في 5 آذار/ مارس 2020، أعلنت السلطة الفلسطينية عن 7 حالات اشتباه بالإصابة بفيروس كورونا المستجد، وذلك في محافظة بيت لحم، مما اضطر السلطة الفلسطينية إلى الإعلان عن سلسلة من الإجراءات، شملت إعلان حالة الطوارئ، وفرض إجراءات الحجر الصحي والمنزلي، ومنع خروج الناس من منازلهم، إلا للضرورة القصوى.
وصفت الصحافة العالمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( ابومازن) بالجريء، فهو اول رئيس دولة يعلن حالة الطوارئ بسبب تفشي فيروس الكورونا الذي تحول الى وباء عالمي وجائحة مشتعلة تجتاح دول العالم، انه قائد الشعب الفلسطيني المسكون بالايمان وبآية الرحمن "الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
ورغم أن هذه الإجراءات ليست الأولى من نوعها في عهد السلطة الفلسطينية، التي تتخذها لمواجهة حالة من الأوبئة والأمراض المعدية ، إلا أن طبيعة هذه الإجراءات كانت استثنائية؛ وذلك بسبب خطورة الحدث، وانتشاره العالمي، مما عكس انتباهًا مبكرًا لخطورة الأمر من ناحية، واعترافًا بالقدرات المحدودة للسلطة الفلسطينية من ناحية ثانية.
حققت السلطة الفلسطينية نجاحًا ملحوظًا حتى الآن، على مستوى مواجهة انتشار العدوى، وذلك بفضل إجراءات احترازية مبكرة وقوية نسبيًا، مخصصة لمكافحة انتشار الفيروس، شملت إعلان حالة الطوارئ، وتقييد الحركة وكل أشكال التجمع، وتعطيل المؤسسات التعليمية، والمرافق الترفيهية والمجتمعية، التي قد تشكل بيئة لانتشار العدوى، وكذلك إجراءات متعددة الأشكال الحجر الصحي، وهو ما حافظ على معدل منخفض حتى الآن من الإصابات.
إن الحكومة الفلسطينية كانت أكثر إدراكا ً من غيرها بأننا لا نملك كل الامكانيات والوسائل اللازمة لمواجهة هذا الفيروس إذا ما انتشر على نطاق واسع لا سمح الله فعمدت الى التطرف في الإجراءات الوقائية عملا بمبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج.
فرغم صعوبة الاجراءات واعلان حالة الطوارئ، إلا أنه كانت هناك استجابة شبه كاملة من الشارع الفلسطيني. كما أن القيادة الفلسطينية نفسها، حاولت تدارك الأمر بعد الأيام الخمس الأولى، وبدأت تتابع تدفق المعلومات بشكل أفضل، مما أوصل الوضع إلى حالة من الاستقرار والقبول. ومما ساهم في تقبل هذا القرار أكثر، بعد انتشار المرض بشكل سريع في دول أخرى مثل إيطاليا وأمريكا وفرنسا وأسبانيا وبعض الدول النامية والمتطورة ، جعل الناس تشعر بالخطر الجدي، الذي يتعدى الحدود كلها.
حيث أن جاهزية المواطنين الفلسطينيين للعزلة في منازلهم، كانت عالية، حيث أنهم عايشوا ظروفًا عديدة مشابهة في الانتفاضات السابقة، كمنع التجول وغيره.
ان الحكومة الفلسطينية وحكمتها في التعاطي مع المخاطر والتهديدات الماثلة للأمن الصحي، والهمة والإرادة العالية لمختلف فئات وقوى شعبنا أبرزت تكاتفه وتعاضده والتوحد للتغلب على خطر العصر ومدت جسور الثقة لجماهير شعبنا بمؤسسته الوطنية وجَسرت الفجوة الموجودة، بين شقي الوطن
إن دولة فسطين الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي، المحاصرة والمفتتة جغرافيا وسكانيا بسبب الاستيطان والحواجز ، تتعرض لبطش الاحتلال الاسرائيلي يوميا من قتل واعتقالات ومداهمات وهدم بيوت ومصادرة اراضي، تتفوق بامكانياتها البسيطة على دول كثير في مواجهة وباء الكورونا، لان القيادة الفلسطينية تملك الحلم لشعبها الآن وغداً، فقوة الحلم هذا هو التحدي الذي تُوج بتوجيهات السيد الرئيس محمود عباس ودولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه .
مازال الشعب الفسطيني، دائما في الامام، لسنا في الدور الاخير على مسرح الاحداث او في ما يسمى مؤامرة صفقة القرن المشبوهة كما يظنون، دائما نحن في الامام، نعلمكم أن ترونا وأن تعرفونا وأن تسمعونا، وأن تلمسوا دمنا، نعلمكم كيف نحمي هويتنا وأرضنا وصحتنا في كل الازمات، في الحرب وفي السلم وفي الوباء، نرفع علمنا الفلسطيني في كل الرياح وبكل الاتجاهات لتحيا الحياة.
هذا هو الشعب الفلسطيني، يغزل من الفضاء عباءة له وينام تحت نجمته الوحيدة، وعليهم ان يصدقوا بأننا الذين نروض المستحيل والمصائر بأرواحنا العنيدة، وعليهم ان يصدقوا أننا إذا نطقنا اسم النهر في قافية يجري النهر في القصيدة، وعليهم ان يصدقونا أننا إذا أطلنا التأمل في وردة لا تزحزحنا العاصفة، الأرض في آذار تلد الزهور من الصخور في حلتها الجديدة، لنا الحياة والسلام والعافية.
--
بقلم الكاتب/ عز عبد العزيز أبو شنب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت