أهمية تكثيف الاستثمارات للأغراض الإنتاجية والاستهلاكية في مواجهة وباء "كورونا"

بقلم: معين محمد رجب

معين محمد رجب

إن هذه المرحلة التي تعيشها بلدان العالم وشعوب الكرة الأرضية قاطبة أحوج ما تكون إلى الدور الريادي للحكومات خاصة وللأفراد عامة، إن هذه المرحلة فرضت على أعداد هائلة من البشرية التوقف عن أعمالهم والالتزام بالمكوث في بيوتهم، ويشمل ذلك أكثر من مليار نسمة من الاطفال والبالغين والكبار في مراحل التعليم المختلفة من رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي، إن غالبية العاملين الذين توقفوا عن أعمالهم خاصة عمال المياومة والأعمال الفردية غير المنظمة لا يتوفر لديهم مورد منتظم يكفي ضروريات الحياة، هذا إضافة إلى تعطل كم كبير من المؤسسات الإنتاجية في الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات بما في ذلك النقل والمواصلات والطيران الجوي والنقل البحري وحركة السياحة والمطاعم والفنادق ودور العبادة والمراكز الثقافية والترفيهية للصغار والكبار.

        إن كل هذه المؤسسات التي توقفت عن أعمالها واجهت خسائر جسيمة بما في ذلك بورصات الأوراق المالية للأسهم والسندات، إضافة إلى إنتاج السلع الاستراتيجية كالنفط الخام الذي تدنت أسعاره لنحو 30 دولارا للبرميل الواحد وبانخفاض يمثل نحو 50% خلال أسابيع قليلة، وغير ذلك من الأمثلة كثير. هذا بجانب أن شركات أخرى نجحت في أن تجد لها أسواق بيع جديدة وطلبات شراء بكميات قياسية خاصة منها: تصنيع الأقنعة والملابس الواقية وأجهزة الفحص والتنفس والأدوية والعقاقير والمستهلكات الطبية. وبمعنى آخر فإن هذه المرحلة قد شابها الكثير من خلط الأوراق والتطورات والقرارات المصاحبة لها، فمنها ما اتصف بالرشد والسلوك الاقتصادي العقلاني، ومنها من اتخذ سلوكا طائشا أو بعيدا عن هذا الرشد. وبالمحصلة فإن المواطن العادي في النهاية هو من يتأثر بهذه السلوكيات إيجابا وسلبا. وتبقى مسئولية السلطة على المستوى الحكومي والقطاعين العام والخاصة وعلى المؤسسات غير الربحية وحتى التي تعمل طوعا وفي المجال الإنساني عليهم جميعا: المبادرة الذاتية والتلقائية –أمام الجائحة التي نعيش- للقيام بدورها الواجب القيام به والذي يصب في إطار توفير السيولة النقدية في الأسواق المحلية لدى كل منها، من أجل تحريك عجلة النشاط الاقتصادي ودفعها نحو الدوران والنماء، مع ما يصاحبه ذلك من نشاط استهلاكي وانتاجي في آن واحد له مردوده الكبير على الأمدين القصير والطويل.

        وفي هذا الإطار الإيجابي نشير إلى عدة خطوات اتخذت في الجانب الفلسطيني فيما يتعلق بصرف الرواتب الحكومية كاملة لهذا الشهر "آذار/ مارس" ومنها ما يتعلق بإلغاء العمل بالتقاعد المالي القسري بدءا من شهر "نيسان/ إبريل" لمن يرغب، هذا بجانب خطوات أخرى من الجانب الإسرائيلي نحو إزالة الحواجز المانعة لحركة تنقل العمال الفلسطينيين رغبة من أصحاب الأعمال في استمرار تشغيل منشآتهم وتنفيذ مشاريعهم.

        وعلى مستوى الدول الكبرى فإن قيام الولايات المتحدة بضخ نحو 2.2 تريليون دولار في السوق الأمريكية سواء لأغراض انتاجية أو استهلاكية له مزايا عديدة في مجال الوصول إلى التعافي خاصة وأن هذه المخططات تمثل نسبة عالية من الناتج المحلي الأمريكي وكذلك على المستوى العالمي، علما بأن مردود هذه الخطوة سيمتد إلى بلدان العالم الأخرى بحكم الترابط والتشبيك والعلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الدول. إن هذه المخصصات لها ما يبررها ولها ضروراتها خاصة وأن هناك احتياجات يومية أساسية للإنسان من الطعام والشراب والكساء والدواء واحتياجات اخرى فرضتها متطلبات الحد من انتشار وباء "كورونا الجديد" كإعادة ترميم وتجهيز المشافي والمراكز الصحية ومراكز إيواء المصابين والمرضى الآخرين.

أ.د. معين محمد رجب

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت