص لأنه في النهاية تحد عالمي يواجه البشرية جمعاء.
وأكد أن مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحتها الصين في عام 2013 لربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وما وراءها، من خلال مشاريع بنية تحتية وشبكات تجارية، تخدم التنمية المشتركة التي تعتبر هدفا أساسيا من أهداف المبادرة.
وقال شرف إن مصر والصين حضارتان عريقتان تجمعهما كثير من القيم الأخلاقية التي تدعو إلى التعاون ومساعدة الغير والعطاء وهو ما يحتاج إليه العالم الآن، مضيفا أن مصر قد لعبت دورا كبيرا تحت مظلة طريق الحرير القديم، وسوف تلعب دورا كبيرا أيضا تحت مظلة التعاون الدولي، مبادرة الحزام والطريق.
وترتبط مصر والصين بصداقة تاريخية ممتدة وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا على كافة الصعد في السنوات الأخيرة في إطار مبادرة الحزام والطريق، بفضل تعزيز الثقة المتبادلة وتواتر الزيارات رفيعة المستوى.
وفي إطار روح الصداقة والمصير المشترك، أعربت مصر عن دعمها للصين في مواجهة كوفيد-19 وأرسلت مساعدات. وفي يوم الاثنين، بحث الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال محادثة هاتفية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي العلاقات الثنائية والجهود المبذولة لمجابهة فيروس كورونا الجديد.
وأعرب شي عن دعم الصين لجهود مصر في الوقاية من فيروس كورونا الجديد والسيطرة عليه، واستعدادها لمكافحة تفشي الفيروس بشكل مشترك. وشدد على أن الصين تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع مصر، وأنها عازمة على العمل معها في دعم التعاون العملي في مختلف المجالات، وجعل العلاقة بينهما نموذجا للعلاقة الصينية-العربية ونموذجا لمجتمع مشترك المصير بين الصين وإفريقيا.
وحول احتمالات تأثر التعاون بين مصر والصين جراء تفشي فيروس كورونا الجديد في العالم، قلل شرف من ذلك قائلا:" بالرغم قسوة الأحداث المرتبطة بكوفيد-19، إلا أنها قربت بين الصين ومصر، وأعتقد أن التأثيرات الحالية ستكون مؤقتة وقصيرة المدى"، مبديا ثقة كبيرة في مواصلة التعاون بين البلدين بصورة أعمق قدما.
وحول تأثير الفيروس على المشهدين الاقتصادي والسياسي العالميين مع القيود التي فرضتها الدول المختلفة على التجارة والسياحة، قال الدكتور عصام شرف "من حيث الاقتصاد، أعتقد أن يحدث انكماش في الاقتصاد العالمي على الأقل على المدى القصير، وأن يظهر شكل جديد للعولمة، عولمة تعتمد على التعاون والشراكة وليست عولمة الهيمنة"، بحسب تفسيره.
وفي الشق السياسي، رأى شرف أن يكون للوباء تأثير غير يسير على المشهد السياسي العالمي، متوقعا أنه" سيكون هناك تغير في موازين قيادة العالم مع تحول إلى عالم متعدد الأقطاب بصورة أوضح".
وأردف قائلا إن رغبة الصين في مساعدة الدول المتضررة من الوباء لا تنطلق من مسؤوليتها كقوة عظمى فحسب، بل أيضا من مخزونها الحضارى الذي يؤهلها الى الاضطلاع بدورها نحو أمن الصحة العالمية على أكمل وجه.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن المساعدة المتبادلة بين الصين والدول العربية في مواجهة الوباء تعكس درجة كبيرة من التوافق بين الجانبين في العديد من القضايا المصيرية وروح الصداقة، مضيفا أن هذا الموقف سيزيد من أواصر التعاون بين الصين والدول العربية في المستقبل.
وقال إن ربط المرض باسم بلد أو مكان معين يتعارض مع قرارات منظمة الصحة العالمية، مضيفا أن" هناك من تخلى عن القيام بدورهم القيادي ولجأوا إلى الحروب الكلامية والإعلامية، وإلقاء اللوم والمسئولية على الآخرين"، في إشارة إلى محاولات بعض الساسة الغربيين تسييس قضية الوباء عن ضيق أفق.
وفي الختام، قال رئيس وزراء مصر الأسبق إن الحوكمة العالمية الحالية هي حوكمة منحازة بامتياز، مؤكدا أن الدرس الأبرز الذي يمكن استخلاصه من هذه الأزمة الصحية العالمية هو أن "أحداث كوفيد-19 كشفت عن ضعف الحوكمة العالمية الحالية وعدم قدرتها على حماية شعوب العالم من الظلم الإجتماعي والبيئي والصحي".
وتمنى أن يحدث تغير كبير في المفاهيم مما ينعكس على الحوكمة العالمية لتصبح حوكمة عادلة وليست منحازة، مما يعود على التعاون الدولي بصورة إيجابية.